- مؤلف كتاب "السلفية": حالتنا الراهنة هي الحالة المُثلى لمجتمع أُرهب فيه العقل باسم الحفاظ على الهوية والدين
- بمتحف بيت الأمة: الجيش والشعب والشهداء والهلال والصليب مجتمعين
- ساندوتش حرية!
- وزير الثقافة: الاحتفالات بمئوية "محفوظ" أكبر رد على محاولات التشويه التي تحاول التقليل من قيمة إبداعه
- د. "أبو غازي": "نجيب محفوظ" نادى بالدولة المدنية واحترام المواطنة وهي شعارات ثورة يناير
- ممكن يمنعوا الـ sex؟
- "أيمن شلقامي" لـ"مصريون بين قوسين": في هذه الفترة يوجد اتفاق للإخوان مع جناح داخلي وجناح خارجي
- عودة المرأة للبيت
- مؤلف كتاب "السلفية": حالتنا الراهنة هي الحالة المُثلى لمجتمع أُرهب فيه العقل باسم الحفاظ على الهوية والدين
- القمص "سمعان إبراهيم": بنعمة الرب قبل أن ينتهي العام سنرى عظمة الرب وسنرى إعلان الله عن ذاته في "مصر"
مؤلف كتاب "السلفية": حالتنا الراهنة هي الحالة المُثلى لمجتمع أُرهب فيه العقل باسم الحفاظ على الهوية والدين
* الكاتب والباحث "أحمد زغلول شلاطة":
- السلفية كمنهج أرحب بكثير من الواقع الحالي الذي يمثل حالة من السلفية الضيقة أو المشوهة.
- الفكر الديني للسلفية لا يواكب متغيرات العصر، والجمود يرادف التعصب والتطرف.
- الدعوة الوهابية لم تتصد للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
- مع حالة التدهور الحضاري للمسلمين وانهيار المشروع القومي كان الدين هو الحل!.
- الطائفية ورقة يحرِّكها الداخل الجاهل والخارج المستعمر.
حوار: ميرفت عياد
إن السلفية حالة فكرية أساسًا حتى وإن اتخذت إشكالًا تنظيمية سواء كانت جماعات حركية أو جمعيات اجتماعية، فهي أسلوب تفكير يميل إلى اتخاذ آراء السلف والركون إليها كما هي، واتخاذها مرجعية للحياة المعاصرة في كل جوانبها.. وللتعرف على المنهج السلفي وأهم ملامحه، وأبعاد العلاقة بين المسلم وغير المسلم في الفكر السلفي، وملامح التطرف، والتوأمة بين التفكير والتكفير في المنهج السلفي، والوضع الديني والسياسي الحالي في "مصر" خاصة بعد صعود التيارات الإسلامية في الانتخابات البرلمانية- كان لنا هذا الحوار مع الكاتب والباحث "أحمد زغلول شلاطة" الحاصل على دبلوم في الدراسات السياسية، والباحث في شئون الحركات الإسلامية، ومؤلف كتاب الحالة السلفية المعاصرة في "مصر"..
في البداية، ما هو تعريفك للسلفية؟
السلفية ببساطة تعني "الرجوع إلى هدي السلف الصالح منذ عهد الرسالة من غير تأويل، فهي أسلوب تفكير يميل لإتخاذ آراء السلف والركون إليها كما هي، واتخاذها مرجعية للحياة المعاصرة في كافة جوانبها. ويتميز المنهج السلفي بعدة سمات، لعل أهمها أن يكون الاستدلال واضحًا بارزًا بآيات من القرآن الكريم وأحاديث صحيحة من السنة النبوية، وأن يكون صريح المعقول موافقًا لصحيح المنقول. ومن هنا فالتأويلات الكلامية التي ترجح العقل على النقل مرفوضة تمامًا في المنهج السلفي، ولكن يجب أن نفرِّق بين المنهج السلفي والحركة السلفية التى نقصد بها الإطار الذي تتخذه هذه المعالم سواء أكان بشكل منظم (هيئة، حزب، جمعية.. إلخ)، أو بشكل غير منظَّم (أفراد)، وتتحرك هذه الحركات تحت رايته وتأخذه مرجعية لها وقاعدة فكرية.
* هل هناك فرق بين الوهابية والسلفية؟
السلفية كما سبق هي أسلوب تفكير، وهي أقدم من الوهابية التي نشأت منذ مائتي عام تقريبًا، ولكن حدث خلط بين المصطلحين وأصبحت السلفية اصطلاحًا مرادفًا للوهابية رغم أن الوهابية جزء من السلفية. ويجب أن ننبّه إلى أن السلف الصالح ليس رؤية فقهية واحدة، ولا اجتهادًا فكريًا معينًا، السلف الصالح منهج رحب، هم التقوا على الأصول وعلى الكليات وما دون ذلك اختلفوا في الفروع. ولكن واقع مدعي السلفية الآن غير ذلك، فالمخالف لهم في الرأي لا يسلم من أذاهم وتهكمهم، ومن نبرة الاستعلاء، وكأنهم هم فقط المسلمون حقًا وغيرهم غير مسلم، وسلاح "التفسيق" و"التكفير" هو الرد الأمثل من وجهة نظرهم على أي مخالف، سواء أكانت المخالفة كبيرة أو صغيرة، في الأصول أو الفروع، والسجالات بين رجال الوهابية والسلفية وغيرهم تشهد على ذلك.
* ماذا عن المنهج السلفي؟
إننا جميعًا سلفيون، فالسلفية كمنهج أرحب بكثير من الواقع الحالي الذي يمثل حالة من السلفية الضيقة أو المشوهة. فلا ينبغي أن نجعل اجتهادات بعض الأئمة أو بعض الأشخاص من الأقدمين عنوانًا للانتماء إلى السلف الصالح ثم نطرح بقية الرؤى وتنوع الأفكار.. هذا لون من الحزبية السلفية الضيقة الذي ضيق ما كان واسعًا عند سلفنا الصالح، ولذلك كانوا يقولون: "إجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة"، فاعتبروا أن الاختلاف في الفروع مظهر من مظاهر الرحمة، وهذا من مظاهر التوسع التي جاءت بها شريعة الإسلام. والمفترض أن منهج السلفي رفض الاحتكار وادعاء الإختصاص بالسلفية، وأن من أهم قواعد منهج السلف عدم احتكار الفهم السليم وأعذار المخالف والحذر من التفرق والدعوة إليه.
* وما هي أهم ملامح الفكر الوهابي؟
تعود الوهابية إلى الشيخ "محمد بن عبد الوهاب" الذي نشأ في "نجد" وتأثر بالشيخ "ابن تيمية" وتلميذه "ابن القيم"، واتخذهما والفقه الحنبلي قاعدة له. وتاريخيًا أفضى التحالف الديني السياسي إلى قيام العرش السعودي، وكان لابد للسياسي أن يرسم مسار الديني في حركة الدولة، فقبول علماء الوهابية بالتحوُّل إلى طبقة إكليروس داعمة للدولة السعودية قد خفضهم تبعًا لقوة الدولة في فرض سلطانها، على أن الدولة حفظت لهذه الطبقة جزءًا من المكتسبات الدينية الضرورية كمتطلب لاستقرار المملكة ومشروعيتها وهيمنتها.
* توجد مآخذ كثيرة على الدعوة الوهابية والسلفية، ما هي أهم هذه المآخذ في رأيك؟
أهم هذه المآخذ يتمثل في: توسعهم في أمر البدع حتى أنهم توهَّموا أمورًا لا صلة لها بالعبادات بدعًا، وغلوهم في استئصال المخالفين، واعتقادهم أن رأيهم هو الصواب ورأي مخالفيهم خطأ لا يقبل التصويب، كما أن الدعوة الوهابية لم تقدِّم النموذج العملي للمجتمع المسلم، ولم تتصد لمشاكل المسلمين الاقتصادية والاجتماعية وأعطت ظهرها للمخترعات العلمية الأوربية، هذا إلى جانب إشاعة التقليد وغلق باب الاجتهاد فلا يواكب الفكر الديني متغيرات العصر، ويظل علماؤه أسرى أفكار الأسلاف، لا يملكون سوى أن ينظروا إلى متغيرات عصرهم بعدسات عصور قديمة، والنتيجة هي الجمود الذي يرادف التعصب والتطرف والنظر إلى كل جديد بمنظور قديم إلا إذا أمكن قياسه على قديم سبق.
* وما هي أبعاد العلاقة بين المسلم وغير المسلم في الفكر السلفي؟
غير المسلم في الإسلام مسيحي أو يهودي له حقوق الأمن والأمان وحرمة ماله ودمه وعرضه، ويُطلق عليهم "أهل الكتاب"، وأحل الإسلام للمسلم أن يتزوَّج من المسيحية، وأحلّ طعامهم والعمل معهم وكافة أشكال العلاقات الإنسانية، ولكن بعض الأفكار المتشدِّدة ترى أن المسيحيين "كفار" بالتفسير الظاهري لإحدى آيات القرآن الكريم "قَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ" رغم أننا عندما نرى في تفسير "القرطبي" مثلًا نجد أن ذلك الأمر ليس عموميًا، ويقول: "هذا قول اليعقوبية"، وزاد "ابن كثير" على هذه الفرقة وأضاف فرقتي "الملكية" و"النسطورية". أنا لا أفتي في هذه المسألة، ولكن أقول كمسلم: إذا كان المسيحيون "كفار"، فكيف يحل الزواج منهم وأكل طعامهم؟ والقرآن أحل ذلك صراحة "وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ". الأمر يجب أن يخرج من سياق المسلم والكافر.. كل صاحب دين يرى غيره كافر بما يؤمن به. يجب أن نعبر هذه الثنائية باتجاه مفهوم المواطنة التي يجب فيها أن يتساوى الجميع أمام الدولة والقانون لا فضل لدين على آخر، والأستاذ "فهمي هويدي" له كتاب رائع عن هذه النقطة صادر منذ عقود طويلة لم يقف أحد أمامه طويلًا، وهو بعنوان "مواطنون لا ذميون".
* ما هو تعريف الدين ووظيفته من وجهة نظرك؟
في البداية، أعرِّف التدين على أنه "تطبيق الفرد للفهم البشري للفقهاء في أمور الدين، وكذلك السلوك الديني لدى معتنق أي دين وطريقه تعامُلهِ في حَياته اليومية كلٍ في إطار مرجعيته الفقهيه واختياراته الدينية والدنيوية". وتؤثر عدة عوامل على الفرد عندما يختار اتجاهًا فكريًا ما أو رأيًا فقهيًا في تشكيل وعيه الديني ومن ثم سلوكه التديني، ومن هذه العوامل وأهمهت: طبيعته الشخصية من ميل إلى التشديد في كافة أموره كي يتجنب أي طريق أو سلوك يؤدي به للخطأ، ومستواه الاجتماعي والثقافي، حيث تتأثر اختياراته طبقًا لمدى وعيه وفهمه. أما وظيفة الدين فهو يلعب عدة وظائف حيوية في حياة الفرد، حيث يملأ الفراغ الروحي له، ويعطيه الكثير من التفسيرات لأمور عجز عقله عن استيعابها، ويجعله قادرًا على مقاومة الضغوط التي يواجهها، ويساعده على تجاوزها.
* المعرفة الدينية لها العديد من المصادر ما هي أهمها؟
تتعدد المصادر المؤثرة في المعرفة الدينية، منها: الأسرة وأساليب التنشئة الاجتماعية، والتعليم ومناهجه وطرقه، ووسائل الإعلام، والمسجد، وجماعة الرفاق، والأحزاب السياسية، والشارع، والجمعيات الدينية. وكافة هذه المصادر تشكِّل وعي الأفراد بنسب مختلفة حسب المستوى التعليمي والثقافي والاجتماعي، ولكن التطرف أمر دخيل على أي دين، ونعني به الغلو في جانب أكثر من جوانب الدين بما يخرج الشخص عن الحدود المقبولة التي يقرها الشرع ويجمع عليها علماء الدين.
* وما هي ملامح التطرف في رأيك؟
التطرف له العديم من الملامح، منها التطرف الفكري حيث يصعب النقاش مع هذا الشخص حول ما توصل إليه من أفكار وينغلق على فكره، وتطرف عاطفي حيث تصبح عواطف الشخص كلها متركزة على الجوانب الدينية ويصبح شديد الحساسية من هذه الناحية شديد المبالغة في الانفعال بها، وتطرف سلوكي حيث نجد الشخص يبالغ مبالغة شديدة في أداء الشعائر الدينية الظاهرية بما يخرجه عن الحدود المقبولة شرعًا، وكأن هذه الشعائر هدف في حد ذاتها. لذلك نجد أن هذه الشعائر تخلو من معناها الروحي، بل إن التطرف في مجال الفعل قد لا ينتهي عند حدود تصرفاته الشخصية، بل يتجاوز ذلك إلى مجتمعه، فيقوم بإلزام الآخرين لكي يسلكوا مثله وإذا أبوا ذلك ربما يقوم بالاعتداء عليهم.
* هل هناك توأمة بين التفكير والتكفير في المنهج السلفي؟
التوأمة اليوم أصبحت بين التفكير والتكفير عمومًا سواء في الفكر السلفي أو غيره من الأفكار والمذاهب، فللأسف أصبحنا مقلدين أكثر منا منتجين أفكار ومجتهدين، أصبح التفكير هو الاستثناء، وأي محاولة للتفكير واستخدام العقل قد تجر الهلاك على أصحابها، ويكون التكفير- وما يتبعه من أحكام- هو السلاح المستخدم ضد أي اجتهاد ما، أو رأي مخالف للرأي السائد، أو أي دعوة للتجديد، ولذا فإن حالنا الراهن هو الحالة المثلى لمجتمع أُرهب فيه العقل باسم الحفاظ على الهوية والدين، ووُئدت الحريات العلمية باسم الحفاظ على المجتمع والشباب من بلبلة الأفكار.
* وماذا عن الاجتهادات الفقهية التي أتاحت الحرية الفكرية؟
نعم، هناك بعض الاجتهادات الفقهية ترى أن كل ما يَدخل في باب الحرية الفكرية في مأمن من العقاب الدنيوي؛ لأنه يجب فتحه على مصراعيه، إذ لا يخشى على المجتمع منه، وإنما يقصده رواد الخـير للإنسانية ليصلوا بأفكارهم إلى ما فيه سعادتها دنيا وآخره، فإن أصابوا فبفضل من الله، وإذا وقعوا في خطأ كانوا معذورين فيه ولا يصح عقابهم بشيء عليه. ولكن ما حدث أن التعسف ضد التفكير والعقل ساعد هؤلاء المتفقهين الحكماء على البطش بمن يخالفهم الرأي باسم المصلحة العامة، وجعلوا آرائهم هي الدين والدين هو آرائهم، منحوا صكوك البراءة والتوبة والغفران لكل من يحتذي بخطاهم والتي هي الخطى الصحيحة المطابقة للإسلام، وفي الحقيقة الإسلام منهم بريء.
* يتحدث البعض عن وجود "هوس ديني"، ما رأيك؟
حالة الهوس هذه نتيجة طبيعية للأزمة الحضارية التي يواجهها المجتمع بأكمله، وهذا له جوانب ثقافية ودينية، فمع حالة التدهور الحضاري للمسلمين عمومًا والعرب خصوصًا والشعور بالضعف والتردي وانهيار المشروع القومي كان الدين هو الحل!، وأصبحت الشعارات الدينية هي المحرك للجماهير بدلًا من الشعارات القومية والإشتراكية، ومع موجة المد الديني الذي تغلغل في المجتمع بصورة لافتة للنظر، والذي اهتم بالشكل على حساب الجوهر في كثير من الأحيان، كان لابد من تغلغل آخر في مجال العلوم الإنسانية والتطبيقية بشكل مُرضي- للبعض- ومُوازٍ لما يحدث في المجتمع.
* أخيرًا، كيف ترى الوضع الديني والسياسي الحالي في "مصر"، خاصةً بعد صعود التيارات الإسلامية في الانتخابات البرلمانية؟
من مصلحة الجميع أن تكون كافة الأفكار والإتجاهات واضحة للجميع، نختلف أو نتفق هذا أمر طبيعي، والتجربة الفعلية للإسلاميين في الحياة السياسية ستطوِّر كثيرًا جدًا من خطاباتهم وأفكارهم، فالنظرية تختلف دائمًا عن التطبيق، وحالة الخوف الموجودة حاليًا لدى البعض الحق فيها، ولكن هناك تضخيمًا وتغذية لحالة الخوف التي نعيشها حاليًا.. هناك من يعمل على زيادة حالة الخوف لأسباب عديدة، منها الرغبة في عدم الاستقرار وتفجير المجتمع المصري من الداخل باللعب بورقة الفتنة الطائفية.. كلنا نفكِّر في اتجاه معين مع أو ضد ونتناسى أن هناك مزاجًا عامًا هو من يتحكم في الكثير من التفاصيل والقرارات في الحياة. الشعب المصري المتدين لم يشهد طوال فترة الثورة أي حالة اعتداء طائفي، الشرطة انسحبت وحمى المصريون الكنائس والمساجد وكافة المؤسسات بلا تفرقة بين مالكيها حسب دينهم، والكل يجب أن يتماسك في هذه الفترة الحرجة من تاريخنا. أقمنا انتخابات نزيهة شارك فيها الشعب، وما اختاره الشعب اليوم قد لا يختاره غدًا. الطائفية ورقة يحرِّكها الداخل الجاهل والخارج المستعمر.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :