حمدي رزق
تخيل من الخيال الجامح أن تواتى لجنة الحكام المصرية الجرأة لتعيين سيدة «حَكَم ساحة» لمباراة السوبر المصرى، جريًا على سُنّة الاتحاد الأوروبى بتعيين طاقم نسائى بقيادة الفرنسية «ستيفانى فرابرت» لإدارة السوبر الأوروبى، طبعًا هذا لن يحدث ولو بعد قرن، حَكَم ست ليه هى البلد مافيهاش رجالة؟!.
لو حدث، تخيل، قبل المباراة سيخرج علينا عتاة السلفية بفتوى لوذعية بفساد السوبر المصرى بلىّ عنق الحديث الشريف:
«لن يفلح قوم ولَّوْا أمرهم امرأة»، فضلًا عن فتاوى تكميلية من عينة العورة، صوت وصورة وشورت، والجرى وسط الرجال بما يحمل شبهة الاحتكاك!.
فضلًا عن حرمة السلام بالأيدى، واستعمال الصفارة فى وجه الرجال، وهَلُمَّ جرا من تحريم وتفسيق وتلقيح جتت من محتقرى النساء، والمرأة مكانها البيت، فضلًا عن طائفة من فتاوى اللهو واللعب حتى ألعاب البلاى ستيشن.
الدعم الذى ستلقاه «الحَكَمة»، مؤنث «حَكَم»، من المجلس القومى للمرأة وجمعيات حقوق الإنسان، لن يصمد مع أول ضربة جزاء تحتسبها، مثل ضربة الجزاء التى احتسبتها «ستيفانى» على ليفربول فى وقت عصيب من السوبر الأوروبى.
تخيل شكل الاعتراضات، حرام عليكِ يا شيخة، إيه اللى طلّع الست دى من المطبخ، إنتى تقشّرى بصل أحسن، وتقمّعى بامية، وتحشى محشى، أخشى أن لاعبًا من المتحرشين يحتك بالحَكَمة، ويناولها بعض الحضور الكريم فى المدرجات بشتمة تخدش الحشمة، ولربما..
تخيل بعد المباراة فى الاستديوهات المفتوحة على البهلى، فضلًا عن تفشيل التجربة بحديث «البدعة الكروية»، وضعف الأداء، ونقص الخبرة، وإذ فجعة سيخرج إنسان الغاب طويل الناب من كهفه، ويناولها، وستنتهى المشتمة الليلية بالخوض فى العِرض، والأصل والفصل وماضيها، وماضى العائلة الكريمة، جُرَس وفضايح تنتهى بانتحار الحَكَمة بشرب السم.
بيننا وبين العالم سنوات ضوئية، قرن من التمدين، عقود من الرقى، مشهد الحَكَمة الفرنسية الرائعة «ستيفانى» جدير بالتأمل، كيف ارتقت هذه الشعوب، كيف تشكّلت العقول، كيف استبطنت المساواة منهجًا، وكيف تفعل ما تؤمن به وتضعه محل التطبيق دون خشية من فتاوى «برهامى» و«الحوينى» العنصرية؟! لا يفصلنا البحر الأبيض عن أوروبا، تفصلنا فراسخ حضارية.
لا نريدها «حَكَمة»، معاذ الله، فقط نطلب لها الاحترام فى الشارع والعمل والبيت، نطلب لها عدلًا، وإنصافًا، نُحصنها من فتاوى عنصرية بغيضة، وحقها فى الاختيار بعيدًا عن الوصاية، ونكف عن وأدها بميراث العورة، المرأة التى حكمت السوبر الأوروبى ليست عورة، عنوان حضارة، وفى الأخير زوجتى غاضبة من عصام الشوالى، مذيع «بى إن سبورتس» اللوذعى، لأنه ما كان مقتنعًا بالحَكَمة ويناديها بـ«المدام» على الطريقة المصرية!.
نقلا عن المصرى اليوم