كتبت – أماني موسى
كثيرًا ما يهتم الناس شرقًا وغربًا بعلوم الفلك وماذا تخبرنا النجوم عن مستقبلنا وأحوالنا العملية والعاطفية وأحوال بلادنا وغيرها من الأمور التي تهم كثيرين، ويبقى اسم نوسترداموس من أشهر المنجمين الذي يستعان بتنبوائتهم حتى يومنا هذا.. نورد بالسطور المقبلة من هو نوسترداموس؟
البيت الذي ولد فيه نوستراداموس
نشأته
ولد نوستراداموس أو ميشيل دي نوسترادام في 14 ديسمبر أو 21 ديسمبر 1503 - 2 يوليو 1566، وهو صيدلاني ومنجم فرنسي. نشر مجموعات من النبوءات في كتابه Propheties ("النبوءات")، وصدرت الطبعة الأولى في عام 1555 والتي أصبحت مشهورة في أنحاء العالم. ويحتوي الكتاب تنبؤات بالأحداث التي اعتقد أنها ستحدث في زمانه وإلى نهاية العالم الذي توقع أن يكون في عام 3797 م. وكان يقوم بكتابة الأحداث على شكل رباعيات غير مفهومة.
وتحققت العديد من نبوءاته، حتى أن الصحف العالمية نسبت له تنبأ العديد من الأحداث الكبرى في العالم.
تحوله من اليهودية للكاثوليكية
ولد نوسترداموس في جنوب فرنسا، ولم تكن أسرته تنتمي إلى سلسلة الأطباء اليهود الإيطاليين الشهيرة التي تعمل في بلاطي الملك رينيه كما يعتقد البعض، وفي عام 1512م حين كان في التاسعة من عمره تخلت الأسرة عن اليهودية واعتنقت العقيدة الكاثوليكية.
الابن الأكبر وسط 4 أشقاء
كان نوستراداموس الابن الأكبر وكان له 4 أخوة، وتميز بينهم بذكائه الشديد، وقد علمه جده جان اللاتينية والإغريقية والعبرية وأصول الرياضيات والتنجيم الذي يسميه نوستراداموس "العلم السماوي".
وعندما توفي جده عاد إلى دار والديه، ثم تولى جده الثاني أمر تعليمه، وأرسله إلى بلدة أفينيون للدراسة، وأصبح حديث طلاب العلم بسبب نبوغه في علم التنجيم.
دراسته للطب
وقد أيد نوسترداموس صحة النظرية الكوبرنيكية التي تقول بأن العالم كروي ويدور حول الشمس قبل مقاضاة غاليليو، وكان هذا العصر عصر محاكم التفتيش فخشي والده عليه من أن يتم القبض عليه ومقاضاته، خاصة أنهم كانوا يهود سابقين بما يزيد موقفهم ضعفًا، فقام بإرساله عام 1522م لدراسة الطب في مدينة مونبيلييه وكان عمره 19 عامًا.
دوره في علاج مرضى الطاعون بعد انتشاره بجنوب فرنسا
وأثناء عمله كطبيب انتشر الطاعون الأسود بجنوب فرنسا، وكان له دور بارز وكبير في إنقاذ العديد من المرضى وبخاصة تجاه الفقراء منهم، وفي 1525م ذاع صيته، وأخذ يجول من مدينة لأخرى موزعًا أدويته الخاصة على المصابين، وكان يستخدم طرق ابداعيه في العلاج، وتم العثور على وصفات بعضًا من هذه الأدوية فيما بعد في كتاب نشره عام 1552 م.
بعدها عاد إلى مونبيلييه لإكمال الدكتوراه، وكان مبتكر للعديد من العلاجات وكذا النظريات الطبية الجديدة، حتى أثار ذلك غيرة زملائه.
زيجاته الثلاث
في عام 1534 م تزوج نوسترداموس من شابة من طبقة اجتماعية راقية، تدعى ماري جورج، وأنجب منها ولد وبنت، وعاش فترة من السعادة، إلا أن الطاعون وصل إلى المدينة التي يقطن بها وأخذ زوجته وطفليه، ما أصابه بفاجعة كبيرة لعجزه عن إنقاذ عائلته.
ثم تزوج ثانية وهو في الخمسين من عمره وتوفت بالطاعون أيضًا وتزوج للمرة الثالثة وتوفت هي الأخرى بعد فترة من الوقت، فقطع عهدًا على نفسه بعدم الزواج مجددًا.
اتهامه بالهرطقة
وفي عام 1538، تم اتهامه بالهرطقة حيث قال لأحد العمال أثناء صب تمثال برونزي للسيدة العذراء أنك كأنما تصنع تمثال للشيطان قاصدًا أن التمثال يفتقر إلى الشكل الجمالي، فتم إبلاغ السلطات، وأرسلت محكمة التفتيش وحاول نوسترداموس قدر طاقته الابتعاد عن السلطة أو الاحتكاك بها.
وفي هذه الأثناء بدأ نوسترداموس بترجمة الهورابولو Horapollo التي كتبها فيليبوس Philippus من الإغريقية إلى الفرنسية وهي مجموعة من الأبحاث أو الرسائل في الأخلاق والفلسفة، وبدأت تظهر قدرته على التنبؤ.
أحد نسخ كتاب تنبؤات نوستراداموس -يرجع تاريخها إلى 1672 توجد في مكتبة تاريخ الطب جامعة تكساس
أشهر نبؤاته
نبوءة هنري الرابع
في عام 1550م انتقل نوستراداموس إلى مدينة صالون الفرنسية - المكان الذي بدأ فيه كتابة تنبؤاته. ووقعت حادثة طريفة أثناء زيارة نوستراداموس إلى مدينة صالون عندما طلب رؤية شامات موجودة على جسم صبي في الحاشية، كان ذلك شكلاً من أشكال التنبؤ الشائعة في ذلك الوقت، إلا أن الصبي استحيا وهرب. توجه نوستراداموس في اليوم التالي لرؤيته وهو نائم، ثم أعلن بعد ذلك أن هذا الصبي سيكون في يوم من الأيام ملكاً على فرنسا على الرغم من أن كاترين كان لها ولدان على قيد الحياة وكان ذلك الصبي هو هنري النافاري الذي أصبح فيما بعد الملك هنري الرابع.
جدير بالذكر أن أحد نسخ كتاب تنبؤات نوستراداموس -يرجع تاريخها إلى 1672- توجد في مكتبة تاريخ الطب، جامعة تكساس بمركز علوم الصحة في سان أنطونيو.
كتاب التنبؤات بلغات متعددة ومفاهيم غامضة
في عام 1555 أكمل نوستراداموس الجزء الأول من كتابه الخاص بالتنبؤات التي كان لها أن تحتوي على تكهنات تبتدئ بزمانه وحتى نهاية العالم، وقد كتب بأسلوب مبهم وغامض يمتلئ بمفردات من لغات متعددة مثل اللاتينية البروفنسالية والإيطالية والإغريقية، ويتردد أنه قصد ذلك حتى يتجنب مقاضاته على أنه ساحر أو مشعوذ، فقد قصد خلق حالة من الإرباك في تسلسل التنبؤات فلا تنكشف أسراره للناس العاديين.
تنبأ بمجيء هتلر
وجدت النسخة الاصلية عام 1555 م، ثم توالت النسخ الأخرى عنها في القرن السادس عشر وما بعده، حتى أنه تنبأ بهتلر تحت اسم هيستر، وكان نابليون بونابرت يحمل كتاب النبؤات دائمًا معه، وكذلك هتلر الذي استعاره من زوجة اعلامه ودعايته جوبلز ، كما كان لايفارق مكتب الوزير الأول لاليزابيث الأولى ملكة بريطانيا ووجد أيضًا في مكتبة الفاتيكان، وترجم إلى مئات من اللغات المتداولة.
تنبأ بنهاية سلطة الكنيسة بأوروبا وإعلان الجمهورية الفرنسية
تنبأ برؤى عديدة لمستقبل العام، واعتبر سنة 1792 بداية لعهد جديد وذلك في رسالته إلى الملك الفرنسي هنري الثاني، وبالفعل كانت هي سنة اعلان الجمهورية الفرنسية، وبداية النهاية لعصر السلطة الكنسية في أوروبا.
وإلى يومنا هذا يعمل عدد من الفرنسيين المتخصصين في التعامل مع الوثائق القديمة على فك رموز تنبؤاته، منها ما وصفوه بـ نصوص فظيعة عن مستقبل العالم، وحرب عالمية ثالثة قادمة، وبأن كوكبًا عملاق سيضرب الأرض، كما توقع أن نهاية العالم ستكون سنة 3797 م.
حيث تنبأ باندلاع الحرب العالمية الثالثة بين القوى العالمية الكبرى، وسيصاحبها سقوط جسم سماوي كبير، من المحتمل أن يجبر عدد الضحايا الكبير والنتائج الهائلة لهذا الحدث، البلدين على إنهاء الحرب في مرحلة يتفوق فيها الشرق على الغرب.
طابع بريد وضعت عليه صورته من رومانيا عام 2003
وفاته:
بدأ النقرس الذي كان يعاني منه يتحول إلى داء الاستسقاء، فأدرك بوصفه طبيبًا أن نهايته أصبحت وشيكة، فكتب وصيته في منتصف يونيو عام 1566.
وفي أول يوليو أرسل في طلب القس المحلي ليجري له الطقوس الأخيرة، ووجدت جثته في صباح اليوم التالي كما توقع بنفسه، وترك مبلغاً كبيراً من المال علاوة على ممتلكات عينية أخرى.
دفنه ونبش قبره
وعندما توفي دفن واقفًا في جدار في أحد جدران كنيسة كورديلييه في بلدة صالون، بفرنسا، لكن جثته تعرضت للنبش من قبل الجنود بعد أن اخرجوا نعشه ابان الثورة الفرنسية ، فأعيد دفن جثته في الكنيسة الأخرى في صالون، وهي كنيسة سان لوران حيث لا يزال يمكن رؤية قبره وصورته الشخصية المرسومة.