سليمان شفيق
استمر صراع النخب القبطية المدنية مع النخب القبطية الدينية (الاكليروس) حول لائحة المجلس الملي جنبا إلى جنب مع الصراع حول لائحة انتخاب البطريرك, و أثيرت هذه اللائحة فى الفترة من وفاة الأنبا كيرلس الخامس 7\8\1927 و حتى وفاة الأنبا يوساب في 13\11\1956 ثلاث مرات أوقات اختيار الأنبا يؤانس, الأنبا مكاريوس, الأنبا يوساب, و دار الصراع بين الاكليروس و دعاة الإصلاح حول الشروط الآتية:
1- شرط الرهبنة أو البتولية الذى كان يصر عليه رجال الدين من الاكليروس فى حين كان دعاة الإصلاح يطالبون بالغاءه, و ألغى فعلا فى معركة انتخاب الأنبا يؤانس, و عاد مرة أخرى في عهد الأنبا مكاريوس, ولازال حتى الآن.
2- تكوين المجمع الانتخابي.
3- ترشيح المطارنة لأنفسهم لمنصب البطريرك( و كان ذلك من شروط المجمع المقدس).
و انتخب الأنبا يؤانس بطريركا بعد أن دارت صراعات كادت أن تؤدى إلى انقسام الكنيسة و على سبيل المثال و احتجاجا على معاداة الانبا يؤانس للمجلس الملى دعا الدكتور سوريال جرجس و هو من أنصار الإصلاح إلى اجتماع كبير بفندق الكونتنتال في 16\12\1927 حضره 120 من النخبة القبطية منهم 8 من أعضاء مجلس الشيوخ,و 24 من أعضاء مجلس النواب و دعا سوريال إلى ضرورة انتخاب بطريركا, و رشح القمص يوحنا سلامة نفسه و تم انتخابه و أرسل القرار إلى وزارة الداخلية فى 18\12\1927 و لكن الرأى العام القبطي خاف من أن يكون للكنيسة بطريركا احدهما أهلى و الأخر رسمي و رد الملك فؤاد سريعا فى نفس اليوم و أصدر أمر ملكيا بتعيين الأنبا يؤانس قائمقام بطريركيا لممدة 6 شهور و استمر يمد له القرار حتى 1سبتمبر 1928, و قام سوريال و قدم استجوابا لمجلس الشيوخ ضد وزير الداخلية, و لكن الأنبا يؤانس جمع المجمع المقدس في 18 يوليو 1928, و اتخذ قرارا من شقين: عدم ممناعة أن يتولى احد المطارنة سدة البطريركية أي(يؤانس), و أن يكون المرشح بتولا لم يسبق له الزواج.
و قدم الإصلاحيون مشروعان للائحة انتخاب البطريرك إلى قسم قلم قضايا الحكومة الذى كان يرئاسه الفقيه القانونى عبد الحميد بدوى و الذى اعد مشروعا للائحة اشترط ان يكون البطريرك فقط مصرى الجنسية, و لكن اعتراضات المجلس الملى سقطت مع سقوط وزارة النحاس باشا, حيث خلفاتها وزارة محمد محمود, و فى 25 يونيو جرى انتخاب يؤانس بطريركا و تمت بين 5 مرشحين منهم القمص يوحنا سلامة(متزوج)(حصل على 9 أصوات),حبيب جرجس ( علمانى-مدير الكلية الاكليركية)(حصل على صوتين), حنا الانطونى(راهب)(حصل على صوتين),الأنبا بطرس مطران اخميم (حصل على صوت واحد) ولم يصدر الأمر الملكي بتنصيب يؤانس بطريركا الا فى 9\12\1928.
• انتخاب الانبا مكاريوس:
توفى الأنبا يؤانس21\6\1942, كان الأنبا مكاريوس مطران أسيوط معروف بميوله الإصلاحية, و كان جملة المرشحين 6 أربعة من المطارنة و اثنين من الرهبان, و فاز الانبا مكاريوس و أيده المجلس الملى و أعطى مكاريوس المجلس الملى كافة الصلاحيات, و أرسل بذلك خطابا إلى الحكومة الوفدية فأصدر مجلس الوزارء الوفدى قرارا ببطلان ما ذهب إليه المجمع المقدس, فما كان من المجمع المقدس إلا أن قاطع البطريرك, و حينما وجد البطريرك نفسه وحيدا بين طرفين متشددين وغير قابلين للحلول الوسط و لم الشمل هجر البطريركية إلى دير الأنبا بولا, ثم عاد بعد سقوط حكومة الوفد, و توسط احمد ماهر باشا رئيس الوزراء الجديد فى 8 أكتوبر 1944, و جمع البطريرك المجمع المقدس و اعاد له صلاحياته على حساب حلفائه فى المجلس الملى إلى حد انه أعطى أوامر للبنوك بعدم صرف أموال الكنيسة ألا بتوقيعه شخصيا و توترت المشكلات حتى وفاته 31اغسطس 1945.
• انتخاب الأنبا يوساب:
جرت عملية انتخاب الأنبا يوساب فى ظل حكومة النقراشى, و فاز على منافسه القمص داود المقارى, و جرى تنصيبه فى 14\5\1946, و كما جرت العادة من أسلافه تعهد لوكيل د\المنياوى للمجلس الملى بعودة اختصاصته طبقا للقانون19لسنة1927, كما تعهد للقمص إبراهيم لوقا وكيل البطريركية بالاستغناء عن خدمات خادم له عرف بالفساد هو ملك جرجس, و صدر الأمر الملكي بتعيين يوساب الثانى بطريركا للأقباط الارثوذكس فى 14 مايو 1946 فى عهد حكومة إسماعيل صدقى الثانية, اما عن ملك جرجس فيصفه الأنبا توماس مطران الغربية و سكرتير المجمع المقدس حينذاك (صحيفة الجمهورية 23\9\1955بانه بطريرك”غير متوج”, فرض اتاوات على الكنائس و الأديرة و تدخل في تعيين المطارنة و الأساقفة, و بلغت ثروته عام 1950 نحو ربع مليون جنيه, مما جعى عامة الأقباط للتذمر, و على سبيل المثال أن النيابة حققت عام 1950 فى حادث اقتحام البطريرك و خادمه ملك جرجس أخريين غرفة ناخبى المجلس الملي في 10 فبراير 1950, و اعتدوا بالضرب على أعضاء اللجنة بالضرب. و فؤجى الراى العام بجماعة تدعى جماعة الأمة القبطية برئاسة المحامى إبراهيم هلال تخطف البطريرك وتودعه دير البنات و تجعله يوقع على وثيقة بالتنازل و اكتشف الأمر و أعيد البطريرك و بعد ذلك بأكثر من علم تسلل شاب إلى مقر البطريركية محاولا اغتيال البطريرك و قبض على الفاعل, و في 5 سبتمير 1955 اجتمع المجمع المقدس و أصدر قرارا بإعفاء الأنبا يوساب من منصبه و إبعاده عن المقر البطريركى بالقاهرة و الاسكندرية, و تشكيل لجنة ثلاثية لإدارة الكنيسة و برر المجمع قراره بأسباب تتعلق بتبديد أموال الكنيسة , واتخذ البطريرك الأشرار مستشارين, و ابعد البطريرك الى الدير المحرق فى 24سبتمبر 1956 و بعد إلغاء الأحكام العرفية حاول بعض رجال الاكليروس أعاد البطريرك للقاهرة إلا أن المجلس الملي رفض و اقنع الحكومة بان عودة يوساب لكرسيه تخالف القرار الرسمى الصادر بوقفه و تخل بالأمن العام , فأغلقت أبواب المقر الباباوى فى وجهه حتى توفى فى 13 نوفمبر 1956.