هاني لبيب
ليس هناك ما يستدعى القلق بسبب الدراسة فى المدارس، ولن تصبح الثانوية العامة مشكلة حقيقية للعائلات قبل الطلاب.. لأنه، ببساطة شديدة، ليست هناك أى اختبارات مخيفة أو امتحانات مرعبة فى السنوات التسع الأولى بالمدارس، وإنما هناك تقييم أداء من خلال المدرسين.. فما يهم هو تحسين عملية التعليم ودعم مسيرتها، وليس العلامات والأرقام النهائية للنجاح والقبول بالجامعات.
إلغاء الاختبارات الموحدة وتحوّل نظام التعليم إلى التقييم «الذكى»، بما يعنى وجود معايير وطنية لجودة التعليم والتدريس فى شكل مناهج أساسية وقواعد تربوية، وتقييم ذاتى للمدارس ومقدمى الخدمة التعليمية، فإن النظام التعليمى لا يصنف المدارس على أساس نتائج الاختبارات.. فالأهمية الكبرى للجودة، والأهمية الأقل للرقابة والتفتيش والمنافسة.
الابتعاد عن الأساليب التعليمية التقليدية من تلقين وحفظ، والاهتمام بالمهارات الأساسية، وتنمية التفكير والإبداع والنقد، واكتساب مهارات التعلم الذاتى للاستفادة الحقيقية من انتشار المعرفة وتراكمها وتطور أدواتها. وما يتبع ذلك من عدم محاصرة الطلاب بالاختبارات والامتحانات من جانب، أو بالواجبات المنزلية من جانب آخر. فضلًا عن تركيز دور المعلم فى تشخيص حالة طلابه ومعرفة قدراتهم ومستوى استيعابهم.. لإعداد المواد الدراسية التى تتناسب معهم. كما أن عدد ساعات وجود الطلاب فى الصفوف الدراسية للتعلم لا تزيد على ثلاث ساعات فى اليوم، وبقية اليوم لفعاليات مشوقة.. ليختار الطلاب ما يستهويهم.
الفصول الدراسية واسعة ومريحة وغير مكتظة بالطلبة، فما قبل المرحلة الابتدائية لا يتجاوز عدد طلاب الفصل الواحد 12 طالبًا، وفى المرحلة الابتدائية لا يتجاوز عدد الطلاب 25 طالبًا، وفى الغالب يقسّم الصف نفسه لمجموعات صغيرة بين 6 و7 طلاب، مع وجود معلم لكل مجموعة. والمدرسة مزودة بجميع التجهيزات ووسائل الراحة والتعليم، وهناك المختبرات وأماكن الاستراحة والأكل، وهناك المكتبات والملاعب الرياضية وقاعات الأنشطة والمسارح.. وكلها مجهزة لتستجيب لحاجات المتعلمين إلى اللعب والتسلية والرياضة.
التعليم مجانى لجميع الطلاب، وجميعهم يحظى بوجبات طعام مجانية، والسفر مجانا لكل من يسكن بعيدًا عن المدرسة بمسافة أكثر من 3 كم، والكتب مجانية حتى بداية المرحلة الثانوية. ولا يوجد إلزام بارتداء زى موحد، كذلك يتاح لمعظم الطلاب الاشتراك فى أنشطة تنمية المهارات الاجتماعية، وتعزيز روح الانتماء والعطاء.
اختيار المدرسين بدقة شديدة طبقًا لمعايير محددة، من أهمها أن يكون حاصلًا على درجة الماجستير، ولا يتم قبول سوى نسبة 11 % فقط من المتقدمين لشغل وظيفة مدرس.. يعملون فى الفصول لمدة 4 ساعات يوميًّا و20 ساعة أسبوعيًّا، بدلًا من زيادة المضمون والتعامل معه بسطحية لتتاح لهم الفرصة لإعداد المناهج الدراسية وتقييم الطلاب.
نقطة ومن أول السطر
إنها دولة «فنلندا» كمثال على بلد لم يتبع الكثير من المبادئ العالمية لإصلاح التعليم وقواعده التقليدية، ولكنه نجح فى زيادة ثقة الطلاب بقدراتهم وبأنفسهم بسبب عدم السماح نهائيًا بالتمييز فيما بينهم.
تُرى.. متى نبدأ؟!
نقلا عن المصرى اليوم