زينب عبداللاه
هل تخيل أى منا حال ابنته الطفلة إذا أجبرها عدد من الأشخاص على التجرد من كل ملابسها، بل هل يرد على ذهن أى منا أن هذه الجريمة يمكن أن تحدث داخل المدرسة التى يفترض أن تكون من أكثر الأماكن الآمنة على أبنائنا، والأكثر بشاعة هل تخيلت أن يقوم بذلك أخصائية اجتماعية بالمدرسة مهمتها أن تلاحظ أبناءنا وتعالج ما قد يعتريهم من مشكلات تعيقهم عن الدراسة، وعدد من المدرسات مفترض أن يحافظن على بناتنا كأمهاتهن.
بالطبع لا يمكن أن يستوعب أحد كل هذا السيناريو، ولكنه حدث بالفعل داخل إحدى المدارس الحكومية التابعة لإدارة طوخ التعليمية.
" إخلعى كل هدومك دلوقتى عايزة أشوفك كأنك لسة نازلة من بطن أمك".. كيف كان وقع هذه الكلمات الصادرة من الأخصائية الاجتماعية على طالبة المرحلة الاعدادية التى لا يتجاوز عمرها 14 عاما، بعدما اصطحبتها مدرستان عنوة إلى حمام المدرسة، بينما تصرخ الطفلة مذعورة وسط زميلاتها، وتقسم أنها لم تسرق الهاتف المحمول الخاص بإحدى المدرسات.
كيف كانت مشاعر الطفلة وهى تستنجد وتبكى رافضة أن تخلع ملابسها، فإذا بأيدى الأخصائية الاجتماعية وزميلتها المدرسة تعبثان بجسدها وتمتد أيديهما عنوة لتخلعان ملابس الطفلة المذعورة التى لم يشفع لها كل الأيمانات التى أقسمت بها وكل الذعر والرعب والرعشة والبكاء والتوسل فى محاولة لاستعطافهما، ولكنها استمرتا فى ارتكاب الجريمة البشعة حتى وقفت الطفلة أمامهما عارية تماما، فانتهكتا أماكن حساسة من جسدها ؟
كيف كان شعور الطفلة فى هذه اللحظات وبعد أن خرجت أمام زميلاتها وجميعهن يعرفن أن إثبات براءتها من سرقة الموبايل استلزم إجبارها على خلع كامل ملابسها؟، وكيف كانت مشاعر الأم حين عادت إليها ابنتها المتفوقة منتهكة ومنهارة بعدما تعرضت له رافضة أن تعود إلى المدرسة، بل كيف كانت مشاعرها حين ظنت أن مدير المدرسة سيغضب ويثور على ما حدث ويعاقب المدرسات اللاتى اشتركن فى هذه الجريمة، فإذا به يعنف الطفلة ويقول للأم أن الموضوع بسيط وما حدث أمر طبيعى للتأكد من براءة الطالبة؟!- طبقا لما أكدته والدة الطالبة-
هكذا اكتملت كل أركان جريمة الانتهاك التى وقعت أحداثها نهاية العام الماضى داخل إحدى المدارس ونشرتها بعض المواقع على لسان الأم وابنتها، بعدما لم يجدا سبيلا للحصول على حق الطفلة سوى بالنشر فى وسائل الإعلام، لترصد إدارة الإعلام بالنيابة الإدارية هذه الواقعة وتحقق فيها وتخطر نيابة بنها، وتقرر إحالة 3 أخصائيات ومعلمة، بالمدرسة للمحاكمة العاجلة، بعدما أظهرت التحقيقات أن المتهمتين الأولى والثانية انتهكتا الطالبة باصطحابها إلى دورة مياه المدرسة وتفتيشها بحثاً عن هاتف محمول مسروق، وإجبارها على التجرد من كافة ملابسها عنوة بطريقة تضمنت انتهاكها جسدياً ، كما تبين من التحقيقات إهمال المتهمة الثالثة بوصفها مشرفة الدور، والمتهمة الرابعة بوصفها المشرف العام عن ذلك اليوم في أداء واجباتهما الوظيفية، مما سمح للمتهمتين الأولى والثانية بارتكاب هذه الجريمة، وقررت النيابة إحالة المتهمات جميعاً للمحاكمة العاجلة، واستبعاد المتهمتين الأولى والثانية من أعمال التدريس.
هذه الجريمة البشعة التى وقعت أحداثها داخل مدرسة نضعها أمام وزير التعليم، ومعها العديد من الأسئلة التى تحتاج لإجابات وتحركات حتى لا يتعرض أى من أبنائنا وبناتنا لمثل ما تعرضت له هذه الطفلة المسكينة، وحتى يعود لهذه الطفلة حقها وكرامتها المهدرة، فأى مؤهلات واختبارات تلك التى يتم على أساسها المدرسين والأخصائيين الاجتماعيين، وهل يمكن أن تتطور العملية التعليمية وفى مدارسنا مسئولين يفكرون بهذه العقلية وتلك الطريقة التى لا تصلح حتى فى السجون ؟، وهل كان يفترض أن تنتظر الطفلة ووالدتها كل هذه الشهور حتى يتم التحقيق فى الأمر وإحالة هؤلاء المدرسات للتحقيق؟، وكيف مرت كل هذه الفترة على الطفلة وأسرتها، دون أن تتحرك الوزارة ؟
ورغم كل هذا القبح والانتهاك تبقى لمحات مضيئة فى هذه القضية لا يجب أن نغفلها، أهمها دور وسائل الإعلام فى تحريك هذه القضية ولفت الانتباه إليها ودور النيابة الإدارية فى متابعة القضية بعد نشرها والتحقيق فيها لإعادة حق الطالبة ومحاكمة من انتهكوها.
نقلا عن اليوم السابع