"تحول الراعي إلى ذئب بشري لم يرق إلى فطرة الإنسانية، فعصفت به شهواته الدنيئة ليذبح شرف بناته الثلاث بيده مستخدمًا سلطته وسطوته عليهن، فجعل حرماته مرتعًا لشهواته".

في أبريل من العام الماضي، فوجئت الأم بتغيب طلفتها البالغة من العمر 8 سنوات عن المنزل لمدة طويلة دون علمها، فذهبت لتبحث عنها هنا وهناك فلم تجدها، فتوجهت إلى حقل زوجها المزارع، والد الطفلة، لتكتشف الطامة الكبرى عندما وجدت الأب يعاشر طفلته معاشرة الأزواج.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فما خفي كان أعظم، عادت الأم إلى منزلها لتروي ما حدث إلى ابنتيها المتزوجتين، لتكتمل الحكاية باعترافهما لها أن والدهما يكرههما أيضًا على معاشرته مستغلا انفراده بهما، وإحداهما حملت منه سفاحا.

فكرت الأم كثيرا قبل أن تتوجه إلى قسم الشرطة، وتفضح أمر زوجها الذي شذ عن كل معاني الفطرة والسلوك الإنساني، فالأمر لا يسلم من بطش الزوج وعار يدنس الأسرة وشرفها، إلا أنها لم تضعف ورأت في إبلاغ الشرطة حرية لبناتها من أسر أب تلاعب به الشيطان.

اعترفت البنات الثلاث على والدهن أمام النيابة العامة، بأنه عاشرهن بالقوة والتهديد وبغير رضائهن لعدة سنوات، مستغلا سلطته عليهن والاختلاء بهن داخل أماكن خاصة لكونه والدهن واعتاد خلال تلك الفترة مواقعتهن عنوة وإيلاج عضوه الذكري بفرجهن مرات عديدة مهددا إياهن بإيذائهن وأيذاء والدتهن زوجته متخذا من زواج ابنتيه الكبيرتين سترا لجريمته، ومن ضعف الطفلة الصغيرة وقلة حيلتها سيبلا للاستمرار في مواقعتها.

أحيلت القضية إلى محكمة جنايات شبين الكوم التي قضت بالإعدام شنقا على المتهم "محمد .ع "، 48 عاما ويعمل مزارعا.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في عقيدة المحكمة تتحصل في أن المتهم الأب باعتبار أنه الرجل الأول والأخير في حياة عائلته وهو سندهن في هذه الدنيا، فهو الداعم لهم وهو مصدر الحنان المتوازن في بيته، إلا أنه أب مجرد من كل مشاعر الأبوة النقية الجميلة فتحول إلى ذئب طمحت به الشهوات وعصفت به جنون الرغبة المدمرة فألقت به في أتون الخطيئة، فخلط بين الحلال والحرام واستبد به شيطانه فسلب منه دينه ويقينه فبات كوحش كاسر أنفلت من عقاله، وشيطان مريد يستبيح الحرمات ويسعى في الأرض فساداً لا يعرف للأعراض حرمة ولا للحرمات قداسة، ولم تكن ضحيته إلا محارمه فأضحى غارقاً في غيه وشهواته، وذبح بجرمه أجمل القيم الإنسانية يأكل لحم بيته حياً وينهش عرضه في جرأة غيرمسبوقة فيها، فتظاهر على شريعة السماء وتمرد على قانون الأرض.

وأضافت الحيثيات أن الواقعة على النحو سالف المساق قد قام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهم من أدلة قوليه متساندة لها أصلها ومعينها الثابت بالأوراق تأخذ بها المحكمة عماداً لقضائها وذلك أخذاً بما شهد بناته بتحقيقات النيابة وما ثبت من الاطلاع على صورة قيد ميلادها، بقول بناته (ضحاياه) له: "خذ ما تشاء من الجسد فأنا جثة مسجاه أمام جزار يذبح ضحيته عن عمد".

وتبين من الوقائع أن الأب أكره ابنته الكبرى المتزوجة على ممارسة الجنس معه دوريا لدى زيارتها منزل أسرتها، مهددا إياها بتطليق أمها واغتصاب أختها الصغرى حال رفضها، فتعمدت الغياب عن زيارة الأسرة هربا منه لفترة، ثم عاد يهددها فاستسلمت له، فكان يعاشرها بانتظام لفترة تربو على الثلاث سنوات، حتى خلال فترات الطمث، وكان يتجنب الإمناء بها لتلافي حدوث حمل.

أما ابنته الثانية فقد أكرهها أيضا على ممارسة الجنس معه في منزله، بعد زواجها، وأصبح الأمر عادة بعدما انفصلت عن زوجها بعد زواج 7 أشهر فقط، حيث كان يهددها بالإيذاء الجسدي بآلات حديدية، حتى حدث أن أمنى بها فحملت قبل القبض عليه بأيام معدودة، ولما تبينت الأمر مع والدتها أسقطتا الجنين.

وذكرت المحكمة أن المقرر وفقا لنص المادة (267) من قانون العقوبات انه من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد ويعاقب الفاعل بالإعدام إذا كانت المجنى عليها لم يبلغ سنها ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان الفاعل من أصول المجنى عليها والمقرر وفقا لنص المادة (268) من ذات القانون كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالسجن المشدد.

وقالت الحيثيات إنه ولما وقر في عقيدتها ومن الصدمة التي تركت أثرا لا يمحي بمرور الزمن لأسرة بسيطة عاشت في كنف أب متهم مجرد من الضمير والمشاعر الإنسانية وراع تحول إلى وحش لم يستجب لصرخة ألم من متألم يدفع عنه ذلك الألم أغاث ثمرته بماء كالمهل، من حيث ينتظرون الرحمة.

ووجهت حديثها للأب: "نظرا لأنك أرخيت لنفسك عنان الشهوات وذبحت بجرمك أجمل القيم الإنسانية ونهشت عرض بناتك وقضيت على شرفهن الذي انفرط على جسدك كالمسبحة ومالت لديك النفس الشهوانية وانحرفت ولم تقومها نفسك الفطرية، فحبك للشهوات ليس مجرد غريزة تتدفق دون سيطرة، ولكنها إرادة واعية يمكن التحكم وتوجيهها بالقوة التي تريد".

واختتمت المحكمة حيثياتها بأنها لا ترى بديل أمامها عن توقيع عقوبة الإعدام حتى تضع حدا لمن يرتكب تلك الجرائم التي أصبحت ظاهرة فيها اعتداء على العدالة كقيمة اجتماعية وتوقيع هذه العقوبة إرضاء لتلك القيمة وتفعيل لها.

وقالت المحكمة: "إن كان القاضي غير ملزم بتوضيح مبررات توقيع العقوبة التي قضي بها إلا أن المحكمة تري أنه من الضرورة بمكان تعيين مبررات توقيع الجزاء الجنائي حتي يتم التواصل بين الدوائر الجنائية للاتفاق بقدر الإمكان على معايير واضحة، وتري المحكمة أن الضوابط التي استندت اليها في توقيع هذه العقوبة باعتبارها أكثر اتصالا بالجريمة والمجرم والمجني عليهن والواقعة الصلة بين المتهم والمجني عليهن وكونه أبا لهن، خيانة المتهم لثقة بناته المجني عليهن فيه سهولة ارتكاب الجريمة من ناحية المكان والزمان والوسيلة طبيعة".

صدر الحكم برئاسة المستشار الدكتور شوقي زكريا الصالحي، وعضوية مستشارين شريف كامل مصطفي، محمد عبدالعليم رضوان، وأمين سر عبد الحكيم جمال الدين.