حمل الأسبوع الماضي ثلاثة أخبار طيبة ذات نكهة قبطية, تمثل إنجازات إيجابية علي ثلاثة أصعدة: اثنان منها طال انتظارهما بينما الثالث فجاري تتبعه وترقبه…
** تأسيس قسم للدراسات القبطية بكل من جامعة الإسكندرية وجامعة دمنهور:
هذا الإنجاز طال انتظاره ويكتسب مغزي مهما في عودة الدراسات القبطية إلي موطنها الأصلي بعد غربتها -المحمودة وليست المكروهة- في جامعات العالم… فقد مرت عقود علي اشتياق الأقباط والمصريين المهمومين بأمر التاريخ والعلوم والمواطنة لاحتضان وطنهم مصر للدراسات القبطية وريادته لعلوم القبطيات المرتبطة باللغة والتاريخ والعمارة والفنون والرهبنة والثقافة المتصلة بالعصر القبطي الذي يشكل حقبة ثرية مضيئة من تاريخ هذا الوطن, وكانوا في ظل اشتياقهم هذا يتابعون بمزيج من الإعجاب والمرارة إعلاء شأن الدراسات القبطية عبر الكثير من جامعات العالم مقابل تجاهل الجامعات المصرية ذلك… الأمر الذي كان مرجعه سببا مؤلما وغير علمي علي الإطلاق وهو أن الدراسات القبطية باتت غريبة علي وطنها لأنها تحمل الهوية المسيحية غير المرحب بها من جانب تيارات متأسلمة جاثمة علي صدور المنابر العلمية في جامعاتنا ومعاهدنا وأقسام الدراسات المتخصصة بها… ولكن جاءت البشري السارة أخيرا تحمل ما يفيد تعافي مصر من ذلك السقم وإقدام اثنتين من جامعاتها لتأسيس قسم للدراست القبطية: الأولي هي كلية الآداب بجامعة الإسكندرية والثانية هي كلية الآداب بجامعة دمنهور.. ولا غرابة في ذلك إذا عرفنا أن تاريخنا يشهد بأن الإسكندرية هي مبعث ومنطلق الشرارة التاريخية الأولي للعصر القبطي الذي أعقب العصر الإغريقي الروماني -أو العصر البطلمي- والتي امتدت في مسار انتشارها عبر مصر كلها خلال الوجه البحري وعلاماته المضيئة في وادي النطرون ومحافظة البحيرة.
مرحبا بقسم الدراسات القبطية بكل من كلية الآداب بجامعة الإسكندرية وكلية الآداب بجامعة دمنهور مع كل التطلعات لأن يتبوأ من خلالهما الدارسين والباحثين المصريين- ومن بعدهم الأجانب- المكانة التي يستحقونها في ريادة تلك الدراسات علي المستوي العالمي… ووداعا لسنين طويلة كنا نتباكي فيها علي غياب اللغة القبطية عن جامعاتنا بينما اللغة العبرية كانت تحتل مكانها ضمن اللغات التي تدرس فيها.
** مساواة الرجل والمرأة في تشريعات المواريث بمشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين:
كل من تابع سلسلة مقالاتي في ملف الأمور المسكوت عنها حول الجهاد والمناداة من أجل إدراك المساواة بين الرجل والمرأة في تشريعات المواريث لن يفته مقدار الترحيب والرضي الذي استقبلت بهما أنباء تضمين تشريعات المواريث مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين الجاري وضع اللمسات الأخيرة علية من جانب الكنائس المصرية -القبطية الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية- قبل إرساله للحكومة تمهيدا لعرضه علي البرلمان لإصداره بموجب الاستحقاق الدستوري الوارد في نص المادة الثالثة من الدستور التي تكفل للمصريين من المسيحيين واليهود حق الاحتكام إلي مبادئ شرائعهم كمصدر رئيس للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية… أخيرا وبعد طول انتظار يتحقق الأمل في تضمين مشروع قانون لوائح الأحوال الشخصية للمسيحيين باب خاص بالمواريث تعر بشكل أساسي بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في المواريث في كافة الدرجات… بل أن نشئ الذي يدعو إلي الفخر أن هذا المبدأ للمساواة بين الذكر والأنثي في قضايا المواريث نال اجماع الاتفاق بين الكنائس الثلاث ولم يكن محل مساومة أو جدال شأنه شأن بنود أخري جاري حسم ما تبقي من ملاحظات حولها… وإذا أرحب بشدة بهذا الإنجاز لا يفتني أن أكرر كما كتبت دوما كلما تعرضت لتلك القضية إني أظل قد طلعا لليوم الذي لا يقتصر هذه المساواة علي الرجل والمرأة المسيحيين, بل أن نري اليوم الذي يتم تشريع مثلها علي المصريين جميعا في إطار الدولة المدنية الحديثة.
** للمرة الثانية أقول: يا مسهل.. فات القليل.. ما بقي إلا الكتير:
ثالث الأخبار الطيبة التي تضيف إلي الإنجازات الإيجابية للأقباط جاء فيما أعلن عن صدور قرار رئيس الوزراء بتقنين أوضاع 127 كنيسة ومبني خدمات تمثل المجموعة الثامنة في سلسلة قرارات تقنين أوضاع الكنائس القائمة وغير المرخصة -كنائس أزمنة الأزمات- وبصدور القرار الأخير تكون جملة الحالات التي تم مراجعتها وتقنينها بواسطة اللجنة المشكلة لهذا لغرض بلغت عدد 991 كنيسة ومبني خدمات بالإضافة إلي 30 كنيسة ومبني خدمات صدرت لها قرارات مشروطة باستيفاء شروط السلامة الإنشائية, أي بلغت الجملة 1021 كنيسة ومبني خدمات من أصل 3730 حالة متدقة أوراقها إلي اللجنة.. وبذلك تكون اللجنة قد انتهت من نظر 27% من جملة الحالات في 22 شهرا, وبذلك يتبقي الفصل في 2709 حالة تمثل 73% من جملة الحالات, الأمر الذي سوف يحتاج فترة 61 شهرا لإنجازه باعتبار المعدل الذي تسير عليه اللجنة… يا مسهل.. فات القليل.. ما بقي إلا الكتير!!