مارجريت نبيل، 38 عاما، طبيبة تخدير، توجهت إلى عملها بمستشفى الساحل التعليمي، لمتابعة الحالات التي كلفها بها طبيبها، الاثنين الماضي، وبعد تخديرها للحالة الثالثة، استأذنت من الطبيبة الموجودة معها داخل غرفة غرفة العمليات لدخول الحمام، لكن تأخيرها دفع "أسماء"، مشرفة التمريض بالمستشفى، إلى الذهاب إليها لتجدها مغشيا عليها، وفقا لكلامها.
"كان كلها نشاط وحيوية كعادتها، استأذنت 5 دقائق، لكن لما تأخرت دورت عليها، وسمعت صوت تليفونها في الحمام، كسرنا الباب، لقيناها توفت".. صدمة دفعت "أسماء" للاتصال بزوج الطبيبة الذي يعمل بالمستشفى ذاته لاتخاذ الإجراءات اللازمة، موضحة أنها كانت صدمة لكل زملائها في المستشفى: "مش قادرين نستوعب أننا مش هنشوفها تاني، لأنها كانت بتهون علينا الوقت في أوضة العمليات".
مواقف إنسانية عديدة جمعت بين "أسماء" والدكتورة "مارجريت" التي توفيت إثر إصابتها بهبوط حاد، من بينها وقوف الأخيرة بجانبها أثناء تعب والدتها، إذ قامت بمحاولات كثيرة لعرضها على أفضل الأطباء الذين تعرفهم في أسرع وقت، بحسب كلامها: "أمي كانت تعبانة، ومحتاسة بيها، لما مارجريت عرفت جريت بيها على الدكاترة معايا وبقت تقول لهم دي أمي وما سبتنيش إلا لما خرجنا من المستشفى".
تتوقف "أسماء" عن الحديث لتجفف دموعها، ثم تعاود حديثها مرة أخرى: "كانت بتساعد أي حد تعرفه أو ما تعرفهوش، لو عرفت إن فيه بنت محتاجة تتجهز، كانت بتلم مننا فلوس وتجيب لها اللي عايزاه، وكذلك لو فيه حد تعبان، كانت بتبذل أقصى مجهود عشان تساعدهم".
كانت "مارجريت" حريصة على جمع زملائها في كل المناسبات والتقاط الصور التذكارية معهم، حتى في الإفطار الرمضاني الذي تنظمه المستشفى كانت دائما من أوائل الحاضرين، على حد قول "أسماء".
"كانت هادئة وطيبة السمعة ومتلزمة في عملها، ووفاتها أثرت فينا لأنها مش هتتعوض".. هكذا بدأ الدكتور أحمد العايدي، استشاري التخدير ومدير العمليات بالمستشفى، حديثه عن "مارجريت"، مشيرا إلى أنها كانت من أكفأ الأطباء الذين تعامل معهم، حيث كانت تحرص على أداء عملها دون افتعال أي مشكلات سواء مع الأطباء أو الممرضات، رغم إجراءها لأكثر من عملية في اليوم الواحد: "كل طبيب تخدير بيكون معاه قائمة بعمليات اليوم، لكن هي ماكنتش بتلتزم بيها فقط، ولو جت حالة في الطوارئ أو فيه حالة صعبة محتاجاها ماكنتش بتتأخر حتى لو ده بعد وقت عملها".
قبل وفاتها بيوم واحد، اتصل العايدي بها لإبلاغها بضرورة وجودها أثناء إجراء إحدى العمليات لطفل في المستشفى، ورغم أنه خارج قائمة عملها اليومية، لكنها لم تتردد في تنفيذ ما طلبه، وفقا لكلامه، وبعد انتهائها من العملية، اتصلت به لتطمأنه على الحالة: "قالت لي العملية نجحت، والولد فاق، شكرتها طبعا واتكلمنا في باقي العمليات، وقفلت معاها، وبعدها بساعة ونص عرفت إنها توفت".
وتابع بنبرة حزينة: "اليوم ده كانت لابسه بدلة جديدة للعمليات وكل زمايلنا قالوا إنها ماكنتش بتشتكي من أي حاجة، وكانت بتأدي شغلها على أكمل وجه بس بعد ما خدرت المريض حصلت الوفاة".
ومن جانبه، قال الدكتور عبدالفتاح حجازي مدير مستشفى الساحل، إن وفاة مارجريت كانت صدمة بالنسبة لكل العاملين بالمستشفى، فهي طبيبة مجتهدة، وفي نفس الوقت أم لطفلين أكبرهما في الـ12 من عمره، كانت تعمل بجدية شديدة لعلاج المرضى ومتابعة حالتهم، مشيرا إلى أن المستشفى سيكرمها لمجهوداتها طيلة فترة عملها بها، حيث سيتم وضع اسمها على إحدى غرف العمليات.
