بقلم : رجائى تادرس
في البداية نقوم بالتحية الخالصة للجيش المصري الباسل لما قام به من مذابح للأقباط في ماسبيرو التي راح ضحيتها أكثر من ٢٧ شهيداً وأكثر من ٣٥٠ مصاباً وحتى الآن لم يعتذر الجيش أو أي مسؤول عن هذه المذابح أو تقديم أي جانٍ حقيقي للمحاكمة.
لا بد أن نعرف الأبعاد الثلاثية للمؤامرة التي دُبرت لضرب الأقباط وسحق صوتهم لإبعادهم عن اللعبة السياسية في مرحلة التكوين لمصر!!
لتعريف البعد الثلاثي:
يتكون من ثلاثة أبعاد: البعد السيني، والبعد الصادي والبعد العيني، الذين يقوموا بتجسيد الصورة في العين المجردة !!
ولتجسيد مذبحة ماسبيرو توفرت الأركان الثلاثية للمؤامرة:
1- التحريض الديني، وهنا يتمثل في قيام بعض شيوخ الإسلام قبل وقوع المذبحة بعدة أيام بتكفير الأقباط في جميع وسائل الإعلام والجوامع والمحاضرات في مصر ولم ولن يتعرض لهما أياً من المسؤولين عن الحكم في مصر.
2- القوة الغلظة للدهس (الجيش المصري)، عندما قامت المسيرة السلمية القبطية من دوران شبرا متجهة إلى ماسبيرو قام بعض البلطجية بقذفهم بالطوب والحجارة لتعطيلهم بعض الوقت ولكن استمرت المسيرة في إتجاه ماسبيرو وأين يوجد الفخ والمصيدة حتى وصلت المسيرة... وقام الجيش بالضرب على الفور كما يثبت ذلك في مئات من الفيديوهات الموثقة لذلك وما أسرع من أن انضم للجيش وللشرطة البلطجية ليكونوا إيد واحدة ضد عدو الله والوطن الأقباط الكفرة الذين تم تكفيرهم من قبل...
3- الإعلام الحكومي والبروباجندة المثيرة أثناء بداية معركة تحرير مصر من الأقباط في غزوة ماسبيرو قام الإعلام الحكومي من تليفزيون وإذاعة لإعطاء الشرعية للمذبحة وتحفيز شعب مصر للجهاد ضد عدو الله والوطن بالإستنجاد بشعب الله المؤمن لإنقاذ الجيش المصري الضعيف والفقير بالله من أيادي الغازين الكفرة الأقباط...
وهنا يكتمل الضلع الثالث لتجسيد المذبحة ضد الأقباط المسالمين العزل الجيش + البلطجية و الإعلام وشيوخ الإسلام المحرضين...
تحالف العسكري وبعض القوى الإسلامية لضرب القوة القبطية التي تعتبر القوة الأكثر ليبرالية في المجتمع المصري مع تحالفهاً مع بعض القوى السياسية المدنية والليبرالية لجعل مصر دولة مدنية ليبرالية الفكر والتنفيذ لتحويل الفترة الإنتقالية إلى فترة دائمية الحكم العسكري في مصر...
إذا كان وجود الأقباط في مصر من نظر بعض القوى السياسية الأخرى ما هو إلا رهائن الوضع السياسي وتعاملهم معهم على هذا المنوال!! فسوف نرى في الأوقات الراهنة الإعتداءات من قتل وسلب وحرق الكنائس ضد الأقباط في نواحي متفرقة في مصر للضغط على الرأي العام العالمي لبقائهم في الحكم وما إلا تنفيذ السياسة القديمة التي كانت من قِبَلْ الرئيس المخلوع!!
ما أخطر ما حدث في هذه المجزرة ليست وقعها فقط وإنما التعامل معها بعد الوقوع من قِبَلْ المجلس العسكري بإختلاق القصص الوهمية والروايات عن طريق الإعلام المدلس المُصَيّر المصري ووزير إعلامه الكاذب لمحاولة تبرير ما حدث من فظائع وحمامات الدم التي ارتكبها في حق الأقباط...
لا بد من تحليل موقف المجلس العسكري ليوم الأحد الدامي التاسع من أكتوبر بماسبيرو:
1- إطلاق النار على المتظاهرين من قِبَلْ قناصة.
2- تم سرقة المدرعات الحربية من الجيش المصري في نفس الساعة التي تم فيها إطلاق النار.
3 - التحريض الطائفي من الإعلام المصري في ذلك اليوم شخصي وإنفعالي من مقدمين البرامج.
4- يوجد ضحايا وقتلة من صفوف الجيش ولكن لم يُعْلن عنها، أسرار عسكرية!!
بكل هذا يعتبر المجلس العسكري والجيش برئ براءة الطفل من كل ما حدث في هذا اليوم.
إذا كان المجلس العسكري يستخف بعقول المصريين ويتعبرهم سُذَّج وأُمّيين فهذا يتعبر بالفعل بداية نهاية الحكم العسكري في مصر.
والأسوأ من ذلك يقوم المجلس العسكري بسياسة المساومة والمقايضة التي من وجهة نظره يعتبرها حبل النجاة له وخروجه من هذا المأزق هو المقايضة عن طريق التنازل عن حق الشهداء مقابل بناء بعض الكنائس!! والمساومة بقيامه بالقبض على أكثر من ٢٤ قبطياً بما فيهم اثنين من القساوسة الذين شاركوا في المظاهرة السلمية التي حولها الجيش إلى دموية، إن لم توافق على المقايضة سوف يُحَكم عليهم بأقصى العقوبات العسكرية!! وتم اختزال الشخصية القبطية الممثلة سياسياً في شخص واحد وهي الشخصية الروحية الأعلى في مصر لممارسة هذه الضغوط جيدا !!
ومن الأغرب من ذلك لم يُقبض على بلطجي واحد أو قائد فرقة البلطجية أو محاسبة قيادات الشرطة العسكرية التي أعطت الأوامر للمدرعات بدهس المتظاهرين وقتلهم بالرصاص الحي!!!
والجدير بالذكر هنا أن تقوم النيابة العسكرية بالتحقيق في الموضوع برمته لكي تلعب دور القاضي والجلاد!! وبالطبع حتى الآن لم نسمع من النيابة العسكرية بأمر القبض على أحد أفراد الشرطة العسكرية جنوداً وقادة للتحقيق بما قاموا به من قتل المتظاهرين في ماسبيرو!!
تدخل مصر في مرحلة عدم وضوح الرؤية السياسية التي تسمى بالفترة الضبابية وبذلك فشل المجلس العسكري في إدارة شؤون البلاد السياسية فشلاً ذريعاً فلا بد من اتخاذ إجراءات فورية لكي يُنقذ ما يمكن إنقاذه.
مذبحة الأقباط على ضفاف النيل عار على جميع المصريين ولم ولن يُغسَلْ هذا العار إلا بتوضيح الحقائق والقصاص لحق الشهداء، فكم من مرة صرخت ضفاف النيل من كثرة الدماء المسكوبة مطالِبة بالقصاص لما يحدث ضد الأقباط إذا كنتوا تعتبرون ذاكرة الإنسان قصيرة وضعيفة فإن ذاكرة التاريخ أقوى ولن تنسى أو يُحزف حرفاً منها، عاجلاً أم آجلاً سوف تسجل الحقيقة كاملة في تاريخ الإنسانية!!!
نتذكر شهدائنا بذكرى مؤلمة نضئ الشموع على جميع الأرواح الخالدة لشهداء شعبنا الغالي المصري، واضعين أكاليل الزهور على قبورهم، إكراماً وإجلالاً وتقديراً لدمائهم الزكية.