قد يبدو انحيازا أن أكتب اليوم عن مشروعنا القومى «حياة كريمة» وقد شرفت منذ أيام قليلة بتقديم إطلاق المؤتمر الأول للمبادرة الرئاسية حياة كريمة، لكن من ناحية أخرى أجد أنه من الحق والإنصاف أن أشارككم هنا تفاصيل تقوم بها مصر، لطالما كتبت عنها هنا وطالما نادى بها أساتذتنا ومعلمونا الكبار والرموز المجتمعية الكبرى على مدار عهود طويلة.
الحلم بحياة كريمة لنا كأفراد هو حلم صغير وأنانى وأقل من أن يفنى الإنسان عمره لأجله.. وهو حلم مهما حققت فيه وأينما وصلت فلن تجد فيه شبعا ولا رضى، فدائما سيظل يراودك الشعور بأن هناك شيئا ما ينقصك! وفى أفضل تقدير.. سيظل ذلك الشعور (بالذنب العام)- والذى كتبت عنه هناك مقالا سابقا- يراودك.. فكيف يتحمل شخص سوى أن يكون هناك شخص ما فى وطنه قد يسعده شىء بسيط هو فى الحقيقة قادر جدا على المساعدة فيه لكنه لا يجد الطريقة! ولا يعرف السبيل لمساعدة عادلة مستدامة.
أذكر مئات المرات التى قابلت فيها أشخاصا رائعين ومتحققين ومشغولين جدا وفور ما تتحدث معهم عن فعالية تطوعية وعمل خدمى يشغل قلبك تجاه الناس، فتجده متحمسا جدا ويسألك فورا: (كيف؟!، هل هذه خدمة مؤثرة للناس؟!). الحقيقة أن الحياة الكريمة هى المطلب الوحيد الذى يمكن أن يتفق عليه كل (الأسوياء) . فمنزل كريم ولقمة نظيفة وتعليم محترم وفرصة عمل تغنى عن السؤال يحمى المجتمع كله شر التطرف، وجهالة الغيبيات وبؤس الجهل الذى هو أصل كل جريمة وانحدار تعانى منه المجتمعات. الحياة الكريمة لكل إنسان ليست فقط واجبا إنسانيا على كل إنسان، بل هى أيضا حماية للمجتمعات وضمانة لهوية الشعوب بل أمنها وسلامتها.
قضية (حال الناس) بكل تفاصيله هو الوعى الجديد الذى يمكن أن يضمنه مشروع حياة كريمة- إن ساندناه- بكل فئات المجتمع حياة كريمة ببساطة أن تصبح الجهود الفردية جهودا مجتمعة تصب فى مكان واحد وتقدم إنجازا ملموسا على الأرض وليس مجرد فتات المساعدات التى لم تسمن ولم تغن من جوع. الشباب العامل فى حياة كريمة خرافى فى حماسه، وزارة التضامن الاجتماعى كالعادة محترفون لا يخلو احترافهم من الإنسانية، الشركات الخاصة التى كانت تخصص جزءا من ميزانيتها للدعم المجتمعى أصبحت مرحبة بالعمل ضمن مشروع قومى يضمن الآتى:
- التركيز على القرى الأكثر فقرا.
- العمل فى القرية بشكل شامل (مرافق، خدمات، تعليم، صحة...).
- الحفاظ على هوية القرية الثقافية (أخيرا أصبحنا نعتبر الثقافة عنوانا للحياة).
- عدم ترك القرية دون متابعة بعد انتهاء المشروع لكن تسليم منظمات المجتمع المدنى مسؤولية المتابعة والثقة فى كوننا جميعا فريقا واحدا.
التفاصيل مبهرة لن يسعنى الوقت لرصدها جميعا لكن يكفى أن أقول لكم اليوم:
اهتموا بنقطة النور وكل شخص ومؤسسة منا له دور ومكان فى الحياة لجعلها كريمة.
اسألوا.. شاركوا.. ففى مصر ما يدعو للمشاركة.
فلم ينفعنا الانتقاد شيئا.
نقلا عن المصرى اليوم