الأقباط متحدون | موت القامات وبقاء الأوطان
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٢٩ | الثلاثاء ١ نوفمبر ٢٠١١ | ٢٠ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٦٥ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

موت القامات وبقاء الأوطان

الثلاثاء ١ نوفمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: مينا ملاك عازر
منذ انهيار سد مأرب في القرن السابع قبل الميلاد إلى بناء السد العالي في العقد السابع من القرن الماضي، والعالم تُبنى وتُهدم فيه سدود كثر، وجرى في النهر مياه أكثر، ولذا "مصر" هي الوحيدة التي بُنِي فيها الأهرام، وتكذب فيها الأهرام، وكما أن الأهرام مقبرة الفراعنة، فالأهرام أيضًا بها أكبر صفحة وفيات، وهي أصدق ما بالجريدة، مع كلمات الأستاذ "صلاح منتصر" والعظيم الراحل "أنيس منصور".

وقد تربيت على ما يكتبه "أنيس منصور"، و"صلاح منتصر"، و"أحمد بهجت"، و"سلامة أحمد سلامة"، وحلمت أن أكون مثلهم، لكن لم يغيِّر أولئك العمالقة في سياسة التحرير، ولم يدعوا للنزول لميدان "التحرير"، وبقوا يقولون ما يستطيعون قوله، ولا يقولون ما يجب قوله؛ لأنهم كانوا يعرفون أن الكتابة تحت مظلة السلطة لها قواعدها وحدودها، فتفننوا في أساليبهم، ولم يرتفعوا بسقف مواضيعهم، وحاولوا أن يرضوا ضميرهم الذي يتعارض مع إرضاء السلطة التي كانت تهيمن على الأهرام، ولكن كان ذلك أمرًا مستحيلًا، فاختاروا الكتابة، والتأثير بطرق كثيرة، لكنهم بقوا أساتذة، فما فعلوه هو المستحيل بعينه، أن تكون مؤثرًا في وقت لا تؤثر فيه الجريدة بأخبارها في الشعب والجمهور والقراء.

ويبقى "أنيس منصور" علامة في تاريخ الصحافة، وأبقى أنا متأثرًا بكلماته وأقواله وآرائه، وأحب له كلمة لن أنساها، إن ما بين ندمك على الأمس وحلمك بالغد فرصتك اليوم، ومن يومها أهتم بيومي، وأخطِّط لغدي، وأستفيد بأمسي، ولذا أنسى أننا مقبلين على انتخابات برلمانية، وأنسى أن الثورة تُسرق، وأغتنم من اليوم فرصته، وهي محاولة استعادة الثورة، وإحيائها.

والمرأة من أكثر المختلفين معه؛ لآرائه عنها. لكن من يقرأ حوار ابنة زوجته الأستاذة "منى رجب" في "المصري اليوم"، بأنه لم يكن يؤمن بتلك الكلمات فعلًا، ولكن كان يرصد ما يحدث في بعض الأحيان من المرأة، ورغم تقديره للزواج، إلا أنه كان يرصد بصراحته وبمشرط الكاتب وبطريقة تحليلية رائعة كيف تحدث سلبيات الزواج..

وفي الحقيقة، لم تفقد "مصر" فقط "أنيس منصور"، وإنما في نفس الأسبوع تقريبًا فقدت ذلك العملاق المؤثر سياسيًا وفكريًا، صاحب المقالات والكتب والرؤى والتحليلات في تيارات الإسلام السياسي، وهو الباحث والمفكر "حسام تمام" الذي رحل عن دنيانا مُخلفًا ورائه باقة من الكتب المؤثرة والموضوعية، التي حلَّلت بمشرط المفكر والفيلسوف والمتأمل في فكر المتشددين والإسلاميين، وقد استمر مقاتلًا مفكرًا مبدعًا، فقد تابعته متألقًا في لقاءاته مع الأستاذ "إبراهيم عيسى" قبل موته بأسابيع قليلة، استمر ممسكًا بقلمه، حتى أنه رحل متأثرًا بمرضه لكن لم يسقط قلمه من يده رغم المرض وضراوته، ومن ثم فقد اختار الموت قامتين، إحداهما كبيرة السن والعقل، والأخرى صغيرة السن وكبيرة العقل، مما يؤكِّد أن "مصر" ولادة وستبقى برجالها وكتابها المؤثرين، وهذا يكفي لأطمئن على الثورة أنها مستمرة..

المختصر المفيد، تموت الأشخاص، ولكن تبقى أعمالهم، وتموت الأشخاص، وتبقى الأوطان لا تضن عن إنجاب خلفاء للعمالقة، ما دام الوطن نفسه عملاقًا.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :