زاهي حواس
عندما عرضت صالة كريستى رأس الإله آمون فى شكل الملك أو الفرعون الذهبى توت عنخ آمون للبيع، صرخ كل محبى الآثار المصرية فى وجوه المسؤولين عن هذه الصالة بعدم عرض الرأس، بل واعترض آلاف المصريين. وصرخ عمرو أديب- لارى كينج مصر- عندما سمع بعملية بيع رأس الملك توت، وطالب وزارة الآثار بالتدخل لإيقاف عملية البيع. وعلى الفور، دعا وزير الآثار الدكتور خالد العنانى اللجنة القومية للآثارالمستردة للانعقاد. وصدر العديد من القرارات المهمة، ومنها قيام وزارة الخارجية باتخاذ إجراءات إيقاف البيع، وكذلك التعاون التام بين المستشار نبيل صادق النائب العام والدكتور خالد العنانى لرفع دعوة قضائية لإيقاف البيع.
وقد اتصل بى العديد من الصحف العالمية لإبداء رأيى فى هذا الموضوع. وهنا يجب أن أوضح أن مقبرة توت عنخ آمون، عُثر بداخلها على 5398 قطعة أثرية. ولا يوجد بها أثر واحد من الحجر، وأن التابوت المصنوع من الكوارتز هو القطعة الحجرية الوحيدة التى صُنعت من الحجر. وهناك العديد من رؤوس التماثيل التى تخص الملك توت عنخ آمون، ومنها ما يمثل الإله آمون بوجه توت عنخ آمون، ومنها من الجرانيت بالمتروبوليتان، وأخرى فى اللوفر أبوظبى. وقد تكون هذه الرأس خرجت من معبد مونتو شمال الكرنك أو معبد موت جنوب الكرنك، بل ويمكن من داخل معبد آمون بهليوبوليس. ولكن كل الدراسات التى تمت إلى الآن تشير إلى أن هذه الرأس قد خرجت من معبد الكرنك بعد عام 1970. وقد عُرضت هذه الرأس داخل معرضين بأوروبا، آخرهما ما عرضه فليدونج داخل متحف برلين وداخل معرض. وتم نشرها علميًا عام 1986.
ولا أعتقد أن صالة كريستى لديها أى دليل على خروج هذه الرأس بطريقة قانونية؛ لسبب بسيط جدًا، وهو أنه لا يمكن أن تخرج من مصر فى ذلك الوقت، قبل قانون الآثار عام 1983، من خلال المتحف المصرى، لأن هذا لا يمكن حدوثه لرأس ملكى بحجم أشهر ملوك مصر وهو توت عنخ آمون.
هذا بالإضافة إلى أن قانون اليونسكو يشير إلى أن من حق أى دولة أن تستعيد أى أثر خرج من أراضيها بعد عام 1972؛ لذلك فإن هذه الرأس من حق مصر. أما الطريقة التى عُرضت بها الرأس بصالة كريستى وقُدر ثمنها بأربعة مليون دولار يدل على أن هذا تم بطريقة غير أخلاقية؛ لأنهم يعرضون أثرًا لأشهر ملك مصرى، وهو الملك توت عنخ آمون بالإضافة إلى أنهم لم يعلنوا إلى الآن عن المالك الأصلى للرأس.
وقد أشرت فى أحاديث إلى أن مالك هذه الرأس وصالة كريستى قد يدخلان التاريخ فى حالة إهداء هذا التمثال لمصر، بدلاً من الملاحقة القانونية التى سوف تقوم بها ضدهما وزارة الآثار. وقد يكون السبب المباشر هو شهرة هذا الملك، وأن كل المصريين، بل والعالم كله ضد بيع هذا الرأس. ولا يمكن أن يصبح الفرعون الذهبى، الذى توجد صورته داخل قلوب العالم كله، للبيع.
ومن أهم ما نستخلصه من هذا الموضوع هو وقوف كل المصريين ضد هذا البيع، بل والصحافة العالمية وقفت مع مصر، بالإضافة إلى التحرك السريع من د. خالد العنانى، مما جعلنا نصفق له، ونصفق أيضًا للمستشار نبيل صادق. وكل هذا جعلنا نعرف أن آثار مصر بخير وبيد أمينة.
توت عنخ آمون ليس للبيع.
نقلا عن المصرى اليوم