هاني لبيب
كتب حمدى رزق مقالًا مهمًا، الجمعة الماضى، بعنوان «المواجع القديمة» عن جلسات النصح والإرشاد، وقد أكد على أهمية التعامل مع حالات التحول الدينى بشفافية ووضوح، خاصة فى ظل وجود اتهامات افتراضية بالاختفاء القسرى بسبب وجود جماعات وتنظيمات للأسلمة.
وأود أن أسجل هنا مقترحًا محددًا يرتكز على الخلفيات التاريخية التالية:
1- جلسات النصح والإرشاد لها قواعد قانونية تحكمها، منذ إنشائها عام 1863، حينما صدر أول قانون لها فى عصر الخديو إسماعيل باشا، والذى نص على عدم قبول إسلام أى مواطن إلا بعد حضور كاهن ومسؤول مدنى مسيحى مصرى للتأكد من جدية الطلب وعدم وجود أية شبهة من أى نوع للضغط والإجبار.
2- تم إلغاء الأوامر الخديوية بعد ثورة يوليو 1952، وحلت محلها التعليمات الدورية والقرارات الوزارية لمأموريات الشهر العقارى بشأن تنظيم جلسات النصح والإرشاد، ومنها الكتاب الدورى لسنة 1969 الذى أصدرته وزارة الداخلية، والذى نص على أهمية وجود مندوب من مديرية الأمن لحضور جلسة النصح والإرشاد، وتكون مهمته التأكد من هدوء الاجتماع وصحة ما جرى فيه، فإذا قبل المتقدم الاستمرار فى دينه الأصلى يتم حفظ الطلب، وإذا أصر على إشهار إسلامه يتم توثيقه فى مكاتب الشهر العقارى. ثم صدر القرار الوزارى رقم 304 لسنة 1997 لتأكيد القرار السابق، ومع تأكيد تطبيقه على مواطنى مصر فقط.
3- يأتى ذلك فى إطار الاتفاق بين وزارة الداخلية ومشيخة الأزهر بأن تقوم لجنة الفتوى بالأزهر بإرسال أوراق طالبى إشهار الإسلام من مواطنى جمهورية مصر العربية إلى مديرية الأمن الواقع بدائرتها محل إقامة طالب إشهار الإسلام، وتقوم مديرية الأمن بإخطار الجهة الدينية المختصة «الكنيسة» بالحضور إلى مديرية الأمن لمناقشة من يريد إشهار إسلامه.
4- يتم عقد جلسات النصح والإرشاد فى مبنى مديرية الأمن وبحضور مدير الشؤون الإدارية بالمديرية وأحد الضباط المختصين بذلك، ومن حق الكاهن أن ينفرد بمن يريد تغيير دينه ليتحقق بنفسه من أن هناك رغبة أكيدة فى تحوله الدينى، وأنه ليس هناك ضغط أو إكراه عليه.
5- تم إلغاء جلسات النصح والإرشاد فى 8 ديسمبر 2004، فى عهد اللواء حبيب العادلى «وزير الداخلية الأسبق»، وآخر جلسة نصح وإرشاد عقدت للسيدة وفاء قسطنطين.
■ أعتقد أن الأفضل لضمان حرية العقيدة هو ترك أمر تغيير الدين والتحول من دين إلى دين للجنة تابعة للمجلس القومى لحقوق الإنسان، لحياد أعضائه، وللتأكد من عدم التعرض للإجبار والإكراه، على أن يتم تنفيذ توصياته بشأن كل حالة على حدة طالما كان المتحول دينيا راشدا وكامل الأهلية، وهذا من شأنه يؤكد على:
- تشديد الدستور المصرى على كفالة «حرية العقيدة»، وهى من الحريات الشخصية التى تتسم بالخصوصية والمساواة.
- وجود «فرصة» لعائلة المتحول دينيا ورجال الدين لعقد جلسة نقاش، للتأكد من وجود رغبة حقيقية دون ضغوط أو تهديدات لتهدئة العائلات، بعيدا عن وصمهم بما يمس الشرف والعار.
- احترام رغبة المتحول دينيا فى حال تغيير الديانة لأسباب عقائدية.
نقطة ومن أول السطر..
تقتضى «حرية العقيدة» الاطمئنان على أن قرار تغيير الدين لم يتم بضغوط خارجية أو استغلالاً لظروف ومشكلات صعبة «عاطفية» وغيرها.
نقلا عن المصرى اليوم