بقلم : زهير دعيم
أراكَ سيّدي وأشمّكَ في كلّ زنبقةٍ تفتح ثغرها للنسائم والنّدى وتستقبل الشّمس ببسمة وضيئة.
اراك سيّدي وأسمعك مع كلّ زقزقةٍ وسقسقة وشقشقة لبلبلٍ غِرّيدٍ وقف على نافذة الصباح يتلو آيات الشّكر والعرفان.
أراك سيّدي وأحسّك في كلّ غيمة حُبلى بالمطر ، تقطر خيرًا فوق رؤوسنا وآبارنا وكرومنا وحقولنا ، فينتعش التراب ، وترتعش البذور ، وتتفتق الحياة.
أراك سيّدي وأحسّكَ في كلّ أمٍّ نام على ساعدها طفل الحياة ، فارتسم الحنان على مبسمه ، وغفت الطمأنينة على مُحياه.
أراك سيّدي وأغنّيكَ مع كل قصيدة جميلة ، وكل قصّة تزرع الأماني والابداع والرجاء والمحبة في النفوس.
أراك سيّدي وأسمعك مع هدير كلّ موجة في البحر الكبير ، تُغسِّل صخور الشاطيء وأدران الأيام.
أراك سيّدي وألمسكَ مع كل نسمة بليلة تأتي والقيظ يحتل الجبل والوادي والنفوس ، فننتشي ونصرخ : هلّلويا.
أراك سيّدي في مشرط الطبيب الجرّاح الحاني وهو يحزّ الورم ويُضمّد الجروح.
أراك يا يسوع في عنقود عنب تدلّى وفي حبّات الكرز وفي برتقالة تغار منها الشمس.
أراك يا سيدي في شجرة عرّاها الخريف ، فجاءت لوحة ولا أجمل ، تنتظر غيماتك لتورق من جديد.
أراك سيّدي في خشوع مؤمن جثا عند اقدام الصليب والدّمع يسبقه اليك، فراح يمسحه بيديه ويُرنّم ترنيمة الانتصار.
أراك في الشمس والرمس والهمس والامس ...
أراك في البشر والشجر والحجر... وكلّ ما هبّ ودبّ.
أراك لوحةً تملأ الخيال
ولحنًا يُعطّر المشاعر
وعطرًا يفوح من ثنايا السّوسن والحبَق وشقائق النعمان.
أراك في ثياب متسولة
وفي دمعة اليتيم
وفي عطاء الكريم
اراك حتى في العاصفة الحرون فأروح اتذكّر موائد الصيارفة ، ويأخذني تفكيري الى الدينونة فأرتعش ، لكن سرعان ما أهدأ ، فأنا مختبيء في صخرك ، وفي سترك وجروحك.
أراك وأراكَ في كل شيء جميل ، فأسبّحك وأرنّم لكَ وأرنو اليك ، وكيف لا ؟ والأعتزاز بك يملأني ، يحيطني ، يغمرني ويُغطّيني .
أراك يا يسوع فهل تراني أنت ؟ هل تراني في حقولك وفي دفتر مذكراتك وفي سِفرك ؛ سفر الحياة.
أتراني أنا الخاطيء المغسول بدمك؟!!!
أتراني وقنديلي المملوء بالزيت من حنانك وكلماتك ؟
أراك تهزّ برأسك الجميل وتقول :
" لا تخف ...دعوتك باسمكَ أنتَ لي ".