خالد منتصر
هل تتخيل أنه فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضى كان هناك شخص تزوج ١٤ فتاة، يركب الحصان ويحمل سيفاً لتغيير المنكر ويحرق سرادقات العزاء، يفرض الجزية ويعلق لافتات على منازل القرية مدوناً عليها «بيت المال».. «بيت الزكاة».. «بيت التسليح»، «قوات الغزوات»، «إقامة الحد»، ويطلق الرصاص على الراديو لمنع الفسق ويفتى للمرأة التى يغيب عنها زوجها ستة شهور بممارسة الجنس مع أخيه؟!، هل تتخيل أنه قد قامت معركة دموية بين هذا الفارس المغوار وشيخه عمر عبدالرحمن على فتوى تزغيط البط وكانت من ضمن مبررات تكفير شوقى الشيخ لأستاذه عمر عبدالرحمن والمطالبة برأسه!!، فقد كان الشيخ عمر يعتبر التزغيط تدخلاً فى مشيئة الله!، لك أن تتخيل أن كل هذا الحكى حقيقة لا خيال، وأن أصحابه كانوا ينعمون بالسلطة والتسلط ويسكنون بيوت القرية لا عنابر الخطرين فى مستشفى المجانين!، كل هذا حدث فى «كحك» إحدى أشهر قرى الفيوم التى كتبت اسمها فى تاريخ مصر للأسف بالدم، وكان الشوقيون يطلقون عليها «أرض الميعاد»، أهلها غلابة مسالمون لكنها آنذاك ابتليت بمجموعة من المهاويس المتطرفين يقودهم شخص اسمه المهندس شوقى الشيخ، إنه ذلك الشخص الذى قاد قافلة التكفير وبعد ذلك صار تلميذه ضابط الشرطة المفصول حلمى هاشم، هو مفتى داعش الذى بإشارة من أصبعه تطير الرقاب، قام بتشكيل أخطر تشكيل عصابى متطرف فى تاريخ مصر، تنظيم «الشوقيون» هو نواة داعش وبذرة جنونها، وأعنف مواجهات الأمن فى تاريخه مع تنظيم متطرف فى حقبة مبارك كانت مع هؤلاء الزومبى، العميد خيرى طلعت قائد قوات الأمن المركزى بشمال الصعيد يحكى لمحة عن المواجهة التى قتل فيها شوقى الشيخ لا بد من الاطلاع على تفاصيلها، يكفى أن تعرف أن القوة كانت مكونة من 10 مجموعات قتالية شملت 100 مجند مدرب تدريباً قتالياً على أعلى مستوى يرأسهم 10 ضباط، واستمرت المعركة ١٢ ساعة متواصلة!،
بمصرع شوقى الشيخ اندلعت مواجهات عنيفة بين أعضاء جماعة الشوقيين وقوات الأمن وكان أعنفها ما وقع يوم الاثنين 30 أبريل 1990 والمعروفة بأحداث كحك التى وقعت عقب قيام الشرطة بمحاولة ضبط خمسة من أعضاء الجماعة المتطرفة بناحية القرية، حيث تعدوا على شيخ البلد وخفير خصوصى. وعند محاولة مزارع إقناع أبنائه الثلاثة بتسليم أنفسهم أطلقوا عليه النار فأردوه قتيلاً!!!، وأثار أعضاء الجماعة الذعر بالقرية وهاجموا منازل عدد من القيادات وأضرموا فيها النار وقطعوا طرق ومنافذ القرية من ناحية مدينة أبشواى وبحيرة قارون وقطعوا الاتصالات التليفونية، ثم اعتدوا على منشد دينى كفيف وكسروا ذراعه، ولما توجهت قوات الأمن للسيطرة على الموقف تصدوا لهم بالأسلحة النارية ودارت معركة طويلة أسفرت عن إصابة عدد من الضباط والجنود وسقط 13 قتيلاً وأصيب ستة من أفراد الجماعة، فى نوفمبر 1990 تم القبض على 59 عضواً بتنظيم الجهاد، وفى سبتمبر 1991 تم القبض على 14 متطرفاً كانوا يقومون بتصنيع قنابل بحقل أحدهم بقرية سنرو انفجرت إحداها فأصابت عضواً منهم، وفى منتصف شهر يناير عام 1991 اغتال الشوقيون مهندس مساحة وفنياً كانا يقومان برفع وحصر مساحات القمح بالمنطقة ودفنوهما تحت أحد المصارف، وفى أول مارس عام 1992 اغتال عدد من جماعة الشوقيين ضابط أمن الدولة المسئول عن ملف النشاط الدينى فى وضح النهار وفى قلب مدينة الفيوم بالقرب من كوبرى السنترال وتم إلقاء القبض على أحدهم بعد سقوطه من الدراجة النارية التى كان يركبها وهو يطلق النار على الضابط الذى صدم الموتوسيكل بسيارته قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وفى يوليو 1992 اقتحم عدد من الجماعة منزل موظف بقرية كحك اعتقاداً منهم أنه يعمل مرشداً مع الأمن لكونه موظفاً بمجلس مدينة أبشواى، كما تم حبس عضو بجماعة الشوقيين لقيامه بحبس زوجته وطفلها وحلق شعر رأسها بالموسى لطلبها زيارة والدها، اعتقاداً منه أن والدها كافر كان يعمل خفيراً بالشرطة.
تلك كانت مجرد لمحات من ميلودراما أخطر تنظيم مجنون حكم قطعة من مصر حكماً ذاتياً وصادرها لصالح الفاشية الدينية وأخذها من القرن العشرين ليزرعها فى أحشاء زمن الكهوف وآكلى لحوم البشر.
نقلا عن الوطن