اللواء / عبدالحميد خيرت
يعود عدم اتخاذ دول أوروبا قرار حاسم تجاه تنظيم الإخوان لمخاوفهم الكامنة من انعكاس القرار على المجتمع الأوروبي ناهيك عن أن العلاقة الوثيقة بين قيادات الجماعة ومراكز صنع القرار الأوروبي..ورغم كل مساعي الإخوان للسيطرة على المجتمعات المدنية الأوربية فقد انفضحت ازدواجيتها الأخلاقية، وتكشفت اغراضهم واستغلالهم للأجواء الديمقراطية الأوروبية المتاحة للجميع لتنفيذ أجندتهم.
وتعد سويسرا الأنموذج الواضح لتحقيق استراتيجيات الإخوان لاسيما في مدينة “جنيف” وذلك لقربها حدوديا من ثلاث دول هي فرنسا وألمانيا وإيطاليا.. لقد أصبحت سويسرا بمصارفها وبنوكها العتيدة وساعاتها الفخمة والشوكولا الشهيرة أحد أهم مصادر تمويل جماعة الإخوان الإرهابية في أوروبا.. وقد قامت خطتهم الذكية على استخدام أسلوب “التقية” والالتواء.. ولم يتوان الإخوان الإرهابيون عن استغلال قيم الحياد التي تطبقها سويسرا لبسط نفوذهم فى أوروبا. كما انتشروا كالنار في الهشيم على كل مستويات الدولة - هم واتباعهم - للحصول على جنسيات أوروبية وتحديدا سويسرية للمشاركة في الأنشطة السياسية على مستوى البلديات وقد أفادهم هذا التخطيط في التصدي لأية توجهات أثيرت ضدهم، علاوة على بسط نفوذهم واستقطاب صناع القرار داخل المجتمع الأوروبي .
لكن على ما يبدو أن الجماعة الإرهابية الآن باتت في مهب الريح.. لوقوع قادتها ومموليها وجناحها العسكري في مآزق عدة.. هي كالتالي بالترتيب؛
• مأزقهم الأخلاقي باتهام حفيد مؤسس الجماعة (طارق رمضان) باغتصاب سيدة من أصل مغاربي (هند العياري) وما أن هدأت الصحف عن التحدث بهذا الشأن حتى أثيرت من جديد القضية ولكن بعدة نساء تقدمن بشكاوى متتالية ضده.. وحين كتابة هذه السطور صدرت دعوى جديدة بشأنه ولكن ليس وحده.. بل هو وبعض مساعديه.. في اغتصاب جماعي.. ناهيك عن التهم الموجهة له بتزوير شهادة الدكتوراه.
• مأزقهم الدعوي "المساجد":
انكشفت إستراتيجية الإخوان بإحكام قبضتهم على الجاليات المسلمة من خلال السيطرة على المساجد والمراكز الإسلامية.. وقدموا أنفسهم للمجتمع السويسري على إنهم دعاة سلام.. ولكن حينما دعا إمام مسجد النور قرب “زيوريخ” خلال خطبته إلى قتل المسلمين الذين يرفضون المشاركة في صلاة الجماعة وطلب من الحاضرين الوشاية بهم.. قامت الشرطة على الفور بتوقيفه هو وثلاثة من مرتادي المسجد.. علاوة على ذلك كشفت التحقيقات عن أن العديد من الشبان الذين كانوا يرتادونه التحقوا بتنظيم داعش في سوريا.
• مأزقهم مع الاستخبارات التي حذرت من أن هناك مدنا سويسرية بأكملها تعد بمثابة “قاعدة تفريخ للجماعات الإرهابية”، وأبرزها مدينة “تيشينو” الواقعة على الحدود السويسرية الإيطالية، والتي يستخدمها تنظيم الإخوان كقاعدة رئيسية له لتجنيد عناصر جدد منذ عام 2001.
• مأزق قيادات الجماعة المالي:
كشفت التحقيقات عن علاقة وثيقة بين التنظيم الدولي ومجموعة “لوجانو” للنفط والغاز، التي يديرها حازم ندا نجل الإخواني البارز يوسف ندا، بالإضافة إلى علاقاتها أيضا مع مجموعة “لورد إينرجي” للطاقة، التي يديرها يوسف همت وابن أحد المقربين من يوسف ندا.ويعد يوسف ندا أحد أبرز القيادات في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، والذي وجهت له اتهامات عديدة بأنه يقود الكيان المالي للتنظيم لدعم أنشطة مشبوهة مرتبطة بالإرهاب.. وأيضا حسن ابو يوسف الذي يمتلك عدة شركات لتجارة المنسوجات والملابس وفي مجال العقارات.. وقد وضعوا جميعهم تحت الإقامة الجبرية ومازالت التحقيقات مستمرة.
مأزق جمعياتهم في طول البلاد وعرضها:
أجرى جهاز الاستخبارات السويسرية تحقيقات سرية بشأن التمويل الذي حصل عليه جماعة الإخوان المسلمين من الدوحة. كذلك حصول تنظيمات وشبكات إرهابية تختبئ تحت ستار المساعدات الإنسانية ومنظمات إسلامية. وحصلت الاستخبارات على معلومات تتعلق بقائمة الشخصيات الداعمة للإرهاب وهذه الجمعيات تنتشر في شتى المدن السويسرية منها على سبيل المثال لا الحصر:
كانتون- لوزان- جينيف- نوشاتيل – زيوريخ – لوجانو- بيرن.
والمثير للسخرية أن كل هذه الجمعيات كانت تدعي السلمية.. ولم تكشف عن مصادر تمويلها الأصلية سواء من تركيا أو الدوحة. بل أن التحقيقات أثبتت أن هناك قيا\ات خطيرة بإنجلترا تمول الجمعيات السويسرية بهدف إحكام قبضتهم على أوروبا قاطبة.
يبقى سؤال ملح.. هل الطبقة السياسية والإعلامية السويسرية ساذجة وسقطت ضحية الخداع الذي يمارسه الإسلاميون بقيادة الإخوان، أم يصل الأمر إلى حد الحديث عن تواطؤ ما؟ هل ستنتصر المعارضة وتتوقف هذه المسرحية الهزلية؟ هذا ما سوف تثبته الأيام.
نقلا عن جريدة الأهرام