جمال رشدي : يكتب
أبي الجليل صاحب الغبطة والقداسة البابا تواضروس الثاني المعظم والممسوح بنعمة الرب البابا إل 118 للكنيسة القبطية المرقصية الأرثوذوكسية، من ضمير صالح وقلب نقي ينبض بالمحبة، اكتب رسالتي تلك إليك ومعك إبائي الإجلاء مطارنة وأساقفة وكهنة وخدام
رسالتي تلك صرخة الم ووجع تدوي في كل كياني بسبب ما أشاهده وأترقبه من محاربة وصراع بين بعض أباء الكنيسة وما نتج عنه من انشقاق علماني بين طوائف عدة تحت مسميات مختلفة، والسبب في ذلك الصراع واتساع رقعته هو عدم وجود رؤية إدارية حكيمة تضبط قاع الأحداث وتعمل علي احتوائها داخل بوتقة محبة الكنيسة، نعم يا أبي العزيز ما يحدث هي فجوة عميقة إدارية كان سببها رحيل العملاق ألمرقصي المفكر والأديب والشاعر والكاتب البابا المعظم البابا شنودة
وكانت الحكمة تقتضي سد تلك الفجوة بعمل مؤسسي لان قداسة البابا شنودة كان حالة استثنائية من الكاريزما الشخصية التي كان يتمتع بها، والتي كانت تمثل مؤسسة إدارية عملاقة في تكوينه الشخصي، وتلك الحالات الشخصية الاستثنائية تظهر علي مراحل عبر التاريخ الإنساني، والتعامل مع رحيلها من مكانها يتطلب صياغة هيكلية لعمل مؤسسي كبير متكامل الأركان، يحاول إن يسد ثغرة الرحيل الشاغر للشخص الاستثنائي وإلا سيحدث انهيار حتماً.
هكذا كانت تتطلب حالة الكنيسة المصرية بعد رحيل قداسة البابا شنودة إن يتدارك المجمع المقدس ويستقرء المستقبل لما هو عليه الماضي والحاضر، لكن للأسف لم يحدث شئ من هذا القبيل بل دوامة رحيل العملاق البابا شنودة اتسعت، ولم تجد من يسد محور دورانه وبدأت تبتلع الجميع، لان الجميع يتصارع ويصارع ويحاول إن يثبت انه بمقدوره إن يكون علي حجم تلك الدوامة الشنودية العملاقة.
وانقسم الجميع بين ما يسمي محافظ وما يسمي إصلاحي وانقسمت الكنيسة ولكل قسم إتباعه، يدافعون عنه بالكلمة والمال كل ذلك بسبب الأنا ومحبة إثبات الذات، ووقف البسطاء وهم بالملايين حائرون متحيرون بين هؤلاء وكل من على شاكلتهم.
وفي الوسط يجلس المسيح غاسل الأرجل بين المنقسمين، ومعه منشفة المحبة ويدعوهم إلي غسل أرجلهم ولكن ليس هم بوعيهم الروحي ولا يسمعون صوت يسوع أنهم يتجاذبون بين ابولس وبولس وفي كل ذلك يتقدم البسطاء والفقراء والعاميين إلي يسوع ليغتسلوا منه.
وماذا بعد أليس هناك خادم حقا ليسوع الناصري الذي اقامكم ممسوحين بنعمته لخدمة كنيسته، نعم هناك أباء حكماء لكن حالة الصراخ والهياج والعويل جعلتهم يصمتون ويترقبون وربما يحزنون.
سيدي قداسة البابا قداستك ربان السفينة، فأنظر هوذا الأمواج تعلو علي سطها والرياح تكاد إن تطيح بقلوعها، فعليك إن تصرخ أنت وإبائي إلي المعلم النائم بداخلها لأنه منتظر صوتكم لكي ينهض ويزجر الأمواج والرياح إن تصمت، ولكن لن يستجيب المعلم إلا عندما يجد قلبكم واحد وصوتكم واحد.
سيدي قداسة البابا لقد اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في حرب ضروس بين محافظ وإصلاحي والكل يتاجر بالكنيسة والخاسر هم البسطاء أولاد الكنيسة الحقيقيين، واسمح لي إن اهمس في أذناك وأقول إن المشكلة الحقيقة ليس في صراح علي ثوابت الإيمان أو موروثات الكنيسة، لكن المشكلة وكل أفرعها في سوء إدارة تلك الملفات المطروحة.
فالإدارة هي فن التعامل مع كل المتغيرات والإحداث والانصهار بها في بوتقة الهدف الواحد ، وانأ هنا لا اتهم قداستك بعدم وجود مهارة الإدارة لكن أقول إن قداستك لم تفكر في كيفية إدارة الكنيسة بشكل مناسب بعد رحيل عملاقها البابا شنودة.
لا تعتمد علي إدارة الفرد لأنها سبب كل المشكلات والانقسامات الحالية، بل اقترح عليك تشكيل لجنة إدارية من المتخصصين المهرة في علوم الإدارة تلك اللجنة تكون من العلمانيين وبعض أباء الكنيسة الذين لديهم مهارة الإدارة تسمي تلك اللجنة ( لجنة المحبة ) وتكون لها هيكل إداري تسلسلي ويحدد مهام أعضائها ويكون اجتماعها نصف شهري أو شهري، ويكون دورها وضع جميع المشكلات ألمساره علي السطح في جدول أعمال يتم مناقشة بنوده شهرياً في محضر اجتماع ومن تلك اللجنة تنبثق عدة لجان متنوعة من أباء الكنيسة، يتم تحويل لهم بنود المشكلات بعد وضح اقتراحات للحلول، علي إن تقوم اللجان الفرعية المتخصصة بصياغة مقترحات الحلول إلي شكلها النهائي وإرسالها مرة أخري (للجنة المحبة) والتي تقوم بتحويلها إلي قرارات وقوانين يتم تعميمها علي كل ايباراشيات الكنيسة.
واقترح أن يتم استمرار تلك اللجنة ومعها اللجان الفرعية لمدة عامان حتي يتم ردم دوامة الفراغ الإداري الذي أحدثها رحيل العملاق قداسة البابا شنودة.
وكلماتي الأخيرة لقداسة البابا اعلم أن الحمل ثقيل جداً وخصوصاً في حالة الانفلات الذي سببته ثورة المعلومات الرقمية والتقنية الذي اجتاحت المجتمع، لكن عليك بحسن الإدارة المؤسسية لكي تتغلب علي الصعاب التي تتسع دائرتها حول الكنيسة.
وأقول للمتحاربين وتجار المواقف الذين يطلقون علي أنفسهم مسميات واهية كمثل المحافظين والاصلاحين وحماة الإيمان وأبناء البابا شنودة وأبناء البابا تواضروس، انتم الصوت الذي ارتفع ضد المسيح أمام بيلاطس عندما أراد اطلاق يسوع وصلب برباس فصرختم وطلبتم بصلب المسيح وإطلاق اللص برباس.
المسيح ليس اصلاتحياً أو محافظاً أو شنودياً أو تواضروسياً، المسيح قصبة مرضوضة لا يكسر وفتيلة مدخنة لا يطفئ، المسيح هو بساطة الإيمان وحكمة الكلمة ، من له إذنان ليسمع ويقرأ ما يقوله قلمي من قلب يتألم كثيراً من اجل المسيح الذي تصلبونه في جلجثة صراعكم وانقساماتكم.