تعلم في باريس.. وعمل أمين مكتبة.. وكتب لأم كلثوم 110 أغنية
كتب - نعيم يوسف
روائع خالدة
من المصريين أو العرب بصفة عامة لا يعرف أغاني مثل "على بلد المحبوب وديني"، و"هجرتك"، و"دليلي احتار"، و"غلبت أصالح في روحي"، و"عودت عيني على رؤياك" و"يا ليلة العيد آنيتسنا".. إنها جميعًا من الروائع التي شدت بها السيدة أم كلثوم لتتوارثها أجيال وأجيال فيما بعد، وتشدو على شدو "الست".. إلا أن هناك جنديا مجهولا وراء هذه الروائع، وهو الشاعر الكبير أحمد رامي، الذي سطر بيده كلماتها.
من القاهرة وأصول عثمانية
ولد أحمد رامي، في 9 أغسطس عام 1892، في حي السيدة زينب، بمحافظة القاهرة، لعائلة تعود أصولها إلى الأتراك -حيث كان العثمانيين مستقرون بشكل كبير في مصر آنذاك- وجده هو الأميرلاي التركي حسين بك الكريتلي، ودرس في مدرسة المعلمين، وتخرج منها عام 1914.
التعليم في باريس
سافر "رامي" في بعثة تعليمية إلى باريس، حيث درس هناك علم نظم الوثائق والمكتبات واللغات الشرقية، ودرس اللغة الفارسية في معهد اللغات الشرقية، وحصل على شهادة في المكتبات والوثائق من جامعة السوربون.
أمين مكتبة.. ولكن
بعد عودته لمصر، عمل "رامي" أمين مكتبة دار الكتب المصرية، ثم عمل أمين مكتبة في عصبة الأمم عاد إلى مصر عام 1945، وبعدها عمل مستشار للإذاعة المصرية ثلاثة سنوات، وعين نائبا لرئيس دار الكتب المصرية، إلا أن الشاعر الذي بداخله طغى على أمين المكتبة الموظف الحكومي.
ترجمة وأعمال
ترجم رامي، "رباعيات عمر الخيام"، وأصدر ديوان رامي بأجزائه الأربعة وأغاني رامي وغرام الشعراء وترجم كتاب "في سبيل التاج" من فرانسوكوبيه" كما ترجم "شارلوت كورداي" لـ يوتسار، ترجم بعض قصائد ديوان "ظلال وضوء" لسلوى حجازي عن الفرنسية، وترجم مسرحية "سميراميس"، وساهم في ثلاثين فيلم سينمائي, إما بالتأليف أو بالأغاني أو بالحوار، ومن أهمها "الوردة البيضاء"، و"دنانير"، و"وداد".
علاقة فريدة
كانت علاقته بـ"أم كثلوم"، علاقة فريدة، فلم تكن علاقة عمل فقط، بل إن الشاعر الموهوب الذي كتب لها أجمل أغانيها، أحبها، وفضحته قصائده، وكتب لها 110 أغنية، وعندما عاتبها كتب لها قلبك غدر بي، خاصمتني، وفايتني وأنا روحي معاك، أرهقه الهجر فكتب البعد طال، وعلى عيني الهجر.
اعترفت أم كلثوم بحبها له ذات مرة، وقالت: "أحب فى رامى الشاعر وليس الرجل"، فجرحه هذا الكلام، وكتب لها أغنية "عزة جمالك فين.. من غير ذليل يهواك"، ورغم أنه كان يعرفها لفترة كبيرة إلا أنه لم يتزوجها، وفي أحد المرات أهانته أمام مجموعة من الناس، وقالت له "ياريتني ما عرفتك"، فرد عليها: "من أنتِ حتى تستبيحى كرامتى.. فأهين فيك كرامتى ودموعى.. وأبيت حران الجوانح صاديا.. أصلى بنار الوجد بين ضلوعى".
وعندما توفت كتب قصيدة في رثائها وقال: "وبي من الشَّجْوِ.. من تغريد ملهمتي، ما قد نسيتُ بهِ الدنيا ومـا فـيها.. وما ظننْـتُ وأحلامي تُسامرنـي، أنّي سأسـهر في ذكرى ليـاليها.. يـا دُرّةَ الفـنِّ.. يـا أبـهى لآلئـهِ سبـحان ربّي بديعِ الكونِ باريها.. مهـما أراد بياني أنْ يُصـوّرها، لا يسـتطيع لـها وصفاً وتشبيها".
تكريمه
حصل على العديد من الجوائز، وهي: جائزة الدولة التقديرية 1967، ووسام الفنون و العلوم، ووسام الكفاءة الفكرية من الطبقة الممتازة من الملك الحسن ملك المغرب، ودرجة الدكتوراه الفخرية في الفنون، وتوفي في 5 يونيو عام 1981، عن عمر يناهز الـ89 عامًا.