كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
من الوقائع ذات المغزى السياسي التى رواها " ابراهيم فرج " سكرتير عام حزب الوفد في فترة تاريخية هامة من تاريخنا ، ما ذكره حول زيارة مؤسس دولة باكستان " محمد على جناح " إلى مصر عام 1946 بعد الاتفاق على تقسيم شبه القارة الهندية إلى الهند وباكستان ، في جولة له للحصول على دعم ومباركة القادة المسلمين .
وكان " الوفد " وقتها خارج الحكم ، إلا أن " جناح " طلب مقابلة " النحاس " للحصول على مباركته ، وبدأ حديثه للنحاس قائلاً " لقد جئت إليك بصفتك الزعيم المسلم الكبير " فقاطعه النحاس " اسمع ، أنا لست الزعيم المسلم الكبير ، إنما أنا زعيم وطني ، لقد وحد سعد زغلول بين المواطنين في بلادي وأنا أسير على خطاه ، وأكبر إنجازات الوفد تحقيق الوحدة الوطنية في مصر واستمرت وستستمر . وأنتم لم تسعوا للوحدة الوطنية ، بل ذهبتم إلى الفرقة الوطنية . الهند وباكستان في الأصل بلد واحد نشأ نشأة واحدة وتاريخهم واحد ومصالحهم واحدة ، أما كون هذا مسلم وآخر بوذي أو هندوستان ، فلايهم . الذي يهم وحدة الوطن والحضارة والانتاج والقوة والرخاء لا التفرقة التي من شأنها إضعاف القوة المجتمعة " فقال له محمد علي نجاح " إنني أسمع مثل هذا الكلام لأول مرة " فقال النحاس " لأنني أتكلم كوطني لا أجامل ، وكنت أستطيع أن أستقبلك وأقول إنه لا شأن لي بقضاياكم وأنتم أحرار ، إنما أنا أتكلم كوطني أعرف أن هناك رابطة بين حزب الوفد وحزب المؤتمر عندكم وأن الجهاد في مصر والهند بدأ في وقت واحد " ..
وفشل " جناح " في إقناع " النحاس " لإصدار بيان يقول فيه إنه قابله ورحب بقيام دولة باكستان ، وقال له " إذا أردت فسأذكر رأيي " .. وانتهت المقابلة ..
وهنا أحبائي قراء موقعنا " المصريون متحدون " ينبغي الإشارة لأهمية أن يعي المسئول السياسي في موقع القيادة لأبعاد مواقفه وطنياً بأداء ديمقراطي حر نبيل دون مواءمات أو حسابات مترددة ... لقد قرر " النحاس " المواجهة والانحياز لمصالح الوطن العليا .
فهل لنا أن نقارن مقولة " النحاس " بمقولة الزعيم أنور السادات قائد الحرب والسلام الذي لا يشكك أحد في عظيم وطنيته «أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة»، عندما وجهها إلى الكنيسة التى كان يجلس على كرسيها آنذاك قداسة البابا شنودة الثالث ، ضد حالة التبرم التى بدأت تجتاح المصريين المسيحيين، بسبب المادة الثانية فى الدستور، وتبنى «السادات» لفلسفة مغازلة الفكر المتشدد لجماعات التأسلم السياسي ، وصل إلى حد إخراجهم من السجون ، و مرّ حتى الآن على رحيل «السادات» حقبًا من الزمان، وأصبح الدين سياسة والسياسة ديناً ، واعتلت جماعة الإخوان، ومن خلفها السلفيون، سدة الحكم، رافعة شعار: الإسلام دين ودولة، وعبادة وقيادة، و شعار مصحف وسيف ، وحتى بعد إسقاط حكمهم نعيش حالة حرب مع ميليشيات التطرف الإرهابي ..
والتاريخ لن ينسى للرجال مواقفهم ...