أول مصرية تحصل على لقب «أيرون وومن»
لم يكن «جون كولينز» ضابط البحرية الأمريكى عندما قال عبارته «من ينهي أولا، سيلقب بالرجل الحديدي» خلال حفل لتوزيع الجوائز لأحد أندية السباحة فى جزيرة هاواي الأمريكية  فى السبعينيات،يعلم أنه يؤسس للجمع بين أصعب ثلاثة سباقات للتحمل على الجزيرة وهى السباحة وركوب الدراجات والجرى في سباق واحد ليشهد مولد أشهر سباقات  القوة والتحمل وأصعبها  الذى يعرف بمسابقات الأيرون مان (الرجل الحديدي)  والذي انطلق أول سباقاته في 18 فبراير عام 1978،وتمضى السنون ليشهد هذا السباق مشاركة مصرية فريدة لأنها ليست لرياضى مصرى ولكن لسيدة مصرية فى الخمسينيات من عمرها هي أماني خليل التي استطاعت أن تحقق مركزا متقدما فى منافساته لتكون أول مصرية تحصل على لقب «أيرون مان» أو «أيرون وومن» كما يطلقون عليها فى مصر، «نصف الدنيا» التقت أماني خليل  وتعرفت إلى مشوارها للحصول على هذا اللقب وكان الحوار التالى.

-بداية نريد أن نعرف أكثر من «الأيرون وومن»؟
أمانى خليل 53 سنة أولادى تخرجوا فى الجامعة وزوجى أستاذ فى الجامعة الأمريكية وطوال عمرى أحب الرياضة ولكن بعد الزواج توقفت عن ممارستها لظروف سفرى مع زوجى إلى أمريكا.

-وما قصة لقب المرأة الحديدية؟
بعد إنجابي لأولادى وجدت الجميع يمارسون رياضة الجرى فى الشارع   فمارست هذه الرياضة، وبعد التحاق أبنائى بالجامعة وجدت لدى وقت فراغ كبيرا وكنت أمارس الجرى وحققت مستوى متقدما به،والمصادفة جمعتنى بفتاة تمارس رياضة الثلاثى فطلبت منها الانضمام لفريقها وكانوا من الشباب الصغير وأنا الوحيدة الأكبر سنا فكان عمرى 47 سنة، وعندما وجدوا دأبي وانتظامي فى التمرينات قبلوا انضمامي لهم وشاركت معهم فى سباق فى الجونة وكان عبارة عن ركوب دراجات وجرى فقط وشاركت معهم فى سباق الأوليمبي فى سهل حشيش وحققت المركز الخامس وكنت الوحيدة فى سنى وفوجئت بهم بعد ذلك يطلبون منى الانضمام لسباق «هاف أيرون مان» ويقام فى برشلونة ووافقت وسافرنا ولكن فوجئت أثناء المسابقات أنها مختلفة عما تدربت عليه فى مصر، فكانت السباحة فى بحر مفتوح وسباق الدراجات يتطلب تسلق جبل مرتفع جدا وكان سباقا مجهدا جدا وللأسف أنهيت السباق متأخرة دقيقة واحدة مما منعنى من مواصلة باقى السباقات وشعرت بإحباط شديد ولكن زوجى  وأولادى كانوا داعمين لى جدا وقالوا لى يكفى جرأتك فى خوض هذه السباقات التى تختلف تماما عما تعودت عليه وخصوصا تسلق الجبل الشاهق بالدراجة، وكانت كلماتهم دافعا قويا جدا لي وقررت بعد عودتى إلى مصر أن أخوض هذا السباق مرة أخرى وبحثت عن متخصصين فى تسلق الجبال بالدراجات لتدريبى،  وبالفعل تعرفت على فريق ينظم سباقات دراجات خيرية وطلبوا منى الانضمام إليهم لأنهم يعدون لسباق دراجات جبل «الصعدة فى سيناء»  وكان الفريق كله من الرجال وبعد أن عرفوا محاولاتى للمشاركة فى سباق برشلونة أصروا على تدريبى معهم ومساعدتى وبالفعل تمرنت معهم ونجحت فى الصعود بالدراجة وزاد إصرارى على معاودة المشاركة فى سباق برشلونة وواصلت تدريباتي على الجرى وشاركت فى ماراثون  بوسطن وكنت أول مصرية تشارك به وتفوز وبعدها شاركت فى سباق «هاف أيرون مان 2016»  وحققت نتائج كبيرة جدا وكانت فرحة عارمة لى ولأسرتى وفى عيد ميلادى الخمسين طلبت من زوجى كهدية عيد ميلادى أن أشارك فى سباق «أيرون مان»  الكامل ووافق بالفعل، ورحت أتدرب 7 ساعات يوميا فكنت أستيقظ الفجر وأسبح مسافة 3 كيلومترات وأمارس تمارين اللياقة فى الجيم لمدة ساعتين،ثم أقوم بمهامى الأسرية، وأعود آخر اليوم لممارسة التمارين سواء الجرى أو الدراجات ويوم الجمعة كنت أقود الدراجة على الطريق الصحراوى أو السخنة لمدة 7 ساعات حتى حان موعد السباق، وطلبت من زوجى  وأولادى أن يسافروا معى وبالفعل سافرنا جميعا وفى يوم السباق ذهبنا من الساعة 5 صباحا وأنهيت سباق السباحة والدراجات  فى وقت جيد جدا وعند سباق الجرى وجدت أولادي ينتظرونني على التراك من الخارج وكل واحد منهم قرر أن يجرى مسافة 5 كيلومترات  إلى جوارى وهو ما حدث وعند الكيلو  30 شعرت بإنهاك شديد وكأن جسدى أصبح كتلة من الحديد ولا أستطيع الحركة فشعر أولادى بذلك وأننى لا أتحدث بطريقة طبيعية وإذا بهم يصرخون بصوت عال «حاولى يا مامى ولا تتوقفى أنت بتعملى تاريخ لمصر لو أنهيت هذا السباق  ونحن معك» لدرجة أن ابني قال لى «قولى أغنية وسوف نغنيها معك أثناء الجرى حتى نهاية السباق» لإلهائي عن الألم فى جسدى، وبالفعل بقينا نجرى ونغنى معا ووجدت ابنى يتصل بوالده ويخبره بأن المتبقى 500 متر وطلب منه الحضور فورا وبالفعل أتى بسرعة وعندما حضر كنت فى آخر مترين وجرى معى هذه المسافة بالرغم من أنه لا يحب الجرى تماما وعند خط النهاية قام بدفعى من الخلف حتى أعبرها وهو يصرخ «أمانى حلمك تحقق» ووسط ذهولي أخرجت علم مصر وسمعت مذيع السباق وهو يقول لى أمانى أنت الأيرون مان وحققت رقما متقدما جدا وكنت أول مصرية تفوز فى السباق وفى عمر الخمسين.

-ممارسة هذه الرياضة هل لها شروط خاصة؟
رياضة «الترايثلون» الثلاثى تتطلب لياقة عالية جدا فلابد أن يكون من يمارسها معتادا على الجرى لمسافات طويلة ولا بد أن يعمل تقويات لعضلات الأرجل والظهر، وفى نفس الوقت أمارس ركوب الدراجات لمسافات طويلة والسباحة أيضا، والشىء المميز بالنسبة لى أنني تعلمت السباحة وركوب الدراجات وأنا عمرى 47 سنة.

-ما الذى أضافته لك هذه الرياضة والحصول على اللقب؟
ممارسة الرياضة عموما من الأشياء التى تحقق لى السعادة الداخلية، وكلما كان الإنسان سعيدا كان أكثر عطاء لمن حوله، فكانت سببا من أسباب نجاحى فى رعايتى لزوجى وأولادى حتى حصلوا على درجاتهم العلمية بتفوق، ونجاح زوجى فى عمله كأستاذ فى الجامعة، كل ذلك بسبب أنني صنعت شيئا ونجاحا لنفسى من خلال ممارسة الرياضة التى أحبها وذلك أعطاني الثقة والإيمان بأنه لا شىء مستحيل.

-هل توقفت عن المشاركة فى المسابقات أم مازلت مستمرة؟
لن أتوقف وسوف أسافر للمشاركة فى سباق «هاف أيرون مان» وذلك يستغرق عاما كاملا من الاستعداد، وأيضا لدى حلم كبير فى المشاركة فى أكبر 6 سباقات جرى فى العالم وشاركت العام الماضى فى أحدهم وهو سباق برلين، وشاركت فى سباق بوسطن وهذا العام تأهلت لسباق شيكاغو ويتبقى لى 3 سباقات هى نيويورك وطوكيو ولندن.

-من أكثر شخص تدينين له فى مشوارك؟
زوجى وأولادى لأنى بدون دعمهم لم أكن لأحقق شيئا من أول مساعدتى فى إيجاد الوقت للتمرن إلى اعتمادهم على أنفسهم فى قضاء حاجاتهم داخل المنزل بل أحيانا كثيرة كانوا يشاركوننى الجرى لتشجيعى.