سليمان شفيق
المصريون يصومون 467 يوما كل عام ، ولا أعتقد أنه يوجد شعب في العالم له علاقة بالصوم مثل الشعب المصري، وصدق أو لا تصدق أن المصريين مسلمين ومسيحيين يصومون «467» يوما من السنة التي تبلغ أيامها ما بين «365 – 366» يوما؟!
أصوام الأقباط فهي: «55» يوما الصوم الكبير، وثلاثة أيام يونان، «42» يوما الصيام الصغير، و«40» يوما صيام الرسل، و«15» يوما صيام العذراء، ومن الممكن أن يزيد صيام العذراء اختياريا إلى «21» يوما، إضافة إلى يومي الأربعاء والجمعة ليصل عدد الأيام إلى «256» يوما ممكن أن تزيد اختياريا إلى «266» يوما، وهكذا يبلغ إجمالي صوم المصريين مسلمين ومسيحيين «406» أيام، وفى حالة الزيادات التقوية التطوعية تصل اصوام المصريين «467» يوما من «365» يوما، أي أن المصريين يصومون أزيد من أيام السنة بحوالي «100» يوم؟!
أما أصوام المسلمين :في كتاب «فقه السنة – العبادات، المجلد الأول»، أن المسلمين إضافة إلى شهر رمضان المعظم، يصومون: ثلاثة أيام في شهر شعبان «13 – 14 – 15»، ووقفة عرفات يزيدون اختياريا إلى عشرة أيام، وفى شوال الستة أيام البيض، وأول ونصف رجب والسابع والعشرين منه، بالإضافة إلى «104» أيام اختياريا، وهى الاثنين والخميس، ليصل الإجمالي ما بين «147» يوما يزيدون اختياريا إلى «201» يوما.
ترى ما السبب الذى يجعل الشعب المصري يصوم بهذه الإعداد من الأيام؟ ترى هل هي حب لله ورسله، أم تقوى للرحمن أو خشية من عقابه؟ أم أن الأمر يرتبط بشدة المظالم التي مر بها هذا الشعب على مختلف العصور، فلم يعد أمامهم سوى الزهد والتوكل على الله في طرح هذه المظالم، أم أن قيم الحرمان النسبي
والتحديات الكبيرة الاجتماعية دفعت مقدرات الشعب على الانقطاع عن الطعام؟
كل تلك المناحي جعلت المصريين يرتبطون بالصوم روحيا ودينيا وارتباط ذلك جليا بالهوية المصرية منذ عصور الفراعنة وحتى الآن.
كما أن التاريخ يذكر أن انتصارات المصريين كانت تحدث دائما فى اوقات الصيام ، معركة عين جالوت والانتصار على التتار، ومعركة حطين والانتصار على الصليبيين واستعادة بيت المقدس وصولا إلى نصر العاشر من رمضان وهزيمة العدو الصهيونى في اكتوبر (10 رمضان) 1973.
هكذا فالروحانية والزهد والصوفية فى القلب والحشا، فالمصريون مسلمين وأقباطا يحتفلون بما يزيد على مائة مولد واحتفالية لولى أو قديس أو قديسة، إضافة إلى الأذكار التي يذكر فيها اسم الله وتروى فيها قصص السلف الصالح، هذه الهوية الروحية لشعبنا العظيم تتجاوز كل فهم.. وتتجذر فى المخيلة وتنموا من جيل إلى جيل في الوجدان.
بعيدا عن دواعي الاحتشام التي يطالب بها بعض "الغريزيين" ، الذين يلخصون الاصوام في متاعب جسدة الشخصية دون ادراك لان "إن النفس أمارة بالسوء فإذا عصتك في الطاعة فاعصها أنت في المعصية. - الحسن البصري"،" وليس جسد المرأة ، و"اذا عثرتك عينك فأقلعها"، لان العين سرج الجسد ، (كما قال السيد المسيح).
لكن هؤلاء "الغريزيين ـ الجسدانيين" ، لايرون النجاسة التي في اعينهم بل يبحثون عنها في جسد المرأة .
وكل سنة وانتم طيبين والوطن في سلام ورمضان كريم .