كتب – روماني صبري
أطلق عليه "رائد الواقعية" في السينما المصرية ، حيث كان من أوائل المخرجين الذين اهتموا في أفلامهم بحياة الناس في المجتمع المصري ، تستبد في أفلامه أحلام الكادحين والمهمشين ، أحب الكاميرا السينمائية ، إذ رآها أفضل أداة تستطيع التعبير عن الواقع بشكل يختلف عن الجرائد ووسائل الإعلام التقليدية التي عرفها العالم قبل أن يخترع إخوان لومير جهاز العرض السينمائي عام 1895 .. انه المخرج الكبير صلاح أبو سيف .
البداية .. وكتاب المخرج
ولد أبو سيف في 10 مايو عام 1915 في محافظة بني سويف واغرم بالسينما منذ طفولته ، حتى وصل الأمر وقتها انه كان يتابع أخبار السينما بشغف شديد ، وذلك بعد أن وقع كتاب في يده وهو في العاشرة من عمره .
عمل في بداياته بشركة للغزل والنسيج فى مدينة المحلة الكبرى لمدة 3 سنوات ، وخلال هذه الفترة درس وقرا فى مجالات مختلفة حتى التقى بالمخرج "نيازى مصطفى" الذي كان في المحلة من اجل تصوير فيلما تسجيليا عن شركة الغزل والنسيج.
وبعد أن تعرف نيازي عليه اكتشف كم هو شخص مولع بالسينما ، حتى وعده أن يساعده في الانتقال إلى القاهرة للعمل في أستوديو مصر ، ولان وعد الحر دين عليه ، عمل أبو سيف مونتيرا في أستوديو مصر، حتى أصبح رئيسا لقسم المونتاج في الأستوديو لمدة 10 سنوات .
وصرح أبو سيف في احد الحوارات :" كانت بدياتي مع السينما من خلال كتاب صغير وقع فى يدي وعمري10 سنوات، يتحدث عن مخرج السينما، وكانت السينما قبل هذا الكتاب عبارة عن ممثلين، هكذا كنت أتصور، وعندما قرأت الكتاب قررت أن أكون مخرج سينمائي .
كاشف تفاصيل المجتمع
أصبحت أفلام أبو سيف الروائية الطويلة ، مرجعا هاما للباحثين عن مصر في حقبة الخمسينات والستينات ، حيث اعتبروا أفلامه الروائية وثائقية في الوقت نفسه ، لأنها كانت تقوم على كشف المجتمع المصري وطبقاته الغنية والفقيرة ، شوارعه ، عماله ، قضاياه الاجتماعية والسياسية والإنسانية الخ .
أفلام خالدة
قدم أبو سيف طوال مسيرته الفنية التي امتدت لخمسين عاما ، أكثر من 40 فيلما ، والمخرج الناجح لا تموت أفلامه مع الزمن ، والدليل على ذلك أن أفلامه القديمة لا زالت تعرض حتى يومنا ذلك تزامنا مع انتشار الأفلام الأمريكية ذات الميزانيات الضخمة والمعتمدة على عناصر الإبهار المتمثلة في التقنيات التكنولوجية الحديثة .
الزوجة الثانية على سبيل المثال
بمجرد ما تبث إحدى القنوات احد أفلامه الشهيرة مثل فيلم الزوجة الثانية بطولة السندريلا المصرية سعاد حسني ، والفنان شكري سرحان ، أو شباب امرأة بطولة تحية كاريوكا ،القاهرة 30، بين السما والأرض، لك يوم يا ظالم ، الفتوة ، الوحش ، ريا وسكينة ، السقا مات ، بداية ونهاية ، تجتمع الأسرة المصرية لتشاهد هذه الأفلام بلهفة ، رغم إنها عرضت الآلاف المرات سابقا ! ، ويعود هذا لما يسمى سحر الفن أو السينما .
وتعقيبا على ذلك ، لا يتعامل الجمهور المصري والعربي مع كل الأفلام بتلك الكيفية ، أفلام محددة فقط يستطيع الجمهور مشاهدتها أكثر من مرة وتظل عالقة في ذهنه طوال حياته ، لان هذه الأفلام أنتجت في ظروف مختلفة ، اليوم نرى أعمال فنية حديثة تأخذ وقت عرضها وتنتهي ، لان مخرجيها يفتقدون للنظرة السينمائية ، وأبو سيف كان يمتلك هذه النظرة ، المعالجة السينمائية للمشهد ، أي كان يعرف كيف يحرك الممثل ويسيطر علي المشهد قبل تنفيذه ، مثلما كان يحدث في السينما الأوروبية الواقعية التي انتشرت في ايطاليا على يد لوتشينو فيسسكونتي ، وفي السويد انجمار برغمان .
أفضل 100 فيلم
وتتضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية ، 11 فيلما لصلاح أبو سيف ، منهم 3 من العشرة الأوائل، وهى شباب امرأة وبداية ونهاية والفتوة.
الرحيل
رحل أبو سيف عن عالمنا في 22 يونيو عام 1996 ، تاركا ارث سينمائيا كبيرا لا زال يحظى بإعجاب الملايين بعد أن أصبحت أفلامه من أهم أفلام الواقعية في السينما المصرية .