الأب رفيق جريش
مصر تواجه منذ سنوات خطر الإرهاب الذى يحاول التركيز على ضرب القوات المسلحة المصرية والأمن المصرى خاصة، يفعلون هذا وهم يعلمون أنهم لن يستطيعوا هزيمة الشعب أو الجيش المصرى، لكنهم يريدون ضرب هيبة الدولة فى أذهان المصريين وأمام العالم.
ومرة أخرى ضرب الإرهاب مصر وأودى بحياة عشرين قتيلًا وخمسين مصابًا ومبنى لعلاج الشعب المصرى البسيط من الأورام والسرطان. والمعروف أن معهد الأورام هو ملاذ لمرضى السرطان من الفقراء الذين يوفر لهم المعهد العلاج بأقل تكلفة ممكنة، والجميع يعرف كم العطاء من قبل العاملين بالمعهد للمرضى على اختلاف أعمارهم وأمراضهم والتكاتف والدعم الواسع تجاه هذا المعهد. ورغم ملابسات الحادث وترجيح أن تكون هذه الأسلحة والمتفجرات كان لها مصير آخر فى مكان آخر ربما كان تسبب فى كارثة أكبر، إلا أن هذه العمليات الإرهابية هدفها الأول النيل من سمعة مصر الدولية وأنها غير مستقرة وغير آمنة، خاصة بعد النجاحات الكبيرة فى الآونة الاخيرة من مشاريع عملاقة وحضور دولى سياسى ورياضى وفكرى وفنى.
وهدفها الثانى هو إشاعة الفوضى بين صفوف الشعب ولكن الشعب المصرى ذو الحضارة العريقة تصرف بحكمة وهدوء وروح المسؤولية ورأينا ذلك من خلال الجهود الشعبية التى مدت يدها وساهمت فى نقل المرضى والمصابين والتبرع بالدم بل مساعدة المحققين فى معرفة أسباب الحادث وماذا جرى.
كل هذه التحركات تؤكد أيضا مسؤولية الشعب المصرى ويحملها المواطن المصرى تجاه وطنه، من خلال التبرعات ودعم المواطنين سواء كانوا مصريين أو عربا لتصلح ما يفسده الإرهاب الذى يرفضه الجميع وتحاربه مصر بشكل فعال نيابة عن العالم.
إنسانيًا يتساءل المرء ما ذنب هؤلاء المرضى والمصابين والقتلى ومعهد الأورام الذى يعمل على شفاء الناس والأطفال من مرض عضال، والسيارات وأصحابها التى دُمرت، وإلى آخره من الخسائر، ما ذنب هؤلاء؟.. والإجابة، أن هذا دليل دامغ أن هذه الجماعات الإرهابية لا تعمل لصالح مصر وشعبها كما تروج فى أجهزة إعلامها المنطلقة من الدول الراعية لها. بل تظن أنها بهذه العمليات تعاقب الشعب الذى قال كلمته واختار طريق الإصلاح والتقدم والحداثة والبناء كبرنامج عمل لتطوير مصر والوصول بها إلى مستوى الدول المتقدمة.
كل هذا التطوير يكبله شيئان، الأول وهو أن ذهنية أو قناعات البعض التى لم تتلاش ولم تر طريق الحق فمازالت تسلك طريق الضلال والعمل ضد بلادها وشعبها لما تحمله من أفكار مسمومة وأيديولوجيات عفا عليها الزمن. والتهديد الثانى هو وجود خلايا فى كثير من المصالح الحكومية والجامعات والمدارس والمساجد لم تستأصل بعد، فكيف يعيش الذئب مع الحمل، وهذه ليست مسؤولية الدولة وحدها بل مسؤولية المجتمع بأسره، فأى تقدم يحتاج إلى سواعد ووقت وتضحيات أبناء الوطن، ولكن يحتاج أيضًا إلى علم وتكوين إنسانى وتكوين فكرى الذى هو المشروع الأساسى وهو الإنسان المصرى.
لقد أشاد الرئيس السيسى والدولة بهذا التكاتف والتكامل والتضامن بين أفراد الشعب فى مواجهة الإرهاب، وكذلك الأشقاء العرب وبعض الدول الأجنبية‘ حتى إن نبرة أجهزة إعلامها لم تكن عالية أو شامتة كما كانت بل اتسمت بالموضوعية. وهذا يدل على حقيقة راسخة فى وجداننا كعرب ومصريين، بأن نظل متكاتفين فى مواجهة الإرهاب وقبحه بكل ما نستطيع من قوة.
أصبح واضحًا للجميع أن الدولة المصرية حكومة وشعبًا عازمة على مواجهة الإرهاب عسكريًا وفكريًا واقتلاعه من جذوره متسلحة بالإيمان بالله وقوة وإرادة شعبها، وهذه الأعمال الإرهابية لن تثنى عزيمتنا أبدًا بل سنمضى قدمًا لنوفر للأجيال القادمة بلدًا حديثًا ومتحضرًا وقويًا. حمى الله أوطاننا ووقاها من كل شر.
نقلا عن المصري اليوم