الأقباط متحدون - عندما يصوت الشعب
أخر تحديث ١٩:٤٦ | الاربعاء ٧ ديسمبر ٢٠١١ | ٢٦ هاتور ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٠١ السنة السابعة
إغلاق تصغير

عندما يصوت الشعب

كتب: ماجد الراهب
لم تشهد مصر منذ الخمسينات هذا الحراك السياسي، الذي ألهب مشاعر الجميع، وبالطبع لا بد أن نشير أن الفضل يرجع لشبابنا الذي فجر 25 يناير، وفجر معه أحلام شعب ظل تحت وطأة الديكتاتورية قرابة خمسين سنة، وظل ميدان التحرير هو النافذة التى يطل منها كل الطموحات المحمومة لكل فئات الشعب، بغض النظر عن توجهاتها، وهل تتطابق مع فكر الشباب أم لا.


وزايد من زايد وركب الموجة من ركب، وتسلل من تسلل فى زمرة صخب المشهد واعتلى المنصة مستغلا الفوضى الخلاقة (على رأى الأمريكان) في صنع زعامة مزيفة، مخترقًا الصفوف حاملًا تطلعات كم حرم منها على مدار عقود ولت.
وضاع يا ولداه شبابنا في هذا المولد، بعد أن زاحمهم الميدان حتى الباعة الجائلون.


ولاحت في الأفق بارقة أمل في التغيير، تهافت عليها الجميع، واضعين نصب أعينهم أملًا طالما راودهم في أحلامهم بإعادة صياغة لمصر الحرية والكرامة والعيش الكريم، وكلما تمسكوا بهدب ثوب الحرية ينفلت من بين يديهم تاركًا غصة في حلوقهم، ولكن لم يجنحوا إلى اليأس، بل تشبثوا باللحاق بالأمل مهما كلفهم من تضحيات، وتساقط الشهداء وسال دم برئ طاهر يروي حدائق الأمل.
ولكن وآه من لكن هذه، فهي دائمًا تنبأنا بخلاف ما سبق، وما سبق شىء لم يكن فى الخيال، مصر على أعتاب ولادة جديدة - وربما ولادة قيصرية – يسعى كل الأطياف لفرض نسب المولود إليه.
ويتوالى الكر والفر بين الميدان والمجلس العسكري، وهنا يدخل طرف لم يكن في حسبان أحد، الأقباط الذين عانوا على مدار التاريخ من تهميش أو سطوة الحكام، ويتنازعهم الأمل في أن يصير لهم مكان في المشهد، ويصير ماسبيرو هو ميدان التحرير بالنسبة لهم، ويرتبط بوقفاتهم ومظاهرتهم، وأيضًا باستشهادهم، ويربط الدم بين التحرير وماسبيرو، ويتعانق الصليب مع القرآن في مشهد تنفرد به مصر المحروسة، ويتخلص الأقباط من عقدة الارتباط بالأنبا رويس ويعلنوا فطامهم عن الكنيسة، مندمجين فى الأحزاب، مؤسسين أحزابًا مشكلين لجان مواطنة فى كل حى وينتهى عقد غير مكتوب بين السلطة والكنيسة أستمر اكثر من ثلاثين سنة تختزل السلطة الشعب القبطى فى شخص البابا ورجال الاكليروس والتعامل مع شخص واحد خير من التعامل مع عدة ملايين وربما استمرأ رجال الاكليروس ذلك وذاد ألتفاف الشعب حول الاكليروس بعد أن اصبحوا هم الوسيط بين الشعب والسلطة أو الدولة.


هذه الصحوة لم تكن فى حسبان الدولة أو القوى السياسية الاخرى وعلى رأسها الاخوان المسلمين أو المحظورة سابقا، خاصة أن الاقباط تركوا الحبل على الغارب للأخوان للسيطرة على النقابات والنوادى والمؤسسات الأخرة حتى التى من المفترض ان تكون جهات حكومية تتمتع بالنزاهة والحيادية مثل التعليم والصحة والقضاء.
لقد أرتبكت حسابات الجميع ودخل الحلبة فارس - ربما بلا جواد - راهن عليه الكثيرين حتى الاخوان،وفى حسابات فى غاية التعقيد دخل الاقباط المعترك السياسى قوائم وفردى وأحزاب وأصبح هناك حشد للاقباط للميل نحو الكتلة المصرية وتم تعليل ذلك بأنها بناء عن توجيهات كنسية وتنكر الكنيسة ذلك، ولكن يظهر دور الكنيسة فى حملات التوعية بأهمية المشاركة والادلاء بأصواتهم وهذا شىء حميد يحسب للكنيسة.
وهنا نصل إلى مرحلة فارقة فى تاريخ مصر السياسى إنتخابات لم تشاهدها مصر فى العصر الحديث ورغبة عارمة فى المشاركة من جميع الفئات مسنون، رجال، سيدات، شباب وشابات، لرجال الدين الذين ظهروا بكثافة كبيرة، طوابير تمتد لاكثر من سبع ساعات، وهذه شهادتى من منطلق مشاركتى فى المراقبة على اللجان مفوضا من الكتلة المصرية لمنطقة روض الفرج.


وعي شعبي عالي بأهميه صوته، جداله حول الاوراق المختومة وغير المختومة، إثبات حالة تأخر اللجان لأكثر من ثلاث ساعات للبدأ فى التصويت، اعتراضه على التدخل السافر لإرغام الشعب للتصويت لفصيل بعينه، وطبعًا أعني الأحزاب الإسلامية.
كل ذلك لم يشفع للأقباط أنهم مواطنون مخلصون لبلدهم، حريصين على تقدمها واستقرارها مشاركون بفاعلية في متغيرات ذات أهمية قصوى لمصر.
هل تقبل هذه الفئة التي آلت على نفسها تخريب مصر بتوجهات نعلم كلنا مصدرها أن تدع شريك الوطن يسعد بمشاركة هي الأولى من نوعها فى تاريخ مصر الحديث أن يقرر مصيره ومستقبله؟
بالطبع لا، أصبح الإسلام فى خطر، لا تدع الكنيسة ترسم سياسات الوطن، إسلامية إسلامية، وحتى الميدان انقلبوا عليه وأصبحوا هم سدنة الدين والدنيا وهم من ينادوا بالاستقرار.


تقطيع يفط الكتلة، الخروج بكثافة فى مسيرات شعبية ضمت أيضا النساء المحجبات والمنقبات، وضع لافتات مكتوب عليها الكتلة الصليبية على الرغم من أن المرشحين كلهم مسلمون، انصر أخاك المسلم، اضمن الجنة،...... الخ
كل ذلك والجهات الرسمية معصوبة العينين تسمح بهذا الكم من التجاوزات، المهم أن ترجح كفة التيارات الإسلامية.
يا خسارة يا مصر اغتلتم فرحة المصريين بالتصويت والوقوف بالساعات من اجل المستقبل والاستقرار.
والغريب بعد انتهاء عمليات التصويت يتعجب كثيرين كيف أعطوا أصواتهم للتحالف الإسلامي، وهل إلى هذا الحد أصيب الشعب بغيبوبة فقط من أجل الوقوف ضد الكنيسة.
الاثنين 5 / 12 / 2011 الساعة العاشرة صباحًا أتلقى تليفونًا من "نهال محمد علام" صديقة عزيزة لي وهى تستغيث: يا ماجد أرجوك ادع كل أهالي شبرا للنزول لمساندة مرشحي الكتلة أرجوكم لا تستسلموا، ولن نترك لهم الميدان.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع