الأقباط متحدون | الحل الآن ليس في رحيل الجيش
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٠٥ | الأحد ٢٧ نوفمبر ٢٠١١ | ١٦ هاتور ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٩١ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الحل الآن ليس في رحيل الجيش

الأحد ٢٧ نوفمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم: منير بشاي

تصاعدت مؤخرًا نداءات غاضبة من متظاهرين في ميدان "التحربر" وفي عديد من المحافظات تطالب بنهاية الحكم العسكري ورجوع الجيش إلى ثكناته. وشخصيًا أتفهم هذه المشاعر، وأدرك أن هناك أخطاء تُنسب إلى عناصر من الجيش حدثت في "ماسبيرو" وميدان "التحرير". هذه المخالفات خطيرة ويجب التحقيق فيها ومحاكمة المخطئين. ولكن كما يقول المثل الإنجليزي Don’t throw the baby with baby bath. "لا ترمي الطفل مع ماء حمومه". ففي محاولتنا لتصحيح الأخطاء لا يجب أن نتمادى إلى ارتكاب خطأ أكبر شناعة، مثل المطالبة برحيل الجيش الآن، فتصبح "مصر" بذلك فريسة سهلة للجماعات التي تسعى لهذا، حتى تتمكن من سرقة "مصر" دون مقاومة. كما أنه في هذه المرحلة التي تعاني "مصر" من الانفلات الأمني وانتشار أعمال البلطجة وترويع الموطنين الآمنين، فإن الاحتياج ماسًا إلى قوات الجيش لإقرار الأمن في البلاد. الخلاص لهذا الوطن لن يكون باستبعاد آخر قوة يحتاجها الوطن في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه وهي قوة الجيش.

 

أعتقد أنه في الفترة القادمة تحتاج "مصر" إلى حاكم قوي يكون قادرًا على فرض الشرعية التي يقرها الشعب. هذا الحاكم يجب أن يكون له المقدرة على أن يكبح زمام القوى المتصارعة في المجتمع، والتي تخطّط للاستيلاء على الحكم وإملاء مخططاتها على الجميع، وفي نفس الوقت يجب أن يكون له رؤيا تقدمية لعلاج مشاكل الوطن. ولن يستطيع إنسان أن يقوم بهذا إن لم يكن مؤيدًا بقوة مثل القوات المسلحة.

 

عندما قامت ثورة 25 يناير، لم يتصوَّر أحد أن النظام السابق الذي استمر راسخًا على مدى ثلاثين عامًا يمكن أن ينهار بهذه السرعة، بعد حوالي أسبوعين من بداية اعتصامات الشباب. ولكن مجرد إزالة البنيان القديم ليس بأهمية أو صعوبة إقامة البناء الجديد. ويبدو أن عملية هدم القديم قد تمت بسرعة أكبر مما توقَّع الناس، وقبل أن يفكروا في ما يجب عمله بعد ذلك. وفي مناخ يتسم بالانفلات الأمني وغياب سيطرة الدولة، بدا واضحًا أنه بإمكان بعض التنظيمات، التي كانت سابقًا تختبىء في الجحور خوفًا من بطش الحاكم، أن تستولي على الحكم. وبذلك تكون الثورة التي جاءت لتحسين أحوال البلد قد ساعدت على انتكاستها.

 

في هذه النقطة الفاصلة من تاريخ "مصر"، ووسط هذا الجو المحفوف بالأخطار، والذي قد يحدِّد مستقبل "مصر" في العقود بل القرون القادمة، أرى أن الاحتمالات الأكثر واقعية هي أن جماعة الإخوان، ومعها التيار الإسلامي المتشدد، هي القادرة على القفز على الحكم؛ لأنهم الأكثر تنظيمًا والأكبر مواردًا والأوسع سيطرةً على الشارع، وقد أثبتوا مقدرتهم على الفوز في الانتخابات في الماضي. فهل نحن على استعداد أن يحكم الإخوان "مصر"؟ وهل أسقطنا "مبارك" لنستبدله بمرشد الإخوان؟

 

ولذلك، فاعتقادي أن المناخ العام غير صالح الآن لإجراء انتخابات رئاسية تكون النتائج فيها شبه محسومة لصالح الدولة الدينية. وأتمنى أن يتم تأجيل الانتخابات الرئاسية ليكون هناك فترة انتقالية لإعادة بناء ما تم تخريبه، وأن يتولى الرئاسة في هذه المرحلة أحد قادة الجيش المشهود لهم بالكفاءة والإخلاص، مثل الفريق "أحمد شفيق" أو الفريق "سامي عنان".

 

رغم أن البعض قد يعترض على هذه الأسماء لخلفيتهم العسكرية، وقد يصّرون على ضرورة تكوين حكومة مدنية، وهذا ما أفضله أنا أيضًا شخصيًا، ولكن دعنا نكون واقعيين، فـ"مصر" غير جاهزة لهذا الآن، والجو الحالي الغير واضح ينذر أنه في حالة عدم سيطرة حاكم قوي على مقاليد الأمور، فإن الاحتمال الأكبر سيكون في صالح قيام دولة دينية على نموذج "إيران"، وبذلك نكون قد خسرنا كل شىء، بدلًا من النموذج الإيراني أتمنى باختيار حاكم عسكري مؤقت أن يصبح لـ"مصر" ما كان أتاتورك لـ"تركيا"، وأن يكون وظيفته أن يحوِّل "مصر" تدريجيًا إلى العلمانية التي يحميها الجيش ويضمن استمرارها حتى بعد انتهاء حكمه طبقًا للنموذج التركي.

 

هذا، ومن المعروف أن الفريق "أحمد شفيق" إنسان نظيف اليد، مشهود له بأنه إداري كفء، مثل السيف القاطع الحازم والحاسم في تعامله مع واجبات وظيفته وأدائه وانجازاته كقائد للسلاح الجوي وكوزير للطيران المدني خير دليل على ذلك. كما أن الفريق "سامي عنان" يتمتع بالرأي المعتدل النزيه، ومواقفه الجريئة التي اتخذها أثناء أحداث الثورة معروفة، فهو الذي رفض أوامر الرئاسة بضرب الجيش لشباب الثورة، وهو الذي أعلن رفضه للدولة الدينية بقوله "إن الدولة المدنية هي مسألة أمن قومي".

 

البدائل العلمانية الموجودة على الساحة الآن لا يمكن الرهان على قوتها وقدرتها على قيادة البلاد. وإذا سارت الأمور في الاتجاه الصحيح سيأتي الوقت الذي تصبح قادرة على الحكم، وذلك بعد فترة انتقالية تستقر فيها الأوضاع ويستتب الأمن ويتحسن الاقتصاد، ويتعود الشعب على فهم الديمقراطية وتقدير مسئولياتها.

 

ولكن أعلم أن هناك من يريدون التعجيل بانتخابات الرئاسة، وتسليم الرئاسة للشعب، ثم رحيل الجيش. وواضح أن هؤلاء يعلمون النتيجة مقدَّمًا. فهذه أفضل وأقصر وأسهل وسيلة يصل بها الإسلاميون إلى الحكم. وسيكتشف الشباب أنهم قد تم استغلالهم هذه المرة كما تم استغلالهم في 25 يناير، ليقوموا بالشغل كله، وبعدها يأتي الإسلاميون إلى مسرح الحوادث في وقت الحصاد ليجنوا الثمار.

 

يجب أن نكون واعين حتى لا نقع في خدعة رفض الدولة العسكرية لنجد أنفسنا تحت حكم الدولة الدينية. وبدلًا من أن يحكمنا سيادة المشير سيحكمنا فضيلة المرشد، وبدلًا من أن نتبع نموذج "تركيا" العلماني التقدمي سنتبع نموذج "إيران" و"أفغانستان" وطالبان الديني الرجعي، وبدلًا من أن نلحق بالقرن الواحد والعشرين سنتراجع إلى القرن السابع.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :