عبد المنعم بدوى
يروى فى الأدب الروسى عن قسيس متشدد فى قريه من قرى روسيا ، كان يشعر شعب كنيسته كل يوم بالرعب ، فقد كان محور موعظته الأساسى التحذير من الشيطان وآلاعيبه وخبائثه ... لسنوات طويله كل أهل القريه يذهبون الى الكنيسه كل يوم أحد فلا يشعرون إلا بالفزع والرعب من ذلك الشيطان القادر على تحويل حياتهم إلى جحيم .
وذات يوم كان القسيس يخترق الغابه ذاهبا إلى بيته ، ففوجىء بشخص حسن الهندام ، قدم له نفسه : إسمح لى أن اعرفك بنفسى ياسيدى ... أنا الشيطان !!
تجمدت الدماء فى عروق القسيس ، لكن بادره الشيطان قائلا : تمالك إعصابك ياسيدى ، هل تعتقد إننى قادر على إغوائك ، أنا اعرف مدى صلابتك ومدى كراهيتك لى .. أرجوك إسمح لى فقط بالسير معك .
وافق القسيس على طلب الشيطان ، وسارا معا ، وفجأه سقط الشيطان فى حفره كانت لصيد الحيوانات بالغابه ، وحاول الشيطان الخروج منها لكنه فشل ، فقال للقسيس متوسلا : ساعدنى ياسيدى ... إنقذنى ، ضحك القسيس وقال له : أنا أساعدك ؟ أساعد الشيطان ؟ هذه فرصه لاتعوض للتخلص منك ، وتخليص البشريه من شرورك ... سأتركك تموت وتتعفن فى هذه الحفره .
رد عليه الشيطان : عندما أموت أنا ... ماذا ستفعل أنت ؟ ماذا ستكون وظيفتك ؟ بعد أن أموت أنا كيف ستكسب عيشك ؟ ماذا سيحدث عندما يعرف أهل القريه أن الشيطان المكلف بأفسادهم قد مات ؟ هل سيترددون على كنيستك لسماع مواعظك ؟ ــ أنقذنى يلسيدى أن كنت تريد أن تحافظ على منصبك وأكل عيشك !!
قال له القسيس : سأحدثهم فى موضوعات أخرى ... تساءل الشيطان فى سخريه : ماهى هذه الموضوعات ؟ هل ستحدثهم عن التعليم والبحث العلمى ، هل ستحدثهم عن حقوق الأنسان ، هل ستكلمهم عن أهمية الحريه والديمقراطيه ... أنت متخصص فقط فى أبتزاز الناس وتذكيرهم بى ليل نهار ، أنت عاجز عن دفعهم الى الحريه وحب الحياه ، لأنك فى أعمق أعماقك لاتحبها وترى أنها إثم كبير ... من فضلك فكر جيدا .. فلا حياة لك بدونى ، ساعدنى ... أخرجنى من هذه الحفره .... إنقذنى .
بالرغم من كراهية القسيس للشيطان وتخويفه لأهل قريته منه ومن شروره ، غير أنه كان ذكيا وواقعيا ... لذلك مد يده له وأخرجه من الحفره ، وسارا معا فى الغابه يدردشان فى ود .