كمّل نص دينك بـ«التابلت»

تدريب المأذونين على برنامج الزواج..  والعقد فى يد الزوجين فى وقت واحد
وثائق الزواج مؤمنة ضد التزوير والتحريف.. ومنع التلاعب فى الزواج الثانى


الموافقة الكتابية شرط عقد القران

مأذون شرعى: المجتمع يحتاج لسنوات حتى يعتاد عليها
والد العريس.. والد العروس وبينهما شيخ بـ«جبة وقفطان».

أيادٍ تتشابك متعاهدة على حياة جديدة مشمولة بالمباركة والدعاء بالرفاء والبنين.. منديل أبيض زاهٍ كأمنيات جميع المدعوين بالخير للعروسين.. زغاريد تعلو تهز القلب فرحة وبهجة.

هذا المشهد التقليدى لأفراح المصريين.. هل سيختفى ليقتصر الأمر على إدخال بيانات أطراف الزواج عبر الإنترنت من خلال «تابلت»؟.

يتسلم بعدها أولو الأمر «عقد زواج مميكنا» فى إطار تعميم فكرة «الزواج الإلكترونى»؟!

تجربة فريدة من نوعها طبقت في بورسعيد، التي تعد المحافظة الأولى لنموذج التحول الرقمي في مصر منذ 30 يونيو الماضي، وذلك من  خلال إدخال منظومة الزواج الإلكتروني والزواج بالتابلت بدلاً من دفتر المأذون.

المأذون الإلكتروني، والذي وثق عقد زواج للعروسين، لتكون خطوة لتمهيد التجربة في باقي المحافظات، بعد إطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل.

الشيخ محمد أنور، أول مأذون خاض تجربة تسجيل العقد الإلكتروني، قام بتوثيق عقد زواج في بورفؤاد، للعروسين محمد الغرباوي ومنة خليفة بإدخال بياناتهما على التابلت بدلاً من القسيمة، ومنها تم إجراء تجربة ثانية من خلال توثيق عقد زواج مينا ونرمين على التابلت في كنيسة السيدة العذراء، وتسلم العروسان وثائق مميكنة بعد عقد القران رسمياً بشكل إلكتروني.

أهداف عديدة تستهدفها تلك المنظومة الجديدة منها القضاء على زواج القاصرات حيث لا يمكن توثيق العقود إلا من خلال بيانات الرقم القومى الذى يتم فيه إثبات تاريخ الميلاد، بالاضافة الى التحقق من عدم وجود مانع يحول دون الزواج مثل النسب أو أن تكون الزوجة على ذمة رجل آخر أو لم تتجاوز فترة العدة أو أن يكون الزوج متزوجا من 4 سيدات، كما تساعد المنظومة فى تحديث البيانات بشكل سريع وتكوين قاعدة بيانات حديثة عن نسب الزواج والطلاق.

وبحسب بيان صادر عن وزارة العدل، فإن إطلاق منظومة الزواج الإلكترونى فى محافظة بورسعيد يأتى فى إطار خطة الدولة للتحول الرقمى وإدخال تكنولوجيا المعلومات فى توثيق عقود الزواج، موضحا في تصريحاته الصحفية أن الوزارة  بدأت منذ فترة فى تدريب المأذونين بمحافظة بورسعيد على استخدام التابلت لإدخال بيانات الرقم القومى للزوجين والشهود عبر برنامج مثبت لديه ومتصل عبر الإنترنت جري تصميمه من قبل وزارة الاتصالات على أن يحصل الزوجان فى نفس الوقت على عقد الزواج المميكن.

وكان المستشار محمد عيد محجوب مساعد أول وزير العدل، قد أكد، أن خطوة تطبيق المأذون الإلكترونى، تلت الخطوة التى سبق وطبقتها وزارة العدل فى مطلع شهر أكتوبر الماضى، بعد إعداد وثائق زواج وطلاق جديدة مميكنة ومؤمنة بنسبة 100% من التزوير أو التقليد أو التحريف، مشيرا إلى أن تطبيق نظام وثيقة الزواج المؤمنة إلكترونيًا ساهم فى أن يحصل المواطن على نسخ إضافية لوثيقة الزواج الخاصة به كشهادات الميلاد.

وأشار عدد من الخبراء إلى أن تلك التجربة فريدة من نوعها وتعد صورة من صور مساعي الحكومة لتطوير أداء خدمات المواطنين، ولهذا قامت  بتطوير أداء خدمات الاتصالات المقدمة للمواطنين سواء الأرضية أو المحمول، بالتزامن مع عمليات التحول الرقمى حيث قامت بمضاعفة متوسط سرعات الإنترنت العام الماضي كان 5.5 ميجابايت/ث، أما حاليا فإن متوسط سرعات الإنترنت ارتفعت من 5 إلى 10 ونصف ميجابايت للمصرية للاتصالات وتستهدف للوصول لساعات الإنترنت إلى 20 ميجابايت بنهاية العام.

وتعد بورسعيد هى أول محافظة ديجيتال، حيث قامت الشركة المصرية للاتصالات، بالانتهاء من مد كابلات الألياف الضوئية «الفايبر»، إلى أكثر من 670 مؤسسة وجهة حكومية فى محافظة بورسعيد، لتكون أول مدينة تشهد عمليات التحول الرقمى فى مصر.

الأوقاف تحذر!
من ناحية أخرى شددت وزارة الأوقاف على ضوابط عقد القران داخل المساجد، وذلك فى مواسم الزواج مع ذلك الموسم، وحذرت الوزارة من زواج القاصرات بصفة عامة، وشددت على الأئمة والعاملين داخل المساجد بعدم السماح بإشهار أي عقد زواج في أي مسجد أو ملحقاته أو دار مناسبات تابعة له إلا بعد موافقة كتابية صريحة من الإدارة التابع لها المسجد.

ووضعت وزارة الأوقاف شروطا لعقد القران داخل المساجد منها تسليم صورة طبق الأصل من بطاقة كل من العروسين وصورة من قسيمة الزواج إن كان قد تم إنهاء إجراءاتها مسبقاً بمعرفة المأذون الشرعى المعتمد، ويكون الإشهار بمعرفة المأذون الشرعى للمنطقة بعد التحقق من شخصيته، منعاً للمشاركة بقصد أو بدون قصد فى جريمة فى حق الفتاة يعاقب عليها القانون إضافة إلى ما تحمله من مخالفة شرعية.

وحذرت الوزارة فى منشور داخلى، العاملين بها، خاصة الأئمة والقيادات الدينية، من أى أعمال «مأذونية»، خاصة ما يعرف بـ«وكيل مأذون»، حيث إن هذا العمل منوط قانوناً بالمأذونين الرسميين دون سواهم، ومن يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية التى قد تصل إلى إنهاء الخدمة بالأوقاف، كما حظرت «الأوقاف» إشهار أى زواج عرفى فى المساجد أو ملحقاتها أو الاشتراك فى أمره بأى صورة، سواء إجراء العقد أو الشهادة عليه، دفعاً لأى مخالفات يمكن أن ترتكب خارج نطاق الشرع والقانون.

مخاوف
قال الدكتور محمود السماسيري، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة سوهاج، إن وسائل الإعلام سواء المرئي أو المسموع أو المقروء، قادرة على إنجاح تلك التجربة كما ساهمت في نجاح تجربة التأمين الصحي الشامل في بورسعيد، ودعمت تلك التجربة بالاستعانة بالخبراء المتخصصين في هذا المجال الذين أوضحوا كم النجاحات التي ستحقق من تلك التجربة.

وأضاف «السماسيري»: أن تجربة الزواج الإلكتروني تساهم كثيراً في الحد من زواج القاصرات داخل المساجد، ومع توافر المعلومات على التابلت يصبح أمر التزوير في الأوراق الرسمية صعبا مع توافر كافة المعلومات للجهات الأمنية المعنية بالأنظمة المستحدثة.

وأشار أستاذ الصحافة والإعلام إلى أن هناك بعض المخاوف قد تراود المواطنين من تلك التجربة منها ضمانات سرية المعلومات والبيانات الخاصة بهم على التابلت، ولهذا لا بد على الحكومة والجهات المتخصصة الرد على مخاوف المواطنين من خلال خبراء متخصصين في أمن المعلومات.

وأكد أستاذ الصحافة والإعلام أن جرائم زواج القاصرات يقوم به معاون المأذون وخاصة في المناطق الريفية بالمحافظات، مشيرا إلى أن تلك الفكرة تقضي على مثل هذه الجرائم.

مهمة أخرى للوسائل الإعلامية، وضحها الدكتور السماسيري وهى الاستعانة بالخبراء في مجال التكولوجيا لشرح كيفية الاستخدام الآمن للتابلت من قبل المأذونين حتى تكون خصوصيات المواطنين في مأمن، وحتى لا تظهر ما تسمى بـ«سبوبة التابلت» من قبل بعض المحتالين.

مأذون الخليفة: قلل من الهيبة وبقينا تحت رحمة التحميل
قال الشيخ محمد نجيب مأذون منطقة الخليفة إن فكرة العقد الإلكترونى ستزيد من عدد معاون المأذون بسبب عجز عدد  كبير منهم على التعامل مع التابلت،  فيستعين بشباب من خريجى الجامعات الذين لديهم الدراية الكافية مع التكنولوجيا.

وأشار مأذون الخليفة إلى أن المجتمع الشرقى مع كل جديد يتوجس خيفة، فعلى مدار قرون طويلة اعتادوا على المأذون بالقفطان والجلباب والدفتر، وما إن يقبل على الفرح حتى تدوى الزغاريد أرجاء المكان، ومع ظهور تلك التجربة قليلاً ما يحدث ذلك.

وأوضح المأذون أن تطبيق تلك التجربة يستغرق سنوات طويلة لحين اعتياد لامجتمع الشرقى عليها، فضلاً عن كونه تجربة غير مستحبة لدى الكثير من الشيوخ الذين اعتبروا تلك الفكرة ضياعا لهيبة المأذون.

«لو الشبكة وقعت أقول لهم إيه معلش هعيد كتابة العقد من جديد».. بسخرية شديدة قالها «نجيب» مشيراً الى ان هيبة المأذون تزعزعت منذ أن ارتدى البعض منهم البدلة، فكثي من الأفراح  ما يطلب من المأذون ارتداء الكرافتة والبدلة، وآخرون يحرصون على قدوم المأذون بملابسه الأزهرية متابعاً: «الزواج الإلكترونى» قلل من الهيبة وسيصبح تحت رحمة التحميل.

ممنوع النصب
قال عبدالله عزب إمام مسجد إن الزواج الإلكترونى حلال شرعاً وحل جذري للتجاوزات التى تحدث داخل المساجد من قبل معاون المأذون سواء إتمام الزواج العرفى أو زواج القاصرات، ومنها تستطيع الحكومة تكوين شبكة معلومات حقيقية حول أعداد المتزوجين فى مصر.

وأشار «عزب» الى ان السنوات الماضية كان من الصعب تحديد المعلومة الصحيحة حول أعداد الطلاق والزواج فى مصر بسبب التزوير فى الأوراق الرسمية ولكن من خلال التسجيل بالبطاقة والرقم القومى على التابلت تتوافر للحكومة قاعدة حقيقية حول أعداد المتزوجين ومنها يستطيع الباحثون حل المشكلات الاجتماعية منها زيادة حالات العنوسة والطلاق وطلب الخلع وغيرها.

ونوه إمام المسجد الى ضرورة تدشين دورات تدريب للمأذونين مما لا يعلمون استخدام التابلت وذلك فى المحاكم ونقابات المأذونين على مستوى الجمهورية وتحت أعين رجال الدولة حتى لا تتيح للمحتالين إمكانية النصب على المأذونين بحجة تعليمهم استخدام التابلت.

وأكد إمام المسجد أن الزواج الإلكترونى يحد من استغلال دفتر المأذون، فمن المعروف أن الدفتر به 20 عقد زواج لكن فى الحقيقة قد يقوم المأذون بكتابة 80 عقدا ويحصل على كم كبير من المال ومن خلال التسجيل الإلكترونى يصعب التحايل على القانون بهذه الأوراق كما سبق.

قالت دينا المقدم الخبيرة القانونية إن حكومة مصطفى مدبولى تسعى دوماً لتحويل جميع المعاملات الى رقمية سواء فى البنوك أو الجهات التعليمية وغيرها من المؤسسات الحكومية، وفكرة الزواج الإلكترونى تحد من عمليات النصب الذى يقوم به بعض المأذونين.

وأشارت «المقدم» الى ان هناك العديد  من المأدونين يقومون بكتابة عقود زواج لفتيات بطريقة غير قانونية حيث السن لا تتجاوز العمر  القانونى للفتاة ويكتب العقد لحين تبلغ سن الرشد، ثم يرسل الى المحكمة الأمر الذى يعرض الزوجة القاصر للعديد من المآسى والمشكلات النفسية والجسدية.

وأكدت الخبيرة القانونية عدم وجود قانون يعاقب مرتكب قضية زواج القاصرات حتى الآن، وحالياً فقط يمكن للزوجة رفع قضية التزوير على والدها والمأذون لرد حقوقها.

ومن مميزات فكرة الزواج الإلكترونى قالت «المقدم» إنها تسهل  اجراءات مصادقة العقد الكترونياً مشيرة الى أن تلك التجربة تقتضى تدريب المأذونين  على استخدام التابلت البديل عن الدفاتر الورقية، والذى من خلاله يتم ادخال بيانات الرقم الوقمى للزوجين والشهود عبر برنامج معد لذلك.

وأكد ان  تلك الخطوة هامة وضرورة فى اطار الدولة الحديثة لتسهيل معاملات المواطن دون عناء وننتظر ان تصبح جميع معاملاتنا الكترونية توفيراً للوقت والحد من الفساد والتزوير.

وأوضحت «المقدم» أن تلك الفكرة سلاح ذو حدين، بالرغم من كونها تحد من تفشى زواج القاصرات وتلغى  ما يسمى بـ«معاون المأذون» إلا أنها تزيد من حالات الزواج العرفى.

وأشارت الخبيرة القانونية الى أن قبل القوانين الوضعية لم يكن يوجد ما يسمى بعقد الزواج لكون الزواج علاق كونية ورابطة ربانية بها حفظ الله النوع من الزوال قائم على الايجاب والقبول، ومع التحديث والتطور وانحدار أخلاق الإنسان اصبح هناك ما يسمى بالعقد  الورقى الذى يقنن  ويضبط العلاقة الزوجية، ومع  مرور الوقت والتطور الالكترونى نتج الآن ما يسمى بالعقد الالكترونى ليصبح آلية لا يمكن العبث فيها من تضليل المعلومات.

وقالت الخبيرة إن تطبيق تلك التجربة من المتوقع زيادة حالات الزواج العرفى بين الشباب ويستغلون غياب القانون ويسجلون عقودهم بطريقة ورقية بعيداً عن التابلت، حتى يكونوا بعيداً عن أعين رجال الأمن، لذا لا بد من تكاتف المجتمع كله لمحاربة هذه الظاهرة التى تهدد كيان الأسر المصرية.