ظل أحمد يراقب ضفة القناة لأيام بعد هزيمة 5 يونيو 67 التي حلت بالجيش المصري، كان يري في الجانب الآخر طوق النجاة من مصيره، فهو ضابط شاب في سلاح الإشارة إنسحب بجنوده دون قتال و مات من مات من رفاقه أثناء الإنسحاب.
و في ليلة من ليالي عام 68 قرر أحمد أن يعبر القناة بمفرده ليس مقاتلاً بل صديقاً للعدو وخائناً لوطنه .
ولأنه يعلم أماكن حقول الألغام سار في منطقة خالية من الألغام و خلع حذائه العسكري و قفز في المياه تجاه الشاطئ الآخر من القناة.
و عند وصوله للضفة الأخرى ظل يجري ليس خوف من الاسرائليين و لكن خوفاً أن يكون تم رصده و يمسكه المصريين.
و بعد سير ساعتين تقابل مع دورية اسرائيلية فسلم نفسه لهم وسط دهشة كبيرة منهم.
إكتشاف هروبه من وحدته
في صباح اليوم التالي كان قائد كتيبته قد اكتشف ما حدث فقصاصي الأثر أعطوه الدليل أن الظابط أحمد لم يخطف أو يهرب إلى بلدته بل هرب إلى الشاطئ الآخر.
تدخل المخابرات الحربية
بعد ساعات كانت المخابرات الحربية تتدخل في الموضوع و تم عمل تحقيق مع زملائه استمر لساعات طويلة و تم دراسة ملفه أكثر من مرة.
في بئر سبع أمضي أحمد أيام كثيرة تحت الإستجواب و التعذيب النفسي و كان في كل مرة يصرخ أنه حضر إليهم بمحض إرادته.
أتت اعترفاته مطمئنة لليهود فهو يقول لهم معلومات مؤكدة معروفة لديهم و نظراً لصغر رتبته فلم يكن ملماً بأسرار كبيرة و كان السؤال الذي يعاد عليه في كل مرة عن ميعاد الحرب القادمة و كان رده أنه لا يعلم.
و بعد فترة تلقته أيدي الموساد عبر فتاه ، حيث أعطته جرعات من الجنس جعلتة يفقد الوعي و تحت تأثير المتعة كان لسانه يردد نفس الكلام أما جهاز الموساد فكان في حيرة من أمره فهذه أول مرةيسلم ظابط مصري نفسه لهم طالبا التعاون، و ولأن المخابرات المصرية حاضرة في ذهنهم طول الوقت فكانوا يخشون أن يكون مندساً عليهم.
خطيبته السبب
و بعد أسابيع من التحقيقات و الإختبارات و جمع المعلومات حوله و حول عائلته تولدت لديهم قناعة تامة بأنة ليس مندس، و عندما سألوه عن سبب هروبه فاجأهم قائلاً أن خطيبته قد تنكرت له بعد الهزيمة و تزوجت برجل آخر أيسر حالا منه .
وأنه ليس لديه رغبة في القتال مع الإسرائيلين و كل ما يطلبه أن يعيش وسط أقوى شعب بالمنطقة و يلقن خطيبته و بلده درساً مهماً.
العودة لمصر
و بعد أشهر من الإقامة في إسرائيل تلقي احمد الصدمة انة سيعود لمصر فخر مغشيا علية من الصدمة و الخوف فما الخطأ الذي قام بة حتي يعود الي مصر و لكنهم طمأنوة بأنة سيعود كجاسوس لاقوي جهاز مخابرات في العالم و أن لغته الأم ستسهل عمله و أنهم سيغدقون عليه بالأموال وسيعيش في نعيم و أنه من المستحيل علي المصريين كشفه.
الجاسوس الفنان .. أحمد الرسام
عاد أحمد الي الأسكندرية في منتصف عام 69 محملاً بعلم الجاسوسية و كان المطلوب منه الإختلاط بأوساط البحارة لكي يعرف منهم معلومات عن البحرية المصرية و أنواع تسليحها.
و كان الرسم هو غطائه حيث تم إستغلال موهبتة في التغطية علي نشاطة كان أحمد يجلس علي الكورنيش مثلة مثل غيرة لكن عينة كانت تتابع الميناء الحربي فقد حصل علي تدريبات عن القطع البحرية المصرية لكي يستطيع أن يرصد تحركاتها.
و كأي جاسوس قام بإستخدام الحبر السري في البداية ثم تلقى جهاز إرسال صغير متقدم نظراً لأهمية المعلومات التي يرسلها و أهمية إرسالها بسرية وسرعة.
وفي مبني المخابرات المصرية كانت المعلومات ترد إليهم بأن هناك جهار إرسال تم رصد إشاراته بالأسكندرية و أنه جاري التحقق منه.
كان أحمد يرسل إشاراته من أي مكان يحب فلا قيد عليه فمن يتخيل أن جهاز الراديو الصغير المدلي من جيبه يحمل معلومات مخزنة لا تحتاج إلى أكثر من ضغطة لكي يرسل رسالته حتى و لو كان بمكان عام.
بداية السقوط
وقع أحمد في حب طفل صغير كان يبيع الفل علي الكورنيش فملامح الطفل الصغير تحمل ملامح الكفاح الشريف الذي لا يعرفه هو.
وقرر أن يرسمه و تعددت الرسوم و أغدق أحمد علي الطفل بالأموال الذي فرح بها جداً لدرجة أنها ايقظت الحس الأمني داخل والده الذي خشي أن يكون أحمد يقوم بإستغلال ابنه في أمور جنسية فقام بإبلاغ الشرطة، ومر البلاغ مرور الكرام علي الشرطة و لكن كان هناك رجل من المخابرات متيقظاً وهو يسمع الطفل الصغير وهو يصف الرسام فبغض النظر عن الشارب و اللحية فملامحة تقارب ضابط خائن.
تحت المراقبة
تم وضع أحمد تحت المراقبة و انتقل أحد كبار ظباط مكافحة الجاسوسية إلى الأسكندرية لمتابعة التحقيق و في تلك الفترة لم يقم أحمد باي عمل يثير الشبهات حوله لدرجة أن ضابط المخابرات شك أن يكون الموضوع ليس أكثر من تشابه بين الرجلين و لكنه ظل متيقظاً.
فهو يعرف بوجود جاسوس بالاسكندرية و إشارات اللاسلكي لا تكاد تتوقف.
الكمين
قرر الضابط عمل كمين للرسام حتي يتأكد منة و زج في طريقه بشاويش بحرية وهو في الأصل ظابط مخابرات متخفي و علي إحدى المقاهي تعارف الأثنين وتحدث الشاويش عن المدمرة التي يعمل عليها و علي تسليحها و تخيل أحمد أنه أمام صيد ثمين يستطيع من خلاله الحصول علي مزيد من الأموال.
الطمع و الجشع جعل أحمد يصادق الشاويش الذي قال أكثر مما يجب و صرح لأحمد بوصول مدافع جديدة مخصصة للجيوش الميدانية فسال لعاب أحمد ومن بعده الموساد وقرر أحمد تجنيد الشاويش بعد أن تأكد الموساد من صدق المعلومات التي قالها عن القوات البحرية.
و في تلك اللحظة أصدرت النيابة العامة أمر بالقبض عليه نظراً لخطورته على الأمن القومي و لكن ضابط المخابرات كان له رأي آخر ولذلك بسبب جهاز الإرسال الحديث الذي كان معه فقرر الحصول عليه بأي ثمن وفي نفس الوقت أرسلت إسرائيل لأحمد خبر وصول أحد ظابط المخابرات للتأكد من موضوع المدافع الجديدة التي أبلغ الشاويش أحمد بمكانها وأنها مخبئة في الصحراء بعيدة عن الأعين.
قبل وصول ضابط المخابرات الإسرائيلي تم القبض علي أحمد بهدوء تام و ظل حبيس شقته بعد أن إعترف بكل شئ.
وكان خبر وصول الظابط الاسرائيلي كنز بالنسبة لرجال المخابرات الذين قرروا عمل كمين له و القبض عليه.
ونظرا للرعب الذي كان به أحمد فقد إعترف بمكان جهاز الإرسال والشفرة الخاصة به حيث كان يخفيه بأحد المصاحف و قد تابع أحد رجال المخابرات الإرسال وهو بجوار أحمد بناء علي الجدول المحدد لعدم أثارة شكوك الموساد و حضر الضابط الإسرائيلي متخفي في صورة سائح يوناني و تم رصده ووضعه تحت المراقبة الشديدة وسرعان ما قام بتأجير سيارة للتجول بشوارع الأسكندرية وللذهاب الي الموقع الذي أخبر الشاويش أحمد به عن مكان تجميع المدافع الجديدة بالصحراء فوجد نفسه امام بوابة حديدية قديمة و خلفها لوحة لأحد شركات المقاولات و جنديين يحرسان المكان و قام بإستدراج الجندين بالكلام و صرحا له بكلام مدسوس بالطبع و عاد ظابط المخابرات الي الأسكندرية وهو علي موعد مع أحد الجنود ليخبرة بمعاد وصل شحنة اخري من المدافع.
حيث وعده بمشاهدة المدافع الجديدة حتي يقوم بدراستها و تصويرها وذهب الضابط الإسرائيلي إلى شقة أحمد مسرعاً و سعيدا ليسلمه كتاب جديد للشفرة و مبلغ مالي للشاويش المصري نظير معلوماته و عند دخول الشقة وجد نفسه أمام رجال المخابرات المصرية ليقع في أيدي المخابرات المصرية بعد عامين من البحث و المراقبة و عند إعدام أحمد حزن الأب قليلاً و لكنه قال أن أحمد ليس إبنه منذ أن عبر لليهود و أن مصر أهم مليون مرة من إبنه الخائن.(المصدر)
صائد الجواسيس "الضابط الحقيقي الذي أوقع بالخائن"
اللواء فؤاد حسين وهو الملقب بـ «صائد الجواسيس» الذي ضبط 48 جاسوسًا خلال عمله الأمني، بعد خروجه على المعاش قرر كتابة أدب الجاسوسية عن القصص المتعلقة بالتخابر والتجسس التي عايشها عبر عمله بالمخابرات، فكتب قصة بعنوان «الخيانة الهادئة» بطلها كان عريفا في القوات المسلحة هرب من الجيش عام 1968 وسلم نفسه لليهود الذين قاموا بتجنيده وإرساله لمصر وتم كشفه والقبض عليه.(المصدر)