انطلقت أول أمس الجمعة بطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم في دورتها رقم (32) والتي تستضيفها مصر للمرة الخامسة في تاريخ البطولة- وهو رقم قياسي لم تحظ به أية دولة أفريقية أخري- وكما هو متوقع بسبب الشعبية الكاسحة للعبة كرة القدم تستحوذ البطولة علي النسبة الطاغية من المجال الإعلامي تلبية لشغف الجماهير وتلهفا علي تحقيق الأمل في تصدر الفريق القومي المصري للسباق وانتزاعه كأس البطولة التي تقام علي أرضه ووسط جماهيره ليضرب رقما قياسيا آخر بالفوز بالبطولة للمرة الثامنة بعد أن فاز بها سبع مرات آخرها كانت في عام 2010.
وبجانب الآمال واللهفة في تحقيق الانتصارات للفريق المصري, تتركز الدعوات بالتوفيق لجميع عناصر تنظيم البطولة التي تعد اختبارا مهما جدا لسمعة مصر وقدرتها علي إدارة وتنسيق وتأمين حركة وانتقالات وإقامة الفرق المشاركة علاوة علي سائر الكوادر الفنية والإدارية والتحكيمية المشاركة في فعاليات البطولة بالإضافة إلي جماهير المشجعين ورجال الإعلام المتابعين لها.
ولعل هناك قدرا كبيرا من الثقة والاطمئنان علي مستوي تجهيز وإعداد المنشآت الرياضية التي تستضيف مباريات البطولة- وهي العصب الرئيسي الذي فازت مصر علي أساسه بشرف التنظيم -ويتوزع ذلك بين استاد القاهرة العريق, واستاد الإسكندرية, واستاد الدفاع الجوي, واستاد السلام- وكلاهما في القاهرة- بالإضافةإلي استاد السويس واستاد الإسماعيلية, الأمر الذي يجعل هناك أربع محافظات هي القاهرة والإسكندرية والسويس والإسماعيلية متصلة مباشرة بفعاليات البطولة ناهيك عن شبكات الطرق الرابطة بينها والتي ستشهد تحركات الفرق المشاركة والخدمات والجماهير ورجال الإعلام.
قلبي مع مصر ودعواتي أن توفق في إخراج هذه البطولة بكل نجاح لما سيعكسه ذلك من أصالتها وعراقتها وحضارتها.. ومن هذا المنطلق أشارككم في بعض ما يعتمل في صدري من خواطر أخشي إذا لم ننتبه إليها قد تلقي بظلال سلبية علي هذا الحدث العظيم الذي يتابعه العالم كله وليس أفريقيا وحدها:
** لهفة المصريين علي تشجيع فريقهم القومي وتطلعهم إلي إحرازه كأس البطولة لا يجب أن تنسيهم أصول الروح الرياضية وواجب الترحيب بجميع الفرق المشاركة في البطولة وكأنها مجموعات سياحية تزور مصر, فالأمر يستلزم إظهار الروح الطيبة الوديعة المضيافة للشعب المصري سواء في تحركات تلك المجموعات أو إقامتها أو تدريباتها أو حتي في تشجيعها أثناء أدائها لمبارياتها.. ولعلي في هذا الخصوص أذكر النموذج الرائع الذي شاهدناه في الدورة الأوليمبية التي اقتسمت تنظيمها كل من اليابان وكوريا الجنوبية حيث كانت الجماهير المحتشدة في الاستادات تقسم نفسها إلي مجموعات تتولي كل منها تشجيع إحدي الفرق المتنافسة بغض النظر عن الانتماء العرقي أو الوطني لتلك الفرق.. فهناك فرق بين حفاوة التشجيع وبين نعرة التعصب.
** مرة أخري أقول: تعاملوا مع الفرق المشاركة وسائر كوادرها علي أنها مجموعات سياحية تزور مصر فتحركاتها لن تكون مقصورة علي الفندق والملعب, بل ستمتد لزيارات متنوعة وتنقلات شتي تشمل سيارات أجرة ومجمعات تجارية وترفيهية وأثرية وغيرها.. وغيرها.. ويلزم أن تكون سمعة مصر وكرامتها موضوعة نصب أعين جميع المصريين وهم يستقبلون ويستضيفون ويخدمون هذه المجموعات.
** أتابع عن كثب جميع مراتب التنظيم الجاد والدؤوب لحركة المترددين علي الاستادات الرياضية التي تستضيف مباريات البطولة سواء كانوا مسئولين علي مختلف مستوياتهم أو رؤساء بعثات أو فرق أو حكام أو إعلام أو جماهير وذلك عبء ثقيل للسيطرة علي خطوط السير وبوابات الدخول وأماكن انتظار السيارات والأتوبيسات وتدقيق التذاكر وأماكن الجلوس وتوفير الخدمات لجميع هذه العناصر… وأثق أن الاهتمام يبلغ مداه في كل ما يسبق المباريات أو حتي أثناء فعالياتها.. لكن أرجو من كل قلبي أن تمتد تلك الهمة التنظيمية إلي كل ما يتبع انتهاء المباريات من مغادرة المسئولين وطواقم الفرق وحسن إخلاء الاستادات من مجموعات المشجعين, أقول ذلك لأن لي خبرة سلبية تتصل بحضوري فعاليات مناسبات واحتفالات ولقاءات ومؤتمرات شتي كان التنظيم فيها دقيقا وملفتا قبل بدء الحدث وأثناءه, أما بعد الحدث وبعد مغادرة الرؤساء والمسئولين, تحول المشهد إلي فوضي عارمة وارتباك هائل وتم ترك المجموعات الضخمة من الحضور لتصارع بعضها البعض تلمسا لطريقها للخروج وذلك لم يخل من التدافع والتزاحم وانفلات الأعصاب وغير ذلك من السلبيات التي أشفق علي البطولة وعلي الجماهير أن تتعرض لها.
*** كل التمنيات الطيبة للفرق المشاركة التي تنزل ضيوفا علي مصر, ولمصر الدولة المضيفة المضيافة الرائعة الأصيلة