سليمان شفيق
تغييب المقرر المسيحي
وتؤكد مصادر متطابقة تعمد وزارة التربية والتعليم تغييب مقرر التربية المسيحية من المدارس بصورة متعمدة بالتزامن مع الحملة الشرسة التي شنتها السلطات على الكنائس والمواطنين والمنشآت الكنسية في البلاد. وتقول المصادر أن الوزارة استخدمت أساليب مختلفة لتحقيق إقصاء التربية المسيحية من المدارس مثل إلغاء الحصص ومنع تدريس التربية المسيحية وعدم توفير الاساتذة لتدريس المادة وغيرها من الأساليب المقصودة لتغييب المقرر المسيحي.
ويكشف الاستاذ كوكو مختار عن غياب تدريس مادة التربية المسيحية في كافة المدارس الحكومية في العاصمة الخرطوم، مشيرا إلى رفض بعض المدارس بمحلية أمدرمان تدريس مادة المسيحية رغم موافقة مكتب التعليم بأمدرمان السماح بتدريسها. ويقول مختار ل (عاين) رغم حصولنا على موافقة مدير مكتب التعليم بأمدرمان على فتح فصول لتدريس المسيحية في بعض المدارس الحكومية بالمحلية إلا أن مديري مدرستي وادي سيدنا والثورة الحارة 22 رفضا السماح بتدريس المادة. ويضيف:”دعنى أقول لك بأنه في كل المدارس الحكومية في الخرطوم لا تقوم أي مدارس حكومية بتدريس حصة مدرسية للتربية المسيحية وهذا لا يحدث إلا في المدارس الخاصة".
أما في مدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق التي اندلعت فيها الحرب مجدداً في سبتمبر 2011م فقد قامت السلطات الحكومية بالولاية بإغلاق مكتب المدرسين المسيحيين بمكاتب التعليم بالولاية فور إندلاع الحرب ورفضت السماح للمتطوعين بتعليم التربية المسيحية للطلاب بتدريسها، حسب مصدر تحدث لـ (عاين) طالبا حجب اسمه لاسباب أمنية.
وسألنا مدير مدرسة دار السلام محمود عبد اللطيف عن سبب غياب حصة للتربية المسيحيين بالنسبة للطلاب المسيحيين في المدارس فعزا الأمر لعدم قيام وزارة التربية والتعليم بعد إنفصال جنوب السودان بتعين استاذة لتدريسها باعتبار ان اغلب الطلاب المسيحيين كانوا جنوبيين. وحينما أشرنا لوجود طلاب مسيحيين من مناطق أخرى بالسودان كالأقباط وجبال النوبة والنيل الأزرق رد علينا قائلاً:
”إذا عينت لنا الوزارة أستاذاً للتربية المسيحية فسنقوم بوضع مادته ضمن الجدول الدراسي".
من جهته يوضح الخبير التربوي المسيحي صمويل يوحنا بأن مشكلة تعيين المعلمين لتدريس التربية المسيحية مرتبط بشقين الأول عدم وجود تعيينات من الوزارة والثاني لعدم وجود أموال للكنيسة لدفعها كرواتب لأولئك المعلمين مع وجود عراقيل إدارية أخرى كرفض بعض المدارس السماح بفتح فصول مسائية لتدريس هذه المادة دون غيرها.
توجهنا لوزارة التربية والتعليم بغرض الحصول على إحصائيات للطلاب الذين يدرسون أو يجلسون لامتحانات التربية المسيحية لكن مسئوليها رفضوا الإدلاء بأي معلومات وطلبوا منا إحضار خطاب رسمي.
ومن الضروري هنا الإشارة لعدم وجود إحصائيات دقيقة حول عدد الطلاب الذين يدرسون مادة التربية المسيحية أو حتي لعدد المعلمين المتطوعين الذين يقومون بتدريس المادة للطلاب مع ملاحظة تزايد الحاجة لوجود مدرسين للتربية المسيحية لا سيما عقب الهجرة العكسية صوب السودان من دولة جنوب السودان بعد اندلاع الحرب الاهلية فيها في ديسمبر 2013م التي أدت لتوافد الآلاف من الأسر الجنوب سودانية للسودان عموماً وللعاصمة الخرطوم على وجه الخصوص.
اتهامات للكنيسة
لكن مصدر بالكنيسة الكاثوليكية طلب حجب إسمه حمل الكنيسة قدر من المسؤولية المترتبة على إهمال تدريس التربية المسيحية بالمدارس، مبيناً أنه بإمكانها متابعة هذا الأمر في كل أنحاء البلاد، بجانب وجود كنائس يمكن تدريس الطلاب التربية المسيحية فيها وأضاف:”للكنيسة قدرة على التحرك القانوني وحتى ممارسة الضغط على الحكومة لتشديد على ضرورة تدريس مادة التربية المسيحية للطلاب".”
فيما يضيف الأستاذ كوكو مختار اتهاما جديدا للكنيسة بقوله أنها تتدخل وتطلب من المعلمين منح الطلاب الدرجات الكاملة في الامتحانات النهائية التي تقوم الكنيسة بمراقبتها ويضيف:”ولذلك حينما يتم تصحيح هذه الامتحانات من دون رقابة الكنيسة تظهر نتائج متدنية جداً بسبب تدخلاتها تلك .. لذلك نفضل أن يكون التدريس للتربية المسيحية في المدارس الحكومية بعيداً عن سيطرة الكنيسية” وأردف بشي من الحسرة:”لكن في ظل منع تدريس التربية المسيحية في المدارس فلم يصبح لدينا خيار آخر.”