حمدي رزق
تلقيت رسالة من الفنان أحمد الجناينى، رئيس أتيليه القاهرة، توضيحًا لما نشر قبلًا فى هذه المساحة تحت عنوان «يهودى فى الأتيليه». يقول الجناينى: «ليس ثمة شك فى أن أتيليه القاهرة (جماعة الفنانين والكتاب) لا يمكن إلا أن يكون ذاكرة حقيقية لثقافة المبدعين المصريين، وبالتالى ذاكرة للوطن لما مثله تاريخه المجيد منذ ما يقرب من سبعة عقود حين تأسس فى مارس 1953 على يد المبدع الكبير الفنان محمد ناجى مع نخبة من الفنانين الذين سطروا لهذا الكيان تاريخا حافلا بالإبداع والوعى الثقافى.
كما لا يمكن غض الطرف عن المشكلات الجسام، التى تعرض لها هذا الكيان منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضى وطفت على السطح منذ قرابة عقد ونيف، حيث كانت المحاولة الأولى فى 13 مارس 1989 حيث الإنذار الموجه بناء على طلب ورثة «ليندا كوهنتا» لطرد الأتيليه من المبنى الذى تؤول ملكيته إلى الوريث اليهودى الذى لا نعرف الآن كنه هويته، لكن المؤكد أنه ليس مصريًا، ومن هنا تكمن خطورة طرد هذا الكيان الثقافى المهم الذى يضم قرابة ثلاثة آلاف مبدع، لأن الطرد يعنى بالضرورة التفريط فى المكان الذى يقع فى سرة القاهرة، وزرع بؤرة سرطانية، لن تكون حميدة فتهدد أمن واستقرار الوطن.
المحاولة الثانية تمثلت فى الإنذار الموجهة من ورثة «ليندا كوهنتا» وهم (دينا وجاك كوهنتا وجانت بيالويرس وروبير بيالويرس) فى 6-5-1993، وتلك المحاولتان ربما لا يدركهما الجيل الحالى، لكن المحاولة الثالثة هى التى أشعلت النيران فى ذاكرة المثقفين حين تم الإعلان عن تقاعس مجلس إدارة الأتيليه الأسبق عن دفع الإيجار عمدًا لمدة خمس سنوات، ليسمح للوريث اليهودى برفع دعوى طرد مستعجلة فى 5-8-2009، وتجاهل المجلس آنذاك عن عمد للدعوى وهو الأمر الذى أسفر اكتشافه مصادفة عن عزل مجلس 2004 بالكامل بقرار وزارى، ثم فصلهم بالكامل بقرار جمعية عمومية فى 7-10-2009.
بالنسبة لمجلس 2015 الذى تم عزله بقرار، تم الطعن عليه أمام مجلس الدولة وصدر الحكم فى ديسمبر 2018 لصالح مجلس الإدارة وإلغاء القرار، وكان سبب هذا القرار، وهو امتناع مجلس 2010، وكذا مجلس 2015 عن تحصيل اشتراكات من أعضاء المجلس الذين فصلوا بقرار الجمعية العمومية، أن تجبر المجلس على إعادتهم مخالفة بذلك قرار الجمعية العمومية والقانون، وهذا ما رفضه مجلس 2010 ومجلس 2015، وأكد صحة موقفهما القضاء، وبذلك قطع مجلس 2015 الطريق على من أرادوا التفريط فى المكان.
بعدها بشهر واحد فوجئ رئيس الأتيليه بدعوى جديدة ليست هذه المرة ضد مجلس الإدارة، ولكن لحل جمعية أتيليه القاهرة وتسليم المقر للوريث وإلغاء كيان ثقافى عمره 66 عامًا، لكن لقاء رئيس الأتيليه ونخبة من المثقفين مع وزيرة التضامن أثمر عن تفهم د. غادة والى لخطورة الدعوى وعدم قانونيتها، حيث إن حيثياتها تم الفصل فيها قضائيًا لصالح مجلس الإدارة فى ديسمبر 2018، وبحسم ووعى يشهد بموقفها الوطنى النبيل أمرت الوزيرة بسحب الدعوى ودعم مجلس الإدارة فى موقفه دعمًا لحفظ ذاكرة الوطن، وإيمانًا بالدور الثقافى الريادى لهذا الكيان العريق».
نقلا عن المصرى اليوم