صفوت البياضي
كتبت سابقًا حول الأمراض المستعصية، وفى مقدمتها مرض السرطان، لكن ليس هذا الداء وحده هو الذى يهدد حياة الإنسان، فهناك أمراض أخرى، وحتى يومنا هذا لا علاج لها، ومنها: التهاب العظم والغضروف، والمفصل هو مكان التقاء بين عظمتين أو أكثر، والذى يمكنهما من تحريك المفصل بشكل طبيعى، ويتيح الحركة لتكون بشكل حر وبدون ألم، وذلك بفضل نسيج مرن أملس يسمى «غضروف»، يغطى أطراف العظام.
الالتهاب فى هذه المنطقة يسمى الفصال العظمى، وهو النوع أكثر شيوعًا ويسبب التهاب المفاصل، ويرتبط هذا المرض بتحميل الغضروف على المفاصل، وهو من أكثر الالتهابات ألمًا، ويظهر هذا المرض فى مفاصل ذوى الأوزان الثقيلة، ويتأثر معظم أجزاء الجسم بهذا المرض، ويشتد ألمه فى الركبتين وفى العمود الفقرى، كما يؤثر على أصابع اليدين والقدمين، ويزداد الألم شدة بقدر زيادة الوزن على الوزن الطبيعى للإنسان.
وبشكل عام، لا يصيب هذا المرض مفاصل أخرى، إلا إذا كانت قد تعرضت إلى إصابات سابقة أو ضغط كبير. والغضروف هو مادة مستقرة ومرنة تغطى أطراف العظام فى المفاصل الطبيعية كما يقول الإخصائيون، ووظيفته الأساسية منع الاحتكاك فى المفاصل، كما أنه يعمل كعازل للصدمات، وقدرة الغضروف الطبيعى والسليم على كبح الصدمات تنبع من قدرته على تغيير شكله عند الضغط عليه، ويؤدى المفصل العظمى إلى جعل الغضروف فى المفصل صلبًا وفاقدًا مرونته، ولذلك يكون أكثر عرضة للإصابة، ومع مرور الوقت يتآكل الغضروف، وتتشدد الأوتار والأربطة مما يسبب آلامًا كلما ساءت الحالة لاحتكاك العظام بعضها ببعض.
ويضيف المتخصصون القول: إن التهاب العظم والغضروف تشخيصه لا يغيب عن أطباء العظام وهم يبادرون بالتشخيص، والعلاج فى مرحلة مبكرة متوقف على اللجوء إلى الإخصائيين فور ظهور الأعراض، فالتأخير ليس فى صالح المريض، وكذلك ضياع الفرص باللجوء إلى الوصفات البلدية، والإقدام على ما يقدمه مدّعون لا إخصائيون. وقد بوركت مصر بوجود أطباء أخصائيين فى العظام يشار إليهم بالبنان والصيت الحسن وعلى المريض ألا يسوف أو يبطئ، فالتأخر فى اللجوء إلى الطبيب المختص لن ينتج عنه إلا تفاقم الحالة حتى تصل إلى درجة من السوء- ومع ما يصاحب هذا من اشتداد الألم- فيصبح حينها من الصعوبة بمكان إعادة المفصل إلى وضعه الطبيعى، وحتى لا يلقى باللوم على الأطباء، فإن الملامة تقع على المريض المتأخر فى عرض حالته على الأخصائى، وهنا فإن إعادة المفصل إلى أداء وظيفته الأصلية يتوقف على سرعة اللجوء إلى الأخصائيين مع شرح وافٍ لتاريخ بداية المرض وإجراء الفحص الشامل على كل الجسد والاستعانة بصور الأشعة.
وعن علاج الالتهاب الذى أصاب المريض، فمن أهم وسائله تخفيض وزن الجسم مع تخفيف العمل المضنى، أو القيام بحركة فجائية باتجاه خاطئ مع نظام غذائى يحقق التوازن الذى ينصح به الطبيب المختص، وبدون تعاون المصاب لا يمكن تحقيق النتائج الجيدة المرجوة منه والمنتظرة من الطبيب المختص.
وهكذا تتعدد الأمراض وتختلف الأعراض، ومع كتابة هذه السطور بلغنى عن وعكة صحية تعرض لها أحد الأصدقاء، وبالسؤال بعد دخوله فى مراحل من الكشف عن سر هذه المباغتة «ومن المبادئ العلاجية فى الولايات المتحدة ألا يقدموا أدوية للمريض أو المصاب قبل معرفة سبب الوعكة التى تلم بالمريض دون مقدمات أو سابق إنذار»، وبعد التحاليل اللازمة والصور التى تبرر هذه الوعكة كان التقرير أن فيروسًا مهاجمًا لا يزالون يجرون عليه الأبحاث- حيث إنه فيروس غير معلوم الهوية حتى تاريخ كتابة هذا المقال- وتجرى عليه الدراسة، لكنه لم يترك أى آثار سلبية، ولكن المعامل تقوم بدورها للوصول إلى طبيعة هذا الفيروس، وأسباب هجومه، وآثاره المحتملة، آجلًا، أو عاجلًا. ومن سياق واقعة كهذه، يمكن تحليل الموقف الذى اتفق أهل الاختصاص عليه أنه ليس الرضا بأنه زائر رذيل قام بزيارة الجسد، ثم عبر غير مأسوف عليه، ولم يترك أثرًا فى ضحيته، بل هو مجال للدرس والبحث، حتى لا يكرر هذا الزائر محاولاته، وليس فى كل مرة تسلم الجرّة، حيث لا يوجد زائر بهذا القدر من الهجوم العنيف دون تعقبه والقضاء عليه دون شفقة، فجسد البشر ليس بالأمر الهين حتى تُترَك الفيروسات تهاجم خلق الله، فالإنسان قمة خليقة الخالق لا تنافسه مخلوقات أخرى، فهو قمتها، أودعها الخالق الكرة الأرضيّة، وقريبًا الكرة القمرية، فلا أقل من رعايته والعناية بكل صغيرة أو كبيرة تهاجم قمة خليقة الخالق.
نقلا عن الدستور