الأقباط متحدون | ثائرة في زمن النخاسة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٠:٣٢ | السبت ١٩ نوفمبر ٢٠١١ | ٨ هاتور ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٨٣ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

ثائرة في زمن النخاسة

السبت ١٩ نوفمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: وجيه رؤوف
كان الجميع يذهب إلى سوق النخاسة الأسبوعي والذي يُعرض فيه الرجال والنساء كعبيد للبيع، وفي هذه الأزمنة التي كانت تُحكم ببعض الحكام ذوي الشأن والذين كان يشعر فيهم الشعراء بالعدل والكرم حتى ينالوا ما يبتغون من كرم السلاطين، في هذه العهود والتي كان يلقَّب ولاتها بألقاب ما أنزل الله بها من سلطان، كان سوق النخاسة موجودًا طوال الأسبوع، مع عروض مغرية تقدَّم في أحد أيام الأسبوع، وكان من الشروط لهذا السوق أن يعري الرجال والنساء عن صدورهم وسيقانهم ليظهروا البضاعة المراد بيعها، فلا سترة للعبيد ولا عورة للعبيد إلا ما تحت السرة وما أعلى ذلك كان مباحًا للناظرين. وفي هذه العهود كانت تُضرب الأمة إذا تحجبت أو تعففت عن إظهار أنوثتها، فليس للإماء حجاب إنما الحجاب للحرة وللأحرار فقط، وهكذا كان من الطبيعي أن يذهب الشاري ليتفرس في جسم العبد أو العبدة (الأمة) ليتأكد من جودته وصلاحيته للعمل، ولا مانع أيضًا أن تذهب السيدة الحرة لتتفرس في جسد العبد أو الأمة لكي تتأكد من جودة البضاعة وحسنها. كان هذا في جميع الدول والحضارات سواء الرومانية أو العربية، حتى جاءت عصور النهضة التي دعت إلى محاربة الرق وتجارة الرقيق، فبدأت هذه التجارة تقل رويدًا رويدًا في كل دول العالم، ولكن في زمننا هذا، وفي الألفية الثالثة، ظهرت دعوى أخرى إلى هذه التجارة، فظهر أحد العلماء ورجال الدين النابهين فدعا إلى حل المشكلة الاقتصادية في الدول العربية عن طريق غزو بلاد الفرنجة وأسر نسائها ورجالها وبيعهم عبيد حتى يتحسَّن اقتصاد بلادنا، دعا هذا العالم الجليل إلى ذلك ولم تقم الدنيا ولم تقعد، فمطلبه شرعي لحل مشكلة البلاد الاقتصادية. وبعده ظهرت إحدى السيدات والكاتبات المعروفات في دول الخليج ودعت إلى عمل سوق للنخاسة حتى تستطيع المرأة أن تشتري لها عبدًا يقضي لها حاجياتها كما في الزمن البائد، دعت هذه السيدة إلى ذلك ولم يقم العالم ولم يجلس على تلك الدعوة لعودة سوق النخاسة، بل والأكثر من ذلك والأشد أن طرح "آية الله خاتمي" في "إيران"، بل ونفذ، مشروع بيوت العفة، لتقل حالات الزنا بين الشباب في "إيران"!.

وبيوت العفة هذه لمن لا يعرف، هي بيوت يذهب إليها الشاب فيجد مجموعة من الفتيات الجميلات، ويختار منهن واحدة ليعقد عليها زواجًا لمدة ساعة أو ساعتين بورقة بينهم، ويدخل بها أحد الغرف كما يدخل الأزواج بزوجاتهم، ويطلقها بعدما يقضي منها وطره.. هذه هي بيوت العفة، ولكنها مقننة بورقة رسمية محمية بقانون المجتمع المدني!!.
 

قرر "آية الله خاتمي" كل هذا، بل ونفَّذه، ولم يقم المجتمع ولم يجلس مثلما حدث حينما تعرَّت "علياء ماجدة المهدي"..

أما عن "علياء" فأنا لا أدافع عنها، ولكني أحلِّل الظروف المحيطة بها. فما فعلته "علياء" كان واضحًا أنه خطأ، ولكن لنحاول أن نحلِّل ما مرَّت به هذه الفتاة واضطرها إلى فعل ذلك.
 

"علياء المهدي" هي فتاة بسيطة بطبعها، ولكنها لظروف أو لأخرى اضطرت إلى مواجهة الحياة بمفردها. لقد درست في إحدى مدارس اللغات، وبعد ذلك التحقت بالجامعة الأمريكية لاستكمال دراستها. هي فتاة خجولة بطبعها، ويظهر ذلك من صفحاتها القديمة على الفيس بوك، وكانت سلواها الوحيدة أو المفضلة هي عالم النت عامة وعالم الفيس بوك بصوره خاصة.

يومًا ما منذ عدة سنوات فُوجئت على صفحتها بوجود بعض الشباب الذين يتحرشون بها بطريقة غير لائقة، فما كان مني إلى أن دخلت في ذلك الحوار الذي يخدش حيائها، ودافعت عنها، وشكرتني هي على ذلك برغم عدم وجود معرفة شخصية بيني وبينها. استمرت "علياء" في التواجد على الفيس بوك متابعة كل شيء، من سجن "كريم عامر" لإبدائه بعض الآراء، إلى بعض مما كتبته سابقًا من عودة إلى سوق النخاسة الجديد، إلى دعوة البعض إلى تحجيم الأنثى ومنعها من القيادة وحرمانها من العمل، إلى إلزامها البيت، من تحطيم للتماثيل إلى الحديث مع المذيعات من وراء ستار على اعتبار إن المرأة "عورة"..
 

كل ذلك أدَّى بـ"علياء المهدي" أن تتخيل نفسها في المستقبل القريب داخل كيس أسود لا يظهر إلا عيناها، فتمردت على كل شيء، تمردت على المجتمع وقيوده، تمردت على ذكورية الرجل وتحكمه وتشدده، تمردت على سوق النخاسة الذي يريدون عرضها فيه مستقبلًَا، تمردت على ابتزاز "صفوت الشريف" للفنانات عن طريق تهديدهم بإظهار أفلامهم المخلة، فأظهرت بشجاعة فائقة صورة لها عارية برضائها، مدافعة عن فكرة محاولة أي بشر لابتزازها بذات الفعل مستقبلًا، وضاربة مثلًا لكل فتاة أن لا تقبل تهديدًا من أحد أو ابتزازًا من أحد نتيجة صورة أو فيلم أُلتقط لها في لحظة ضعف، تمرَّدت على الليبرالية ذاتها، فالليبرالية تقول: حريتك تقف عندما تؤثر على حرية الآخرين. لقد تمردت على كل شيء في لحظه قرَّر المجتمع فيها بيعها في سوق النخاسة. لقد بدأت وعرضت برغبتها صورة جسدها للعرض فقط بحريتها قبل أن يُعرض مستقبلًا رغمًا عنها، إنها رفضت أن تتحدث من وراء ستار، وانزعجت حينما انساقت بعض المذيعات لرغبات المضيفين فاستترن وتحجبن، لم تكن إلا ثائرة على زمن النخاسة، وإن كان تصرفها جريئًا على مجتمع يقمع المرأة بكل قسوة. لا أدافع عنها، فمثلها لا يحتاج إلى دفاع، فهي كفيلة بالدفاع عن الرجال في زمن ضاعت فيه النخوة وقبل الجميع بعودة سوق النخاسة، لا أدافع عنها، ولكني أكرِّر قول رب المجد الصالح لكل زمان ومكان "من كان منكم بلا خطيئة فليلقها أولًا بحجر".




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :