مدحت بشاي
كانت ظاهرة انتشار الإصدارات الصحفية الدينية في العشرينات والثلاثينات وحتى الستينات من القرن الماضي من الظواهر الطيبة والإيجابية والداعمة لرسالة الكنيسة ومشاركة جادة ورائعة من قبل أصحاب الرأي وأهل الفكر من خارج دوائر ( الإكليروس ) .. والرائع تعدد أهداف تلك الإصدرارات وتنوع النهج والبيئات الإقليمية لانطلاقها حيث كان للمطرانيات التابعة للمحافظات المختلفة العديد من المحاولات والاسهامات الصحفية الهامة ..
ولعل أمر توثيقها بأشكال مختلفة وبجهود رائعة من الأمور التي تحمد للقائمين عليها ، فهي بمثابة صفحات رائعة شاهدة على دور الكنيسة المصرية ورموزها ورسائلها الروحية والوطنية الهامة ..
تعالى عزيزي قارئ موقعنا الرائع " الأقباط متحدون " الاقتراب من تأمل روحي وإنساني لكاهن مثقف رائع في أواخر الستينات وهو يتابع أخبار صعود رواد الفضاء عام 1969 الأمريكان ..
كتب القمص/ تاوضروس السرياني بمجلة مدارس الأحد ( يناير وفبراير 1969 ) .." لقد سما " بورمان " بعقله نحو الأعالي وهو قائد السفينة الفضائية والمسئول الأول عن أجهزتها .. فرأى يسوع الخالق العظيم .. الذي به كل شيء كان وبغيره لم يكن شيء مما كان ، رأى بصمات أنامله على صفحات البحار ، وآثار عظمته ماثلة فوق شواهق الجبال ، فأخذ يطوف بزورقه حول القمر ولسان حاله يقول : أين أذهب من روحك ومن وجهك .. أين أهرب ؟ .. إن صعدت إلى السماء أنت هناك وإن هبطت إلى الهاوية فها أنت !!
ويستطرد كاهننا الرائع تأمله .. " وهكذا تحول الفضاء إلى كنيسة خاشعة تعلن عن حق الرب في السحب ، وتخبر عن جلاله بين الكواكب !.. " ..لقد نشرت الصحف أن " بورمان " كان شماسًًا في إحدى الكنائس الأمريكية ، وإن كنا لم نتحر عن اسم هذه الكنيسة ، ولكن نستطيع أن نحكم أن هذا الفضائي الماهر كان على جانب من الروحانية والإحساس الديني الرقيق حتى أنه عندما توغل في السماء واستهوته المناظر الربانية العجيبة أعطى مجًا للرب وطفق يصلي قائلاً :
يارب امنحنا النظر الذي يستطيع رؤية حبك في العالم بالرغم من الفشل والعجز البشري .
امنحنا الإيمان حتى نطمئن إلى إحسانك وطيبتك وتغاض عن جهلنا وضعفنا .
امنحنا المعرفة لكي نمضي ونواصل الصلاة بقلوب واعية مدركة ، وأرنا ما يستطيع كل فرد منا أن يفعله للسير في الطريق الذي فيه يسود العالم السلام .. آمين .
أما ربان السفينة الثاني على العالم من منبره ، فقد أخذ يتلو على الناس من فاتحة الكتاب المقدس " في البدء خلق الله السموات والأرض وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة ، وروح الله يرف على وجه المياه " ...إنها قصة الخليقة التي كتبها موسى نبي الله الملهم .. قصة الحق والإيمان العميق ، التي يتفهم الحكيم معانيها فيزداد ثقة بالله ورسوخًا في سرمدية وجودة .. أما الأحمق الذي يقرأها بروح معوجة ونفس حائرة ، فلم تجد وصفًا بليغًا لأفكاره المضطربة وشكوكه المريبة إلا في قوله تعالى " قال الجاهل في قلبه ليس إله " .