سليمان شفيق
بعد ان قامت تركيا بحملات اكاذيب ضد مصر بعد وفاة محمد مرسي ، تقوم تركيا منذ الامس بالتحرش بقبرص حيث أرسلت تركيا أمس الخميس سفينة ثانية للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص متحديا بذلك انتقادات الاتحاد الأوروبي الذي يدين "الأنشطة غير المشروعة" لأنقرة.
وذكرت فرانس برس أن سفينة "يافوز" التي طليت بالعلم التركي أبحرت بمواكبة سفينة عسكرية بعد حفل في ميناء ديلوفاسي (شمال غرب) شارك فيه وزير الطاقة التركي فاتح دونماز.
وقال خلال الحفل "نواصل أعمال التنقيب بدون توقف. أنه حقنا الشرعي".
و"يافوز" التي ستبدأ أعمال التنقيب مطلع يوليو ستنضم إلى سفينة التنقيب التركية "فاتح" التي ارسلت قبل أشهر قبالة سواحل قبرص بعدما أعلنت أنقرة نيتها التنقيب في مياه المنطقة الاقتصادية الخالصة القبرصية.
وتثير أنشطة تركيا في شرق المتوسط ردود فعل شديدة من قبرص واليونان والاتحاد الأوروبي الذي وجه الثلاثاء تحذيرا مرفقا بتهديد بفرض عقوبات على تركيا "لأنشطتها غير المشروعة".
حتى أن السلطات القبرصية أصدرت مذكرات توقيف بحق أفراد طاقم سفينة "فاتح". لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يزال يدلي بتصريحات شديدة اللهجة.
وقال الأحد الماضي محذرا "هناك من أصدر أوامر. سيعتقلون على الارجح أفراد طاقم سفننا. ستواجهون نتائج وخيمة إذا فعلتم ذلك".
ولا تسيطر الحكومة القبرصية المعترف بها دولياً سوى على القسم الجنوبي من الجزيرة في حين أن الشطر الشمالي يخضع لاحتلال تركي منذ العام 1974.
لكنّ أنقرة تعارض أي تنقيب عن موارد طاقة يستبعد "جمهورية شمال قبرص التركية" المعلنة من طرف واحد والتي لا تعترف بها سوى تركيا.
وفي السنوات الأخيرة وقّعت قبرص عقود تنقيب عن النفط والغاز مع شركات عالمية عملاقة مثل الايطالية ايني، والفرنسية توتال، والأميركية إكسون موبيل. لكن أنقرة تطالب بتعليق أعمال التنقيب طالما لم يتم إيجاد حل لمشكلة الجزيرة المقسمة.
وتاريخ الصراع القبرصي التركي يعود الي تاريخ طويل ، ففي الـ23 من فبراير الماضي، اعترضت خمس سفن تابعة للبحرية التركية سفينة التنقيب التابعة لشركة «إيني» الإيطالية «سايبم 1200»، وأجبرتها على الرجوع والعدول عن التنقيب عن الغاز في المياه القبرصية، بحجة أن البحرية التركية تجري مناورات في هذا المكان، ويعيد هذا الصدام إلى الأذهان الأزمة القبرصية التركية، ولكي نفهم جذور المشكلة علينا العودة إلى الوراء قليلًا
في سبتمبر 1566م توفي السلطان «سليمان القانوني» عاشر سلاطين الدولة العثمانية وأقواهم أثناء حصاره لمدينة «سكتوار» المجرية. ورغم انتصار الجيش العثماني فإن الصدر الأعظم «صقوللو محمد باشا» كتم الخبر عن الجنود، وأعلن أن السلطان مريض وأنهم مضطرون للعودة إلى «اسطنبول» وعدم إكمال الزحف تجاه «فيينا".
أبلغ «صوقوللو» سليم ابن السلطان سليمان، والذي خرج ليستقبل الجيش العائد في «بلجراد»، وهناك تم إعلان خبر وفاة السلطان وصعود «سليم الثاني» مكانه. وصلى السلطان «سليم الثاني» على أبيه وأخذ البيعة من الجيش العثماني هناك في «بلجراد» وعاد الجميع لأسطنبول لدفن «القانوني".
ومع صعود «سليم الثاني» للحكم مكان أبيه كان له أولويات أخرى وكان أهمها جزيرة «قبرص». ورغم أن تاريخ الإسلام في قبرص قديم ويعود لعهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، رضي الله عنه، والذي أمر واليه على الشام معاوية بن أبي سفيان بركوب البحر لفتح الجزيرة إلا أن الأمور لم تستتب للمسلمين هناك أبدًا.
أخفى الصدر الأعظم خبر وفاة السلطان سليمان القانوني، حتى عاد الجيش واستقبله السلطان سليم الثاني، وتلقى البيعة بعد إعلان خبر وفاة القانوني
استمرت الحملات عليها سواء أيام الأمويين أو المماليك في مصر، حيث قام السلطان «الأشرف برسباي» بتنظيم ثلاث حملات بحرية كبرى على قبرص
نجحت آخرها في احتلال الجزيرة بالكامل وأسر الملك «جانوس» عام 1426م. وعلى إثر تلك الحملة تم فك أسر الملك القبرصي مقابل فدية كبيرة، على أن يحكم قبرص تحت سلطان المماليك في مصر، مع دفع جزية سنوية لمصر. وظلت الأمور هكذا حتى ضُمت لجمهورية البندقية عام 1489م
لكن بعد اكتمال سيطرة العثمانيين على كل حوض شرق المتوسط أصبحت قبرص هدفًا سهلًا لهم، وفي يونيو 1570م بدأ الغزو، وبعد معارك ضارية استمرت لأكثر من عام سقطت مدينة «فامجوستا» آخر معاقل البندقية في قبرص في أغسطس 1571م.
ظلت الجزيرة تحارب العثمانيين لأكثر من عام، إلا أن أحدًا من جيرانها المسيحيين لم يهب لنجدتها لظروف خاصة بكل دولة. وبعد جهود مضنية من البابا «بيوس الخامس»، نجح في حشد تحالف جديد سماه التحالف المقدس «holy league». وفي أكتوبر/ تشرين الثاني 1571م، اشتبك الطرفان في أكبر معركة بحرية في المتوسط منذ معركة «بروزة".
لكن على عكس معركة بروزة التي انتهت بانتصار العثمانيين، انتهت تلك المعركة البحرية الكبرى، والتي عرفت باسم «ليبانتو» بانتصار التحالف المسيحي، وتحطيم معظم الأسطول العثماني. لكن الهزيمة الكاسحة لم تفض لشيء تقريبًا والغرض الرئيسي من المعركة الذي كان استعادة قبرص، لم يحدث
لأول مرة في تاريخ المسلمين يستتب الأمر لهم في قبرص. ستصبح ولاية عثمانية، يحكمها بايرلباي عثماني. وتحت حكم العثمانيين دخل الجنس التركي المسلم للجزيرة لأول مرة
الاتفاق الثلاثي والوحدة المؤقتة
رغم الاستقرار الذي شهدته الجزيرة لأكثر من قرنين من الزمن، فإنه مع اندلاع الثورات في شبه جزيرة «المورة» أو «اليونان» عام 1821م، بدأت القلاقل تدب في قبرص و كريت، اللتين كان بهما أغلبية سكانية يونانية، واستنجد السلطان العثماني بمصر والجزائر لمساعدته على وأد الثورات في اليونان وقبرص وكريت.
نجح الجيش المصري بقيادة «إبراهيم باشا» في السيطرة على الوضع في قبرص وكريت، مما حدا بالسلطان العثماني للاستعانة به في اليونان. وفعلًا حقق الجيش المصري انتصارات كبيرة في اليونان. لكن تدخل البحرية الفرنسية والإنجليزية لصالح اليونان أدى لهزيمة كبيرة للبحريتين العثمانية والمصرية في معركة «نافارين» عام 1827م وتمكن الثوار الإغريق من حسم الأمور لصالحهم.
ثم كانت الهزيمة العثمانية أمام روسيا في الحرب الروسية العثمانية عام 1877م، والتي أدت لمؤتمر برلين، الذي حاولت فيه الدول الأوروبية التقليدية إيقاف الزحف الروسي والسلافي على أملاك الدولة العثمانية. وبناءً عليه قامت الدولة العثمانية بإعطاء قبرص لبريطانيا 1878م. رغم أنه في الأحوال الطبيعية كانت قبرص ستنال استقلالها أو تنضم لليونان.
استمرت قبرص تحت الحكم البريطاني حتى اجتمعت بريطانيا وتركيا واليونان مع ممثلين للقبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين، وعبر سلسلة طويلة من المفاوضات في زيورخ ولندن نالت قبرص استقلالها أخيرًا في أغسطس 1960م. ونص الدستور القبرصي على أن يكون الرئيس القبرصي يونانيًا منتخبًا بواسطة القبارصة اليونانيين ونائب الرئيس تركي منتخب بواسطة القبارصة الأتراك ولديه حق الفيتو علي قرارات الرئيس..
كما وقعت الدول الثلاث بريطانيا وتركيا واليونان على ما سُمي بمعاهدة ضمان. نصت المعاهدة في المادة الرابعة منها على أن الدول الضامنة، لها الحق في التحرك للحفاظ على الوضع الدستوري لقبرص المتفق عليه. أصبح الأسقف «مكاريوس الثالث» هو الرئيس الأول لقبرص، وأصبح الدكتور «فاضل كويوك» هو نائب الرئيس
تصاعدت الحركات القبرصية اليمينة الموالية لليونان سريعًا. وفي 15 يوليو 1974م تحرك الحرس الوطني القبرصي، المكون بصورة كبيرة من ضباط موالين للنظام العسكري الحاكم في اليونان، واحتلوا القصر الرئاسي في «نيقوسيا» وحرقوه وحاولوا قتل الرئيس مكاريوس، الذي هرب للقاعدة البريطانية في قبرص، ومنها إلى مالطا، ثم سافر لنيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأعلن أن قبرص تم احتلالها بواسطة الجيش اليوناني، وكانت مصر عبد الناصر تؤيد الرئيس المطران مكاريوس .