الأقباط متحدون | تأسفت إسرائيل ولم تعتذر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١١:٢٣ | الجمعة ٢٨ اكتوبر ٢٠١١ | ١٦ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٦١ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

تأسفت إسرائيل ولم تعتذر

الجمعة ٢٨ اكتوبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٠ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: أحمد صبح

تعالوا بنا نحكم على الأشياء دون ضجيج أو عجيج ، لأننا أصبحنا مشهورين بين الأمم بأننا أمة الصياح ، فهل فعلاً اعتذرت إسرائيل لمصر عن قتل جنودها على الحدود المصرية ، وفي الوقت ذاته لم تعتذر لتركيا لقتلها الأتراك على متن أسطول الحرية الذى كان ذاهباً لفك الحصار عن غزة ؟!
الواقع أن اسرائيل لم تعتذر لتركيا ، وكذلك هى لم تعتذر لمصر إلى الآن ! بل إنها – فقط - تأسفت لمقتل الجنود المصريين على الحدود المصرية
وثمة فرق كبير بين الاعتذار والتأسف ، وهذا فارق مهم على عكس ما قدر يرى البعض ، ولم يظهر هذا الفارق في أماكن عديدة إلا مؤخراً مع وقوع مستجدات على المسرح السياسي ، فقد رفضت اسرائيل – على سبيل المثال – أن تعتذر لتركيا على قتل رعاياها كما أسلفنا ، ولهذا اكتفت بإعراب وزير دفاعها باراك عن الأسف للحكومة المصرية عن قتل ضباط وبعض الجنود على الحدود المصرية عند رفح في أغسطس 2011 م ، عند مطاردة متسللين فلسطينيين قاموا بعملية فدائية ضد أتوبيس وسياريتين في إيلات ، نتج عنها بعض الجرحى والقتلى ، ثم هربوا إلى الأراضي المصرية ، وعند إسقاط طائرة استطلاع أمريكية في الصين رفض الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن طلب الحكومة الصينية بالاعتذار ، واكتفى بالإعراب عن أسفه العميق .
فما هو الفرق بين الاعتذار والأسف ؟ علماً بأن معظم الناس يخلطون بينهما ، إن تعريف الاعتذار يشمل اعترافاً بالخطأ من جانب المعتذر ، والاعتذار يعني أن يتكلف المخطيء قانوناً بدفع التعويضات اللازمة لتصحيح الخطأ ، ولهذا لو كان الرئيس جورج بوش الابن أو وزير الدفاع الاسرائيلي اعتذارا ؛ فمعنى ذلك الاعتراف بالمسئولية ودفع التعويضات طبقاً للقانون الدولي مع ما يتضمنه ذلك من إحراج ، أما الإعراب عن الأسف فهو تعبير عن أن ماحدث ماكان يجب أن يحدث بدون التسليم بالخطأ ، وتعتبر اسرائيل ضليعة في هذا الموضوع ، فهي استطاعت أن تجبر ألمانيا على الاعتذار عما ارتكبه النازي في حق اليهود ، وحصلت بذلك على أموال طائلة كتعويضات ! وفعل الشىء نفسه معمر القذافي عندما اعتذر عن تفجير طائرة مدنية ودفع مليارات الدولارات لأهالي الضحايا ، بينما تصر اليابان على عدم الاعتذار عن المعاملة الوحشية لجنودها عند احتلالها لبعض دول جنوب شرق آسيا ، وتصر الولايات المتحدة على عدم الاعتذار عن قصف مدينتي هيروشيما وناجازاكي بالقنابل النووية لأول مرة في التاريخ ، وإذا كان البعض يرى – خطأ – أنه لافرق بين الاعتذار والأسف ، فإن الفرق الكبير بينهما قد حسمه وزير الدفاع الاسرائيلي باراك حرفياً عندما قال " إن اسرائيل لم تعتذر ، وأنا أيضاً لم اعتذر رسمياً ، ولكن ماحدث هو أنني أعربت عن أسفي - فقط - لفقد حياة الانسان نتيجة لخطأ عسكري للقوات الإسرائيلية المرابطة على الحدود المصرية "
يقول أحد علماء السياسة الأمريكيين " إن اعتذارك عن أشياء ارتكتبها وأحدثت أضرار معناه أنك ترفع الراية البيضاء " ومن الواضح أن هذا العالم الأمريكي قد استبعد " الأسف " !
إن الاعتذار الذي يتم بأمانة والتزام هو شكل مؤثر من أشكال حسم النزاع عبرالثقافات ، فمن الممكن تجنب كثير من الدعاوي القضائية تماماً إذا اعتذر المسيء لصاحب الحق وبصرف النظر عن الأخطاء والحقوق الناتجة عنها ، فإنه يمكن إدراك أن الاعتذار يصبح ملجأ في القضاء على الخلافات الاجتماعية ، وليس إبداء الأسف الذي هو نوع من التعزية يقوم به المخطيء وغيره على حد سواء ، فالاعتذار الكامل والمخلص في حد ذاته قادر على توفير المصالحة وحسم الكثير من الحوادث الدولية والصراعات والمظالم .
أما الأسف فهو رد فعل عقلاني وأحياناً وجداني لنتائج غير مقصودة ، ومكلفة في الغالب لحدث أو فعل ما ، والأسف الذي يكشف مشاعر الندم مقصود به علاج عواقب أعمال سيئة قام بها أفراد أو حكومات ثم تمنوا لو لم يقوموا بها ، أو أعمال طيبة لم يقوموا بها وتمنوا أنهم لو قاموا بها ، ونحن نشعر بالأسف من نتائج هفوات صغيرة أو اخطاء لو أتيح لنا الخيار للرجوع في القرار لكُنّا قد قررنا على الأرجح أن نتحكم فيها بما فيه الكفاية ، أو أفعال تمت عن عمد لأسباب منطقية ولكنها أتت بنتائج غير مقصودة ، ونحن نقدر الدور الحيوي الذي يلعبه الإعراب عن الأسف في حياتنا اليومية ، لأن الأسف يساعد على فهم الاختلافات بين الأخطاء التي نرتكبها ومشاعر الأسف التي نقدمها نتيجة لذلك ، والشخص الذي يرفض أن يعرب عن أسفه ويرفض الاعتذار عن خطأ جسيم ارتكبه خوفاً من أن يؤثر على هيبته وكرامته هو شخص متضخم الذات يحتاج إلى علاج نفسي ، وبيت القصيد أن نعلم أن اسرائيل لم تعتذر ولكنها تأسفت لنا كما قال وزير دفاعها باراك ؛ فهي عزّتنا في مصابنا الجلل الذي ارتكبته ؛ ولذلك فهى لن تدفع تعويضات ..

وشكر الله سعيكم !

 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :