الأقباط متحدون | المعالم الخمسة للاتجاهات الأصولية في العالم
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٧:٢٠ | الأحد ٦ نوفمبر ٢٠١١ | ٢٥ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٧٠ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

المعالم الخمسة للاتجاهات الأصولية في العالم

الأحد ٦ نوفمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: أحمد صبح
هناك معالم مشتركة اتفق عليها علماء الاجتماع بين جميع الاتجاهات الأصولية، وقد قام بحث حديث بقسم الاجتماع بجامعة "شيكاغو" بدراسة شملت (21) حركة وتيار بخلفية أصولية موجودة اليوم: (7) إسلامية، و(6) مسيحية، و(5) يهودية، و(3) من جنوب شرق آسيا، وتم إلصاق وصف الأصولية ليس فقط بالإخوان المسلمين والوهابيين بـ"السعودية" ويهود الحريديم بـ"إسرائيل" أو الاتحاد القومي للمتطوعين الهندوس، ولكن أيضًا بـ"الاتحاد والتحرير"، وهو تيار أنصار "مونسينيور ليفري"، والإنجيليين الأمريكيين.

والأصولية بمعناها الضيق حديثة، بوصفها شكلًا من أشكال الدفاع الجديدة ضد تهديد جديد، وهو التهديد الأكثر جدية الذي يواجه الدين في كل التاريخ الإنساني، إنه التهديد الذي تفرضه الحداثة برؤيتها للعالم، ومن هذا المنطلق لترتيب الأفكار يتحدث بعض الدارسين عن ميلاد دين واحد قوي يمكن أن يؤدي إلى "معركة جديدة من أجل الله" تشمل الأرض من أقصاها إلى أقصاها ضد العلمانية وهيمنة التقنية، أي صحوة حقيقية لكل ما هو مقدَّس على مستوى العالم.

إن الخلفية السياسية التي ترتكز عليها هذه الحركات والتيارات واسعة ومتنوعة؛ فقد مرت عبر أحزاب وتجمعات سياسية، وضمت مجموعات ثورية، وشكَّلت جزءًا من تحالفات الأغلبية والمعارضة (في الأردن، ومصر، والمغرب، وإسرائيل، وباكستان، وإيطاليا، والولايات المتحدة)، ووصلت في النهاية إلى تشكيل مجموعات عصابية مدفوعة نحو حرب العصابات أو الإرهاب (حماس، والقاعدة، والمتطرفون السيخ، والتجمع الأصولي الجزائري، ويهود تحت الأرض، والمجموعات الثورية في الشيشان وداغستان، والمسيحيون الأمريكيون والذين يلقى عليهم مسئولية الأحداث ضد النشطاء من السيدات وضد الأطباء المؤيدين للإجهاض).

وحسب ما ذكرته الدراسة، فإن هذه المجموعات، بعيدًا عن أصولها الثقافية والدينية، لها خمسة ملامح مشتركة: نقاء العقيدة، القيام على الصفوة، صرامة ممارسة الشعائر، طقوس الماضي، النزعة التبشيرية.

1- نقاء العقيدة: ويرجع ذلك إلى الشعور بالكارثة والخوف من التهديد الذي يمثله تمرد الإنسان على الله ومخالفة تعاليمه، كما جاء في التوراة والإنجيل والقرآن، ويصف الأصوليون أنفسهم بأنهم "الناجون" أو "المخلَّصون" أو "الزيلوت" وهم أتباع حركة يهودية متعصبة، الذين لا يتركون شكًا بأنهم هم المسئولون عن حفظ تعاليم الدين كنقطة ارتكاز إجبارية. وفي مقابلة صحفية في "إسرائيل" مع أحد المتزمتين، طُرح عليه هذا السؤال: لماذا يختلف يهود الحريديم عن كل الآخرين؟ فأجاب بقوله: "ولماذا يختلف الآخرون عنا؟!".

إن الصفة المفضلة عند الأصوليين في مواجهة عصر العلوم الإنسانية العلماني هي الاستعلاء بالنسبة للسنة الإسلاميين، والحريديم اليهود؛ فهي لغة مانوية تقوم على الصراع بين الخير والشر، وهو تراث يتم تقديمه تحت الحصار، وإن مكانة الأصوليين "كالنور يبدِّد الظلمات"، وإن حزبهم إنما هو حزب الله الذي هو ضد حزب الشيطان، وبالتالي فإن الفكر العلماني إنما هو تهديد للهوية الدينية على الصعيد الخاص والعام، ويُستخدم كأداة عميلة للدول العلمانية، لذلك فإن الهجوم على العلمانية يتنوَّع حسب اعتبارها؛ ففي أوروبا وأمريكا تُحارَب باعتبارها تطور داخل المجتمع، وفي آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية تُحارب باعتبارها ذراعًا للقوى الاستعمارية، ويتم تشبيهها بالتغريب أو "حمى التشبه بالآخرين" أو "الهوس بالغرب من جانب الصفوة المثقفة".

2- المَعْـلم الثاني هو الوعي بأنهم أقلية وأنهم معزولون، وهذا نفس شعور الجماعات القديمة، فهم يعلمون أن محاولاتهم يائسة، لذلك يجب عليهم ألا يتوقفوا عن إلقاء البذرة التي ستثمر لا محالة في إعادة المكان المركزي إلى الدين، لذلك نجد اللجوء إلى عالم العزلة عند اليهود، وفي كتابات الإسلاميين نجد المؤمنين بالاسم فقط يوصفون بأنهم "مسلمون جغرافيون"، وحالتهم أشبه بالجاهلية قبل الإسلام، وكذلك نجد "الوثنية الحديثة" عند الكاثوليك، ونجد كتابات "المنفيون المسيحيون" لدى الإنجيليين، لذلك نجد نشاط هؤلاء "الأنقياء" موجَّه ضد إخوانهم في الديانة "الضالين" و"الفاترين" أكثر من توجيهه إلى غير المؤمنين، حدث ذلك في الصراعات بين الكنائس الأصلية، حيث كان العنف موجهًا ضد المرتدين في المقام الأول.

3- ثالث هذه الملامح هو الإصرار إلى حد الهوس في ممارسة الشعائر، فهو ذو سمة دفاعية أيضًا، بل هو الفرملة التي توقف عجلة التغريب؛ لأن خطر الذوبان والموجة المادية تقتضي اليقظة الدائمة، فالعولمة بإلغائها حدود الزمان والمكان تُحرّر الناس من الالتزامات التقليدية، وتدمِّر الثقافات، بل يصل الأمر إلى تسويق المنتجات الروحية "مثل مطبخ الأطعمة الحلال المغلفة، والزواج التوافقي، وتأجير المعلم الديني"، لذلك تميل الجماعات الأصولية إلى إيجاد حيز لنفسها حول المعبد أو المسجد أو الكنيسة أو المعبد الهندوسي، وهو عبارة عن جيتو تنمو عن طريقه الأسر وتتفاعل داخل جدران محمية برموز انعزالية.

ورفض كل ما هو خارج هذه الجيوب يؤدي إلى التسلح الأخلاقي والصحوة السياسية، والتي لا تترد في إدانة العلمانية في نظام السوق الذي صاغته العولمة، والتفكك الأسري، وإضعاف روح الجماعة، وتلوث البيئة، كل ذلك تقوم به هذه التيارات عن طريق شخصيات لها كاريزما معينة؛ مثل الشيخ، والإمام، والحاخام، ورجل الدين الهندوسي.

4- رابع هذه المعالم هو الحنين إلى أصول الماضي، وإلى المؤسس الأول، عن طريق خطوة رمزية لا تاريخية، هذه الخطوة تفرض مجموعة من المحظورات والرقابة أيضًا في الفن والأدب، ويمكن أن تصل إلى الإدانة الكاملة للسينما والتليفزيون.. وتجدر الإشارة إلى التناقض الواضح لهذه الحركات، حيث يستخدمون في الدعاية الوسائل التقنية المتقدمة "خطب تليفزيونية، ومكبرات صوت، والبريد الإلكتروني، والفيديو كاسيت" في دعايتهم المحافظة تلك، وينتهي الأمر إلى التشبع بشيء ليس بالقليل من تلك القيم العلمانية التي يحاربونها، سواء كان في "الهند"، أو "مصر"، أو "إسرائيل"، أو "أمريكا"، وغيرها من دول العالم التي بها تيارات أصولية!!.

5- آخر هذه المعالم وهو أهمها، أن الأصولية تزعم أنها تقوم بمهمة إنقاذ في مجتمع يتهاوى ويسقط في الوثنية، وهذا الزعم يستبعد أي حل وسط، ويكتسب أبعادًا من الهوس والتعصب واللجوء إلى العنف والتضحية بالنفس وبالآخرين، علمًا بأن هذه العداونية غير ظاهرة، إلا أنها مستترة تحت عباءة الراديكالية، والتي تنكرها دائمًا الجماعات الأصولية، لذلك نجد كيف أساء الإسلاميون لتعبير "الجهاد" عند استخدامه، وكذلك التيارات المتطرفة في المسيحية تعتبر الحرب غضب الله على الأشرار، وهي سمة التيار الديني المحافظ في "أمريكا"، وأتباع الهندوسية منظمون في تشكيلات متطرفة عسكرية يرفعون رمز شوكة شيفا ذات الأصابع الثلاثة لاستخدامها كسلاح عند الضرورة. ونرى أيضًا بعض مجموعات اليهود المتعصبة قد اتخذت "سيف داوود" رمزًا لها..

وفي النهاية، يجب أن نعلم أن المسافة قصيرة بين التحريم النظري لأعداء الدين والعمل الملموس لمنعهم من الإفساد، وغالبًا ما يفرض هذا الانتقال إلى الممارسة العنيفة مسارًا أخلاقيًا صعبًا وعقيدة صعبة تتجه إلى إحراز نصر ساحق على الإحساس بنبذ ورفض القتل، وأرى أن الأصولية في العالم يجب أن تعلم أن عالم الكبار لا يتقاتل، وأن الاتحاد السوفيتي سقط بدون قتال وهو قادر على نسف الأرض، وأن "اليابان" صعدت إلى القمة بالعلم، وإذا كان سور برلين قبل سقوطه يمنع الناس من الخروج، فإن أسوار الأصولية في العالم تمنع الناس من الدخول في الإنسانية بأسمى معانيها.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :