الأقباط متحدون | الفرق واضح
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٠:٠٨ | الأحد ٢٣ اكتوبر ٢٠١١ | ١١ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٥٦ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الفرق واضح

الأحد ٢٣ اكتوبر ٢٠١١ - ٣٠: ٠٤ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: ماجد سوس
في يوم عيد استشهاد شهداء "ماسبيرو"، الأحد 9 أكتوبر 2011، وأثناء قتل الأقباط الأبرياء العُزَّل على يد الجيش والمصرية، قاد أحد جنود الجيش دبابته بسرعة قافزًا فوق الرصيف، ليهرس ويذبح بدبابته أكثر من سبعة من شباب الأقباط الأطهار. بسبب هذه السرعة، وبسبب سيره فوق الأجساد الطاهرة وفوق الرصيف، انقلبت به الدبابة واشتعلت، وكان بها الجنديان القتلة، فخرجا مسرعين ليهربا. وكان المنظر في هذه اللحظات مريعًا جدًا.. رؤوس مقطوعة، وأشلاء متناثرة في كل مكان، ودماء بريئة تغطِّي كل مكان وتتدفق من أجساد الشهداء، ورائحة الموت ملأت الأنوف، وصراخ وعويل ودموع، وشعب بريء يعيش لحظات ذهول كأنها الدهر كله. أحد الجنود القتلة وهو يقفز من الدبابة المشتعلة رأي كاهنًا قبطيًا يقف وسط الشباب القبطي، فصرخ: "احميني يا أبونا.. احميني أرجوك"، وقفز تجاه أبونا، وهنا اشتد غضب المتظاهرين؛ فقد قتل إخوتهم بواحدة من أبشع طرق القتل في جريمة بشعة أقل ما يُقال عنها إنها جريمة ضد الإنسانية..

 

فتح الأب الكاهن ذراعيه واحتضن الجندي القاتل، وقال له: "لا تخف يا ابني، المسيح هايفديك".. بالطبع لم يفهم الجندي هذه الكلمات، ولكن أخذ يصرخ: "متسبنيش يا أبونا". حاول الشباب القبطي أن يفتك بالرجل كرد فعل طبيعي وكدفاع شرعي لاستشهاد إخوتهم، ولكن أبونا منعهم، وقال: "إحنا مش زيهم، إحنا مختلفين، لن نقاوم الشر بالشر!! المسيح قال لنا أحبوا أعدائكم."، وعندما شعر أبونا بأن هناك خطرًا على الجندي، طلب منه أن ينام عل الأرض، وهنا أخفى أبونا هذا الجندي تحته وغطاه بجلابيته، وقال له مرة أخرى "متخفش، المسيح ها يفديك".

هدأ الشباب المسيحي، عنذئذ قال لهم أبونا: "أنا أريد أن نقوم بتوصيل هذا الإنسان لكتيبته سالمًا"، فقام الشباب المسيحي، بعد أن حرَّك أبونا فيهم روح المحبة، بحماية الجندي حتى أوصلوه إلى كتيبته.

 

قصة مذهلة حرَّكت مشاعري ومشاعر الكثيرين جدًا؛ فبعد أن كتبت مقالتي مفندًا بها كل كذب وإدعاء وتضليل المجلس العسكري في مؤتمره الصحفي الغريب- الذي قُدم مسجلًا وممنتجًا وحافلًا بالمتناقضات- ومؤكدًا على أن اضطهاد الجيش والشرطة للأقباط كان عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، إلا أن قصة هذا الكاهن العظيم الذي حوّل آلام الصليب إلى نصرة القيامة، فبعد أن وضع أكثر من (27) شابًا أسمائهم مع مصاف الشهداء، وضع هذا الكاهن الورع نفسه في مصاف المعترفين الكارزين بحياتهم، ضاربًا مثالًا تصوَّر البعض قبله استحالة تضميد جراح عدوك وأخوك يموت نزفًا بيد هذا العدو.

 

الكاهن المبارك هو القمص "فليمون خليفة"- كاهن كنيسة الأنبا "أنطونيوس" بمنطقة "حوش عيسى" التابعة لمحافظة "البحيرة"، والذي استضافته إحدى القنوات الفضائية، التي قص فيها كل ما حدث للأقباط في هذا اليوم، وذكر بالتفصيل كل ما حدث للأقباط في ذلك اليوم، وكيف أن المظاهرة كانت سلمية وهادئة حتى علموا بأن التليفزيون المصري بدأ يحرِّض المسلمين على الدفاع عن الجيش، عندها فوجئوا بأن بلطجية خرجوا من بيوتهم- غالبًا من حي "بولاق"- وبدأوا في الهجوم على الأقباط.

يقول القمص "فليمون"، إنه عندما شاهده بعض البلطجية ألقوا عليه حجاره عندما كان سائرًا مع أولاده في المظاهرة، وكانت الحجارة تمطر عليه بشدة، فنادى على الشهيد العظيم "مار جرجس" أن يفتح لهم شقة ليحتمي بها، فدخلوا في عمارة سكنية، فوجدوا شقة مفتوحة، فرشم أبونا الصليب ودخل هو ومن معه، واحتموا في هذا المكان فرحين.

 

أحبائي، لقد اغتصب الشهداء الصفوف الأولى في الملكوت، فجلسوا في حضن المسيح، وبجوار "إسطفانوس" الشهيد الأول الذي كان يصلِّي لله أن يغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون. أنا أسمع صوت الشهيد وهو يقول لنا- كما قال مخلصنا -: يا أحبائي، لا تبكين علىّ، بل ابكين على أنفسكم. إنه وقت لنعلم أبنائنا كما كان أباؤنا يعلمون أبنائهم عن الاستشهاد، فالتاريخ يحكي أن الأمهات كن يعلمن أولادهن منذ نعمومة أظافرهم كيف يقفون أمام أي إنسان وأمام أية إغراءات، يجاهرون بإيمانهم بالمسيح. لا تشعر يا عزيزي باليأس، فالله لن يترك شعبه، ولن يترك كنيسته، ولن يدع "مصر" في يد الشيطان، فهي بلده الثاني التي زارها في الجسد وباركها. فقط أنظر ما فعله أولادنا وبناتنا وآباؤنا وأمهاتنا وأنت تعرف الفرق، فأولاد الله ظاهرون وأبناء أبليس أيضًا. يا إخوتي، ما فعله هذا الأب يؤكِّد حقيقة أن الفرق واضح وجلي بين القاتل الحاقد والمجني عليه المحب.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :