انتشرت شائعةُ رحيل الفنان الجميل «جورج سيدهم». والطريف أن الشائعة اشتعلت يوم احتفالنا بعيد ميلاده فى أحد الفنادق الكبرى مع زوجته د. ليندا مكرم، وعدد من الأصدقاء من الفنانين والإعلاميين المقرّبين. وكان عيد الميلاد دافئًا بفيوض المحبة والفرح. بدا جورج فى كامل أناقته، يشرقُ بابتسامته الوادعة التى عشقناها. صحتُه الجسدية والنفسية فى تقدّم بفضل الله ورعاية الزوجة الاستثنائية التى تصنعُ معجزةً كل يوم، منذ اثنين وعشرين عامًا، حين أقعده المرضُ عن الحركة. الصيدلانية الجميلة تركت عملَها وتفرّغت لرفقة زوجها، كما ترافقُ أمٌّ وليدَها الذى لا يعرفُ فى العالم سواها، ولا يقوى على الحياة دون الاعتماد الكامل عليها. جابت به العالم للعلاج، راقدًا على سريره، وحدها دون معين إلا الله الذى لا يُطلَبُ معه آخر. لم تطلب مساعدة الدولة فى علاج زوجها، ولم تلجأ إلى نقابة، ولا صديق. بل حملت جبلَ المحنة وحدها، وكانت أهلا لها. منحها اللهُ صبرًا جميلا وبأس جيوش باسلة. واللهُ لا يُضيعُ أجرَ من أحسن عملا. نهض جورج سيدهم من سريره بعد سنوات من رقاده، واستطاع بفضل إصرارها وجهدها الأسطورى أن يجلس ويتكلم ويحرّك أطرافه التى فقدت وظائفها لسنوات. عادت للجميل ابتسامتُه التى اجتمعنا على شرفها فى عيد ميلاده الذى أقامه رجل الأعمال المحترم «هانى قسيس»، وحضره الفنان الجميل «لطفى لبيب»، والإعلاميان «أسامة منير» و«مفيد فوزى»، والمستشار الوطنى «أمير رمزى» صاحب مؤسسة «راعى مصر» التى تساعدُ المعدمين والمرضى فى جميع أنحاء مصر، والدكتور «إيهاب رمزى»، وزوجاتهم، وأنا. وانتبه الساهرون فى الفندق إلى وجود «جورج سيدهم»، فكانت مظاهرةُ حبٍّ تجلّى فيها افتقاد الناس لنجمهم المحبوب الذى نثر الابتسام والفرح فى قلوبهم سنوات طوالا. فالحقيقيون لا يُنسون مهما مرَّ الزمان. وتأكد ذلك فى عاصفة الحب التى انطلقت على صفحات التواصل الاجتماعى حين نشرت الصحفُ صورًا من الحفل. كأن الناس كانوا ينتظرون خبرًا جميلا عن فنانهم المحبوب حتى تنطلق شموسُ المحبة الغزيرة من كل صوب من مصر والعالم العربى. عشرات الآلاف من التعليقات لو قرأها جورج لعرف بأن التاريخَ العظيم لا يُمحى ولا يُنسى. فى الحفل أهديتُ جورج قصيدةً عنوانها: «يفوق اللآلئ»، حتى يُهديها بدوره إلى زوجته الجميلة التى لم تفارقها ابتسامتُها الملائكيةُ يومًا رغم الصعاب والمحن التى تحملتها ربعَ قرن وحيدةً. فمن أىّ قبسةِ نورٍ قُدّت تلك السيدة؟» عنوان القصيدة شطرٌ من كلمة الملك سليمان: «امرأةٌ فاضلة، مَن يجدها؟ ثمنُها يفوقُ اللآلئ». وكتبتُها على لسان جورج سيدهم، وكأنه يخاطبُ زوجته.