يلهو ويمرح دون أدنى شعور بالخوف، وما الداعى والحياة فى عيونه الصغيرة حلوة، تلك العيون التى حين تنظر إليها تجد فيها البراءة والسلام النفسى، وتلك اللمسة التى لن تشعر بمعناها إلا حين يمسك أحدهم بيده ليضع كامل ثقته فى ذلك الشخص، إلى أن يٌصدم فى نوايا المجرم الخائن لثقته.
دائماً يحكم الأطفال على الآخرين من المظهر الخارجى فقط وليس عن طريق دوافعهم الداخلية، وينشأ معظمهم على أن الراشدين على صواب ومن الضرورى إطاعة أوامرهم، وهو ما يجعل المعتدى فى عين الطفل شخصا يجب إطاعة أوامره، حتى لا يعرض نفسه للتوبيخ أو العقاب.
تشير دراسة أعدتها الدكتورة فاتن عبدالرحمن الطنبارى، أستاذة الإعلام المساعد فى معهد الدراسات العليا بجامعة عين شمس، إلى أن الاعتداء الجنسى على الأطفال يمثل 18% من إجمالى الحوادث المتعلقة بالطفل، وفيما يتعلق بصلة مرتكب الاعتداء، أشارت الدراسة إلى أن النسبة تمثل 35% من مجموع الحوادث، ويكون فيها المعتدى له صلة قرابة مباشرة بالطفل الضحية، بينما نسبة 65% لا صلة تجمعهما بينه وبين الطفل.
الجرائم فى تزايد مستمر طبقا لرصد المجلس القومى للطفولة والأمومة، وهو الجهة المعنية بالطفل فى مصر، التى رصدت 366 حالة استغلال جنسى للأطفال خلال الفترة من 2012 حتى 2015، و120 حالة خلال النصف الأول فقط من عام 2016، ليصبح العدد حتى يونيو2017، 486.
واستجاب المجلس القومى للأمومة والطفولة، لمطالبات مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى، وتقدم ببلاغ إلى النائب العام، لفتح تحقيق فى واقعة «استغلال زوجين لطفلتهما، ونشر فيديوهات مسيئة لها عبر مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك بغرض الشهرة».
وعلقت الدكتورة عزة العشماوى، الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة، على البلاغ بقولها إن «النائب العام أمر بإحالة البلاغ إلى نيابة جنوب القاهرة الكلية للتحقيق فى الواقعة تحقيقا قضائيا واستجواب والدى الطفلة ومواجهتهما بمضمون البلاغ، وإرسال صورة من الأوراق والتحقيقات إلى نيابة الطفل المختصة لإعمال شؤونها».
وكان زوجان يدعيان أحمد حسن 23 عاما وزينب محمد، 20 عاما، نشرا فيديوهات لتفاصيل حياتهما منذ زواجهما مرورا بحمل الزوجة وحتى ولادة طفلتهما «إيلين»، وأثارت الفيديوهات غضب رواد مواقع التواصل، وطالبوا بالتحقيق مع الزوجين، وعلى أثره تقدم عدد من المتابعين ببلاغات للمجلس القومى للأمومة والطفولة الذى استجاب وقام باتخاذ إجراءات قانونية عاجلة ضد الزوجين.
وذكر المجلس القومى للأمومة أن الزوجين استغلا طفلتهما وصوراها لتحقيق نسب مشاهدة وللتربح والكسب، وذلك فى صورة مسيئة تهدد التنشئة السليمة للرضيعة، وحققت فيديوهات الزوجين مشاهدات بلغت 250 مليون مشاهدة.
وتنص المادة 291 من قانون العقوبات على أن «يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تجاوز 200 ألف جنيه كل من باع طفلا أو اشتراه أو عرضه للبيع، وكذلك كل من سلمه أو تسلمه أو نقله باعتباره رقيقا، أو استغله جنسيا أو تجاريا، أو استخدمه فى العمل القسرى».
وفى هذا السياق يقول الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستورى، إن تغليظ عقوبة الاعتداء على طفل سيكون مانعا قويا للجريمة، كونه ينذر ويجبر المعتدى على مراجعة نفسه قبل الشروع فى ارتكاب الجريمة، وينذره بما سيقع عليه من عقاب جراء ارتكابه لجريمته.
وفيما يتعلق بالأحكام الصادرة ضد مرتكبى جرائم الاعتداء، أوضح الفقيه الدستورى أن القضاء لا يتهاون مع هذا النوع من الاعتداءات أو غيرها، حتى إنها أدرجت تحت بند جناية وليس جنحة.
وأوضح «شوقى» أن الأحكام الصادرة على المعتدى تتراوح ما بين 3 و15 سنة، وقد تصل إلى السجن المؤبد.
أحيانا ما يرى أهل الضحية أن الأحكام الصادرة ضد المعتدى لا تكون متوافقة وبشاعة الجرم المرتكب من وجهة نظرهم، وهنا يؤكد «شوقى» أن «الأحكام تصدر وفق ملابسات وأدلة وظروف تختلف من جريمة لأخرى، ووفق ما يراه القاضى، ومدى الجرم المرتكب من قبل المتهم الذى يستوجب عقابه».
من جانبه قال الدكتور فؤاد عبدالنبى، الفقيه الدستورى، إن الدستور المصرى فى المادة 10 نص على أن «الأسرة أساس المجتمع وقوامها الدين والأخلاق والوطنية وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها»، وأيضا المادة 80 نصت على «التزام الدولة بحماية الطفل من كافة أشكال العنف والإساءة والاستغلال الجنسى»، والمادة 60 تنص على أن «لجسد الإنسان حرمة والاعتداء عليه أو تشويهه أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها القانون».
وأكد الفقيه الدستورى أن العقوبة تكون أشد حالا كون المعتدى من الأهل أو الأقارب، موضحا أن تغليظ العقوبة وحده غير كاف لردع الجانى، بل يجب إرساء مفاهيم وقيم المجتمع المصرى والاهتمام بالوازع الدينى.
يذكر أن منذ أيام قليلة، استقبلت مستشفى بنها الجامعى، طفلة تبلغ من العمر 4 سنوات، مصابة بكدمات وتورم بالجسم، واتهم ذووها زوجة أبيها المقيمة معها فى المنزل نفسه بالتورط فى إصاباتها، لتأتى هذه الواقعة فى نفس توقيت تعذيب زوجة الأب لطفلة أخرى تدعى «هبة» فى دمياط.