من السهل علينا أن نتجاهل مخاوفنا والتمني أن تختفي فجأة، لكن لسوء الحظ أنها لا تختفي.
فإذا لم تواجه مخاوفك سينتهي بك الأمر أن تتحكم بك هذه المخاوف. لكن كيف تواجهها؟ أفضل الطرق التي تساعدك على مواجهة مخاوفك
التفكير في الأمر
اعرف أنك لست وحدك. فهناك الآلاف بل الملايين من الناس الذين يخافون من نفس الأشياء التي تخاف منها؛ فأكثر من 50% من الأمريكان يخافون من الأشياء الزاحفة مثل الثعابين، والعنكبوت، ومختلف الحشرات الزاحفة.
الاعتراف بأن الخوف شعور انساني طبيعي
ولذلك فإن الشعور بالخجل من نفسك لن يساعدك أبدًا على التغلب على الأمر، لكن اعترافك بأن الخوف شعور إنساني طبيعي قد يساعدك على إيجاد القوة لمواجهة مخاوفك.
الانضمام لمجموعات عندها نفس مخاوفك
يمكنك أيضـًا البحث عن مجموعات دعم على الإنترنت تخص الأشياء التي تخاف منها، وسيساعدك ذلك على إجابة الأسئلة التالية: كيف تعامل الآخرون مع مخاوفهم وتغلبوا عليها؟ ماذا يمكن أن تتعلم منهم؟
اكتب قائمة بمخاوفك.
بخاف من الناس الغربا، بخاف من المهرجين، بخاف من الزواحف، بخاف من الموت، من المرض، الألم، الفقد.
ويمكنك أن تقسـِّم مخاوفك إلى مجموعات حيث تتشابه المخاوف خاصةً إن كنت تخاف من أشياء كثيرة.
فرِّق بين المخاوف العقلانية والمخاوف الغير عقلانية.
فالخوف أحيانـًا يكون أمر طبيعي جدًا في بعض المواقف؛ فرد الفعل المبنيّ على الخوف قد ساعد البشر كثيرًا على النجاة من أخطار حقيقية على مر العصور لعدة آلاف من السنوات. لكن تظل هناك مخاوف أخرى غير عقلانية ولا أساس لها من الصحة وغالبـًا ما تكون هذه المخاوف هي التي تؤدي إلى الاضطراب والتوتر.
فإن كنت في الصحراء مثلًا ووجدت أمامك ثعبان أو ذئب فجأة فسيكون الخوف هنا هو الشعور الطبيعي بل والصحي أيضـًا لأنك الآن تواجه خطرًا حقيقيـًا. بينما إن كنت ترفض السفر بالطائرة لأنك تخاف أن تتعرض الطائرة التي تركبها للاصطدام فهذا الخوف غير عقلاني بالمرة لأن الطيار يـُعد أكثر أمانـًا من قيادتك لسيارتك بناءً على الإحصاءات، فإن التفرقة بين الخوف العقلاني وغير العقلاني سيساعدك على التحكم في رد فعلك.
ارسم سـُلم لمخاوفك.
واختر أحد المخاوف التي تريد مواجهتها واكتب أسمها عند قمة السـُلم ثم قم بتقسيم هذا الخوف إلى خطوات، وابدأ بكتابة رد الفعل الأقل إخافةً بالنسبة لك والذي يمكنك أن تبدأ به عند قاع السـُلم، ثم اكتب في كل درجة من درجات السـُلم خطوة أخرى تتخذها لتقرِّبك من الشيء المخيف وذلك من أسفل إلى أعلى. وحاول أن تقسـِّم السـُلم إلى أكبر عدد من الدرجات ولا تحاول أن تقفز سريعـًا إلى أعلى بل قسـِّم الأمر إلى أكبر قدر من الخطوات.
فتخيل مثلًا أنك تخاف من ركوب الطائرة لدرجة أن حتى الاقتراب من طائرة يصيبك بالهلع؛ فاكتب في أسفل درجة من السلم دراسة تقنيات التي تجعل الطائرة تطير (لتمحي الخوف الذي يشعرك بأن جناحيّ الطائرة مثبتيـْن بالسحر!)، ثم اكتب في الدرجة الأعلى: الذهاب إلى المطار؛ فهذه الخطوة أكثر جرأة من التي سبقتها لكنها لازالت ليست شيئـًا مخيفـًا لأنك ستذهب إلى المطار فقط ولن تركب طائرة. ثم في الخطوة التي تليها اكتب: حجز رحلة قصيرة لمدة 30 دقيقة حيث يكون بجانبي أحد الأصدقاء، وهكذا حتى تصل إلى الذهاب في رحلة طويلة بمفردك.
ومن الأفضل أن تبدأ برحلة قصيرة لأن بعض الناس يقع في خطأ القفز مباشرةً إلى مواجهة أكثر شيء يخيفه بينما أفضل تقنية هي أن تعرِّض نفسك لما يخيفك بالتدريج.
واجه أفكارك.
وبما أنك جعلت مخك يركـِّز على مخاوفك فأنت تعرف الآن من أين تأتي مخاوفك، وقسـَّمتها إلى خطوات ينبغي الآن أن تعمل على مخك نفسه وأفكارك.
وتذكر أن خوفك ليس مجرد إلا طريقة تفكير معينة بل وطريقة تفكير يمكنك أن تتحكم بها، لذا فإن تغيير "حوارك الداخلي" أو كيف تفكر أو تنظر للموقف يمكن أن يغير من استجابتك تجاه المخاوف.
وأحد طرق فعل ذلك هي التغيير من التفكير في أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث إلى أفضل سيناريو يمكن أن يحدث؛ فلنتخيل مثلًا أنك تتمنى أن تمارس رياضة الغوص لكنك لا تتخلى عن التفكير في أسوأ سيناريو: كأن تأكلك سمكة قرش، أو أو أن ينفذ منك الأوكسجين، أو أن تغرق!
لكن بالرغم من أن كل تلك الأشياء احتمالات واردة إلا أن احتمالية حدوثها ضئيلة للغاية؛ فنسبة أن تأكلك سمكة قرش هي 1%
وبالعكس فإن احتمالية أن تقضي وقتـًا ممتعـًا حقـًا بفعل هذا الشيء الذي يخيفك عالية جدًا إذن لماذا تقاوم فعل شيء سيسعدك كثيرًا؟
اذهب لزيارة طبيب نفسي.
فبعض المخاوف يمكن ألا تؤثر على حياتك اليومية إن استطعت تجنـَّب التعرض لها (مثل ألا تذهب إلى أي غابة أو صحراء إن كنت تخاف من الثعابين
لكن هناك مخاوف أخرى –مثل الخوف من التعاملات الاجتماعية- قد تصيبك بالقلق والتوتر يوميـًا حينها ينبغي أن تزور الطبيب النفسي إن كان خوفك يسبب لك مشاكل يومية أو يعيقك عن عيش حياتك بصورة طبيعية. فالطبيب يمكنه مساعدتك على معرفة سبب خوفك من هذه الأشياء ومساعدتك على اتخاذ خطوات تجاه التغلب على هذا الخوف.
خوض تجربة التغلب على المخاوف
اعرف أن الخوف شيء مكتسب. فتقريبـًا كل المخاوف يتم اكتسابها لأننا لا نعرف الخوف عندما نكون صغارًا ثم بمرور الوقت وكلما كبرنا في السن نتعلم أنه ينبغي علينا الخوف من عدة أشياء؛ فنخاف التحدث مع الغرباء، ونخاف إلقاء محاضرة على الملأ، ونخاف من ركوب قطار الموت في الملاهي. لكننا لم نكن نخاف من تلك الأشياء في وقت من الأوقات وتكمن الخدعة هنا في تذكر أن الخوف أمر مكتسب ويمكن التخلي عنه.
وهذا الأمر ينطبق على أشياء كثيرة وبالأخص المخاوف الاجتماعية التي غالبـًا ما تنبع من الشعور بالرفض ونقصان التعاطف مع الذات، لذلك فإنك إن لم تنبذ شخصـًا تحبه فغالبـًا لن ينبذك أحد بدوره وحتى وإن فعل البعض ذلك فهذا يدل على أنهم هم من يعانون من مشكلة وليس أنت.
تخيـَّل النجاح. تخيل نفسك تتحلى بالثقة والشجاعة حتى أنه لا شيء يخيفك، والثقة لن تضمن لك النجاح في حد ذاتها لكن الإقدام على الموقف بثقة سيساعدك على المحاولة أكثر وأكثر، لذا تخيل نفسك في الموقف ماذا ترى؟ وماذا تشم؟ وبم تشعر؟ وماذا تلمس؟ والآن تحكم في الأمر.
وسيتطلب هذا الأمر بعض الممارسة؛ فابدأ بممارسة التخيل لمدة 5 دقائق، وعندما يسهـُل عليك الأمر انتقل إلى التخيل لمدة 10 دقائق، ثم اقضِ كل الوقت الذي تحتاجه لعيش الموقف كأنه يحدث بالفعل.
أرخِ جسدك. فيمكن لممارسة تراخي العضلات التقدمي مساعدتك على تخليص جسدك من القلق، الأمر الذي سيساعدك على الشعور بالراحة عندما يحين وقت مواجهة خوفك.
تنفـَّس. فعندما تشعر بالخوف يتم تفعيل الجهاز العصبي السمبثاوي مما يؤدي إلى ظهور أعراض جسدية مثل سرعة خفقان القلب، والتنفس السريع لذا ينبغي أن تواجه هذه الأعراض بالتركيز على تمرينات التنفس العميق.
عـِش في حدود اللحظة.
فالكثير من مخاوفنا يتعلق بالمستقبل الذي لا نستطيع التحكم به. وقد قال وينستون تشرشل ذات مرة: "عندما أفكر في كل ما كان يخيفني أو يقلقني في الماضي أتذكر قصة الرجل الذي قال وهو على فراش الموت أنه عانى من أشياء كثيرة جدًا في حياته معظمها لم يحدث في الحقيقة."
وممارسة اليقظة من خلال التأمل يمكنها مساعدتك على التركيز على العيش في حدود اللحظة بحيث لا تصاب بالهوس حيال أشياء لا تستطيع التحكم بها بأي شكلٍ كان.
فكر في إنجازاتك السابقة.
فالتفكير في نجاحاتك قد يحفز الشعور بالثقة لديك مما سيساعدك على الشعور بأنك قوي بدرجة كافية لقهر مخاوفك. فما تلك الأشياء الرائعة التي قمت بعملها أثناء تعرُّضك للأزمات؟ ما الأشياء التي نجحت في فعلها في حين لم تكن متأكدًا من قدرتك على القيام بها؟ ما الأشياء التي لم تقتلك بل جعلتك أقوى؟
مهاجمة مخاوفك
بتخاف من الكلب قرب منه وأكله، بتخاف من الأدوار العليا اطلع البرج
تحدث عن مخاوفك.
فالحديث عن مخاوفك مع الآخرين يمكنه مساعدتك على إدراك أنك لست وحدك كما أن الأمر سيبدو لك أسهل، وقد يقترح عليك أصدقاؤك حلولًا تساعدك على التغلب على هذه المخاوف حتى أنهم قد يقولوا شيئـًا مضحكـًا عن الأمر فيجعلك تتشجع على مواجهتها.
كافيء نفسك.
لا تتجنـَّب مخاوفك بتغيير مشاعرك وإلهاء نفسك بالتسوق أو فعل أي شيء آخر تحبه، فأهم شيء هو الاعتراف بما يخيفك ثم العمل على مواجهته.
وقد لا تستطيع التغلب على خوفك على الفور، وقد تظل تشعر بعدم الراحة في ظل وجود ما يخيفك لفترة طويلة من الزمن لكن هذا لا يعني أبدًا أنك أخفقت، ولا تتوقف عن المحاولة.
وكلما أحطت نفسك بعقلية مواجهة مخاوفك كلما زرعت في عقلك الباطن الشعور بالقدرة على التخلص من هذه المخاوف.