رويترز: خيارات الأقباط بعد فوز الإسلاميين: الهجرة.. البقاء.. صفقة مع الرابحين
مصر 2011 .. بدأت الثورة في يناير وخلعت مبارك في فبراير لكنها بدأت تتفكك كما يرى كثير من المتشائمين في نوفمبر وديسمبر بعد فوز الإسلاميين بأغلبية المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية "الثورية" ومعظم هؤلاء الإسلاميين كما يرى أولئك المتشائمون ليس لديهم اهتمام يذكر بالحريات المدنية أو الحريات الدينية، وتعهداتهم بحماية الاقباط تتناقض مع كثير من تصريحاتهم اثناء الحملة الانتخابية فالإخوان الذين يتجه حزبهم "الحرية والعدالة" لشغل معظم مقاعد مجلس الشعب الجديد يرفعون شعار "الإسلام هو الحل" في بلد 10% من سكانه مسيحيون، أما السلفيون الذين جاءوا في المركز الثاني فيعكس تفسيرهم للاسلام الايديولوجية الوهابية الصارمة التي ولدت في السعودية حيث لا يسمح بأي دين آخر.
وفي استطلاع أجرته وكالة رويترز لتوجهات مسيحيي مصر بعد نتائج الانتخابات كانت أولى خيارات الأقباط هي الهجرة خارج البلاد كما قال جو فهيم وهو ناقد سينمائي مسيحي عمره 29 عاما "نخدع انفسنا اذا اعتقدنا ان الاسلاميين سيعطون للمسيحيين مزيدا من الحقوق أو الحريات." وأضاف "كثيرون من اصدقائي المسيحيين يخشون من المستقبل وما سيحدث اذا حكم الاخوان والسلفيون مصر. يفكر كثيرون منهم في مغادرة البلاد."
لكن البعض الآخر قد يفضل البقاء داخل البلاد والذوبان في المعادلة كجزء "غير ملحوظ" من الأغلبية الصامتة خاصة مع الصمت الذي تنتهجه الكنيسة "ممثل المسيحيين الأول في مصر" حيال فوز الإسلاميين، هذا الصمت الذي دفع عددا من الأقباط رغم ذلك لانتقاد زعماءهم الدينيين الذين يتجنبون المواجهة المباشرة مع الاسلاميين.
ويضيف الناقد السينمائي جو فهيم "الكنيسة تلزم الصمت التام." ويوضح "شاهدت قسا في قناة مسيحية مصرية يستضيف زعيما سلفيا في مقابلة. انه لقاء يعني ضمنا ان الكنيسة تبعث برسالة الى الناس لكي يهدأوا ويقبلوا النتيجة.. أي يقبلوا حكم الشريعة".
ويمتنع زعماء الكنيسة عن الادلاء باحاديث مسجلة لانهم يخشون إشعال التوتر مع الأغلبية الذين صوتوا للاسلاميين لكنهم قالوا انهم يشعرن بالقلق من الرسائل المتباينة من الاخوان.
وقال مسؤول رفيع في الكنيسة القبطية "زعماء الاخوان المسلمين لم يكونوا واضحين تماما بشأن خططهم." مضيفا "بعد الثورة بوقت قصير قالوا انهم يريدون دولة مدنية ثم قالوا ان الدولة المدنية تقوم على احكام الشريعة والان يقولون انهم يريدون دولة اسلامية حديثة. كل هذه الاشياء تثير الارتباك والقلق." ويرد الاخوان المسلمون بأن مخاوف المسيحيين من برلمان اسلامي ليس لها اساس ويضيفون ان كل المصريين بغض النظر عن دينهم يجب احترامهم كمواطنين.
ومثل هذه التطمينات تركت مسؤول الكنيسة في حالة شك حيث يقول "انني شعر اننا متجهون نحو نفق مظلم ولا نعرف ماذا ينتظرنا في آخره، لكن في نهاية الامر اعتقد اننا سنجتاز ذلك. انني اعرف ان مسلمين كثيرين غير راضين عن فوز الاسلاميين في الانتخابات البرلمانية."
ويواجه الاقباط معضلة بشأن الربيع العربي وهي ان المزيد من الحرية للغالبية المسلمة يمكن ان يعني مزيدا من الضغط على الاقليةغير المسلمة. فقد تضررت الطائفة المسيحية في العراق على أيدي الاسلاميين بعد الاطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين عام 2003، لكن الربيع العربي لم يكن غزوا أمريكيا كما هو الحال بالعراق ولكنه انتفاضة شعوب مطالبة بالديمقراطية كان انتفاضات شعبية مطالبة بالديمقراطية لا غزوا قادته الولايات المتحدة. وأدت الانتفاضة المصرية الى نظام سياسي جديد قد يساعد في موازنة تضارب المصالح في المجتمع المصري وبالتالي فقسم ثالث من المسيحيين يعتبر أن الخيار الأفضل هو التواصل مع الفائزين في الانتخابات للحصول على أفضل صفقة ممكنة ممن سيشكلون برلمان المستقبل.
وقال يوسف سيدهم رئيس تحرير صحيفة وطني القبطية الارثوذكية انه اذا فشلت (الكتلة المصرية) في الحصول على نسبة معقولة من مقاعد البرلمان القادم فانهم يفكرون بالفعل في "الخطة ب" أي اقامة علاقة عمل مع الاسلاميين المعتدلين.
وقال سيدهم لرويترز انه يجب الاستعداد لليوم الذي يتعين فيه اتخاذ قرار. وأضاف "هل سنكون راضين بأي نوع من المعارضة سواء كانت ضعيفة أم قوية أو هل يمكننا اتخاذ خطوة للامام للعمل معا؟"
وأضاف انه حتى اذا عزز الاخوان المسلمون نجاحهم في الجولة الاولى فان رغبتهم في الظهور كحكومة في الانتظار قد يضمن هيمنة الجناح الاكثر اعتدالا.
وقال "انهم يعلمون انه لا يمكنهم الالتزام بالمسؤولية التي القاها على عاتقهم الشعب بالدعوة فقط للمعتقدات الاسلامية وطريقة حياة اسلامية اصولية."
وبينما يقول بعض الاقباط ان مصر تتحول الى دولة دينية مثل ايران يقول آخرون ان هذه المقارنة بالثورة الشيعية هناك قبل اربعة عقود مسألة مزعجة ولا تتناسب مع بلد مسلم سني في عصر الفيسبوك وتويتر. وقال جمال عيد من الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان "اننا نراهن على يقظة المجتمع المصري وغريزته التي كانت دائما ضد التطرف."
ويشكو الاقباط منذ فترة طويلة من التمييز في سوق الوظائف وامام القانون وأبلغوا عن مشاكل في الحصول على تراخيص لبناء كنائس. وتحولت هذه المظالم الى اعمال عنف في الشارع في الاشهر التي سبقت الاطاحة بمبارك وقتل ما يصل الى 23 شخصا في انفجار في اول أيام 2011 أمام كنيسة القديسين بمدينة الاسكندرية.
واندلعت اشتباكات من وقت لاخر منذ الانتفاضة وقتل 25 شخصا على الاقل في اكتوبر عندما اشتبك مسيحيون مع الشرطة العسكرية في ماسبيرو.
وقال عيد انه اذا اختار الاخوان المسلمون التعاون مع السلفيين في البرلمان الجديد فان بامكانهم جعل الحياة صعبة للاقباط.
وقال "يمكنهم على سبيل المثال ان يجدوا صعوبة في الحصول على مناصب معينة أو في الترقية ويمكننا ان نرى ايضا تضييقا في المساحة التى تمنح للمسيحيين في الاعلان عن اعيادهم واحتفالاتهم في وسائل الاعلام الحكومية."
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :