حمدي رزق
تويتة فيسبوكية بليغة صكها صديقى هشام عبدالحميد، نصًا: «أصبح لا جدوى من إزالة خانة الديانة من بطاقة الهوية، تقريبًا كل أسماء الأجيال الجديدة تدل على ديانة صاحبها».
نعم، هناك نزوع غريزى نحو الأسماء الفصيحة إسلاميًا ومسيحيًا، أبانوب صار شائعًا، وحذيفة ظهر فى الأفق، ومتوالية من الأسماء العربية من أسماء الصحابة والتابعين، فى مقابل متوالية مسيحية من أسماء الآباء الرسل القديسين.
صارت خديجة فى مقابل مارى، وجرجس فى مقابل مصطفى. اختفت الأسماء المصرية التى تحمل السمات المشتركة. توارت أسماء عادل وكرم ومجدى وسوسن ونجوى. بات كل فريق يبحث فى موروث أسمائه، وينتقى منه الفصيح الدال على الديانة. ما حاجتنا إذًا لمحو خانة الديانة والاسم دالٌّ؟!
أخشى خشية محب على اندثار المشتركات، حتى فى أسماء الصيدليات، اختفت صيدليات الأمانة والشفاء والهلال، وبرزت أسماء تعلن ديانة أصحابها، لصاحبها ومديرها دكتور محمد أو دكتور فلتس. هل هذا عادى فى المعادى؟ هل هذا طبيعى؟ هل هناك راصد لهذا المتغير الذى يتشكل تدريجيا ويرسم قسمة بين أبناء الوطن؟
حاشا، وكلا، وحتى لا يساء الظن، هذه السطور لا تحمل امتعاضًا من شيوع أسماء الصحابة والقديسين التماسًا للبركة والأسوة الحسنة، ولكن خشية على المشترك وبات نذيرا وينذر بفرقة مجتمعية لم نعهدها فى شعب ذاب فيه الجميع، فصار الكل فى واحد.
«مريم» من الأسماء المشتركة، وأذكر فى القراءة الرشيدة «عادل وسعاد»، ومن المجلات الرائعة «سمير»، ومن بين دور السينما وكانت منيرة بالنيون سينما «سهير»، وأسعدتنا باستعراضاتها المبهرة الفنانة «نيللى». كان زمان تتطوع الجارة المسيحية لتسمية مولود الجارة المسلمة، بأعذب وأرق الأسماء دون مس من طائفية بغيضة.
ماذا حدث للمصريين؟ يلزم دراسات اجتماعية معمقة. يستوجب الوقوف على رؤوس الجسور المؤدية إلى «دولة المواطنة»، وبحث ما طرأ على الأسماء والصفات والنعوت وحتى تحية الصباح والمساء- ذات مرة فاجأنى الأستاذ مفيد فوزى على الهواء بتحية مغموسة فى محبة الوطن: «تتمسوا بالخير»- أين ذهبت هذه الأمنيات العِذاب.
يومًا ماهاجت السلفية الضاربة كالمياه الجوفية فى طبقات الوطن السفلى على الأستاذ الكبير إحسان عبدالقدوس؛ لأنه اختتم برنامجه الإذاعى بأمنية «تصبحون على حب»، واستشعر السلفيون بقرون استشعارهم الرهيبة أنها دعوة إلى الحب الذى يترجم لديهم على أنه جنس. المعادلة السلفية: «حب يعنى جنس»، فهاجوا هوجة زاعقة فى وجه البشوش، فما اهتم لهم، وواصل يبشر بالحب.
السلفية تنخر فى أساس المجتمع، السلفية لونت الأسماء دينيًا، وفى المقابل تلونت الأسماء دينيًا، أخشى أن أبحث عن اسم «عادل» فلا أجد له أثرًا.
الحمد لله لا يزال فى أجيالنا وأجيال سبقت أسماء مشتركة تروق للمحبين، المواطنة فعل وليست حكيًا.
نقلا عن المصرى اليوم