سأل كارامازوف الأب الراهب عن نصيحة توهبه الخلاص الأبدى . قال الراهب : " فقط لاتكذب على نفسك أبدا"
ديستويفسكي
ـــــــــــــــــــــــــ
سليمان شفيق
تطور ايجابي يحدث الان في الوسط الخاص بالمواطنين المصريين الاقباط المسيحين ، حول "الهوية القبطية" من جهة وما يسمي "بالتراث العربي المسيحي من جهة اخري" ، وبداية اود ان اسجل:
اولا : انني كنت من تيار قبطي مسيحي قليل العدد دافع عن القضايا العربية بما في ذلك القتال من اجل القضية الفلسطينية ، تارة بالسلاح واخري بالسلام .
ثانيا : ان المواطنين المصريين الاقباط المسيحيين وقفوا في أشد لحظات اضطهادهم مع العرب ضد الصليبيين وضد التتار وضد الصهاينة في حين أن باقي المسيحيين الذين يتذرعون بالعروبة الان كان أجدادهم في الشرق مع الفرنجة "الصليبين" ، وبعضهم مع الصهاينة حتي الان .
ثالثا : كنت منذ مطلع الثمانينات اهتم وادرس (الملل والنحل والاعراق والاقليات العرقية والدينية والثقافية ) من منظور محاولة الاجابة علي سؤال : لماذا فشلت الوحدة العربية رغم اهميتها ، فكانت احدي الاسباب الاساسية للفشل هو محاولات صهر ،تلك "الاقليات او الملل او النحل او الشعوب" في الوعاء العربي وتعريبها ، ومن ثم شاركت في معجم كمساعد لاستاذي الدكتور سعد الدين ابراهيم ، واثبتنا ان فشل الوحدة ارتبط بمحاولات صهر ودمج قسري لهؤلاء ، بل ايضا فشل ستالين في الاتحاد السوفيتي السابق وفشلت الدولة العثمانية لنفس الاسباب الخ
رابعا : شرفت بالمشاركة في صياغة الاعلان العالمي لحقوق الاقليات الذي اقرته الجمعية العامة للامم المتحدة 1992 ، ثم شرفت بأن اكون منسقا لمؤتمر بهذا الاسم وللاسف وقف ضدة اغلب الاقباط (ما عدا انطوان سيدهم ود . جابر بسطا والمحاميان نبيل عزمي وممدوح رمزي ) واصدر الباقين بيانا مع الناصريين والقوميين واليساريين والاخوان ، ونقل المؤتمر الي ليماسول ، واتفقناعلي "كون الاقباط اقلية ام لا غير ذي صلة بمهمومهم ومشاكلهم". ورحب بنا قداسة البابا شنودة الثالث والتقي بنا ونشرنا اللقاء والحوار في مجلة المجتمع المدني مايو 1994، ورغم الخلاف حول المؤتمر الا ان احدا لاينكر انه كان الاساس الموضوعي لطرح الاشكاليات القبطية علي جدول اعمال الحركة الوطنية والاعلام والبحث، بل واسست اول وحدة لدراسة هموم الاقباط 1994 ، ثم شرفت من 1996 بتأسيس مركز التكوين الصحفي بصحيفة وطني تحت اشراف المهندس يوسف سيدهم والذي استطاع تخريج اكثر من 60 صحفيا من المسلمين والااقباط تأسس من خلالهم ما يسمي بالملف القبطي في الاعلام والصحافة .
خامسا :لا اختلف علي ان هناك "تراث مسيحي منقول للعربية او كتب بالعربية "، بل وان هناك مسيحيين عرب ، اذن اين الخلاف ؟
الخلاف فيما طرحة الراهب سمير خليل اليسوعي في ان الاقباط المسيحيين عرب ؟!! وان ينسحب ذلك علي الدراسات التي يتبناها مركز تابع للكنيسة القبطية الارثوزكسية التي تمثل الاغلبية من المسيحيين ، وهنا يجب ان نؤكد علي بعض النقاط :
1ـ ان كنائسنا العريقة الثلاثة : القبطية الارثوزكسية والقبطية الكاثوليكية والقبطية الانجيلية ، كانت قبطيتها تؤام ملتصق مع عقيدتها ، تخطت تلك الهوية الخلافات العقيدية من جهة ، بل وسبق لاهوت الوطن والهوية لاهوت العقيدة .
2ـ ان الكنيسة الرومانية العتيدة، حافظت علي تلك الخصوصية وهناك ما يسمي بالمجمع الشرقي ، كما ان الاساقفة والمطارنة الاقباط الكاثوليك يحافظون علي الهوية والطقس القبطي ويمنعون التداخل بين الطقوس اللاتينية والكاثوليكية الاخري والطقس القبطي ولدي ما يثبت ذلك مع احترامي للكنيسة اللاتينية.
3ـ رغم ان الكنيسة الانجيلية كنيسة مشيخية روحيا ، وعقيديا ،الا انها لاتربط بينها وبين الكنيسة الامريكية من حيث الهوية وتؤكد علي انها قبطية انجيلية .
سادسا : اذن لست ضد دراسة التراث المنقول للعربية للمسيحيين سواء اقروا بعروبتهم او كانوا عرب اللسان ولكن بكل المعايير العلمية الاقباط المسيحيين ليسوا عربا كما يدعي الراهب سمير خليل ،وتراثهم حتي ظهور اعتماد اللغة العربية في القرن العاشر من قبل البطريرك غبريال بن تريك ، وفي هذا الاطاريقول الباحث و والمفكر د.عياد بشارة ، اللغات الهيروغلفية والقبطية ظهرت منذ فجر التاريخ وقبل ان تري لغة القبائل العربية النور ويضيف 😞 عندما ينقش البعض بضع كلمات أو أسماء ليجعل منها دليلا وبرهانا علي أن العربية هي الوريث الشرعي للغة المصريين القدماء ، وأن هؤلا القدماء من المصريين إنما كانوا يتحدثون العربية عبر كل العصور !.. عندما يتفضل البعض بطرح مثل هذه الإراء أو الحجج ، لانملك سوي الدهشة وربما بعض الأسف) ويضيف :
(لو كان الأمر علي هذا النحو فقد يكون في طرح الأسئلة بعض الفائدة .. ربما تحرك لدي القائلين بمثل هذا القول ، أو تثير لديهم الرغبة في مراجعة الذات ، أو محاولة البحث في بعض المراجع ويمكن أن نمدهم بقائمة طويلة باسمائها وأسماء من كتبوها من المصريين والأجانب.. كانت مصر بحكامها وجيوشها ذات تاثير في منطقتها ، أعطت وأخذت ، ولم تكن هناك قبائل ( عربية ) ولكن كانت هناك شعوب وحضارات إن لم تتساوي مع حضارة مصر فإنها لاتقل عنها ، كما كانت هناك علاقات بين هذه الشعوب والحضارات فهل كان ذلك يجري بغير لغات تتحدث بها تلك الشعوب ؟) ويضيف :
(حتي لا أسترسل .. كانت هناك لغة في ظل هذه الحضارات قبل أن تكون هناك قبائل عربية ، وكانت هناك صور تعبر عن معاني في المراحل المبكرة ( الهيروغليفيه ) ومع المزيد من الإكتشافات والمعارف وقصورالصور عن تأدية التعبير)
عن المعارف الجديدة عم التوصل إلي إكتشاف رموز تحل محلها في الكتابه ( الهيراطيقيه ) وعلي نفس الوتيره تطورت رموز الكتابة ( الديموطيقيه ) حيث إتسعت المعارف وتعددت الإكتشافات لكن الأصوات باقية هذه الأصوات هي مانطلق عليه ( الجبتيه / القبطية ) مع إستعارة رموز الكتابة اليونانية عدا 7 رموز .. ومن يريد الوقوف علي اللغة المصرية القديمة وعلاقتها ببعض الأسماء والألفاظ في اللغة الدارجة عليه البحث عنها في ( الجبتيه / القبطية ) وليس في العربية ياسادة . ) انتهي كلام عياد بشارة .
سابعا: الخطر في اتباع منهج الراهب اليسوعي سمير خليل هو بداية اختراق لنسق فكري وعقيدي ولاهوتي يسحبنا رويدا رويدا من عمق تراثنا القبطي نحو الانصهار في التعريب وللاسف يحدث ذلك في الوقت الذي اقرت الامم المتحدة يوم للاقباط ، وبدأ جوجل يقر اللغة القبطية ، وبدات بعض الجامعات المصرية والاجنبية تدريس "الحقبة القبطية" ؟!! هذا التسرب سوف يؤدي خلال سنوات وفي ظل ثورة المعرفة والاتصالات علي الجهاز علي الهوية القبطية ، ليست هذة توجسات بل مخاوف مشروعة في عالم جديد تنسحب فية بريطانيا العظمي دفاعا عن الهوية البريطانية .
بالطبع لا انسي ان اؤكد احترامي لكل الدارسين لهذا الشأن،سواء اكليروس او رهبان او مدنيين ، مع اعتباري ان بعض الاستعلاء من باحثين شباب واعدين يعبر عن الازمة كونهم يدافعون عما يدرسون ليس بصفتة "علم ونسبي بل ايمان مطلق" ، واشعر بالاسف علي اساتذتهم الذين درسوهم العلم ولم يدرسوهم الاخلاق العلمية وقبول الاخر مما ادي الي الاستعلاء والتهجم علي المختلفين معهم حتي وصل الامر ببعضهم اتهام من سبقوهم بالجهل وعدم التخصص رغم انهم في سنة اولي بحث ؟!!
واخيرا ، الامم التي دافعت عن تراثها بدماء لامتناهية وصدت اضطهادات متتالية ،لاتسلبها تراثها ابحاث، لان ما كتب بالدم لا يمحوة او يسلبة بحث.
اقول قولي هذا واستغفر الله للقبط والعربان ولشخصي الضعيف .