هاني صبري - المحامي
قامت قوات الأمن بعقد جلسة عرفية بين مسيحيي ومسلمي عزبة نجيب بمركز مطاي في محافظة المنيا ونتج عن ذَلِك قيام الأمن بإغلاق الكنيسة بالمخالفة للدستور والقانون ووضع حراسة أمنية عليها بحجة أن هناك أعتراض من بعض المتشددين علي صلاة الأقباط في كنيستهم وذلك علي الرغم من أن الكنيسة كانت قائمة بالفعل ويمارس فيها الأقباط شعائرهم الدينية.
ونحن نتساءل ما الذي تغير بين ليلة وضوحها ؟! في بداية الأمر اعترض الأمن علي فتح الكنيسة عندما علموا بإقامة الصلاة بها، وطالبوا بإغلاقها، وفِي مشهد يدمع القلوب كان هناك أطفال صغار بداخل الكنيسة تصرخ وتبكي لعدم غلق الكنيسة، وسط حالة من الحزن والمرارة لدي الكبار لأنهم يريدون حرمانهم من الصلاة، بعدها أخذوا وعداً من الأمن بالصلاة في كنيستهم وعدم إغلاقها، مع إلزامهم بإستكمال كافة الأوراق الرسمية للكنيسة. وفجأة تغير الأمر ١٨٠ درجة وأغلقوا الكنيسة بدعوي عدم موافقة المتشددين.
السؤال المطروح: من نصب هؤلاء المتشددين أولياء وإوصياء على الأقباط وعلى المجتمع، وما الذي يضر المتشددين من صلاة الأقباط في كنيستهم في قرية نسبة ٨٠ ٪ من سكانها أقباط.
وهنا ندق ناقوس الخطر إذا لم تذهب الدولة إلى المنيا ستذهب المنيا بالدولة.
ونحن نقرر مادام الملف القبطي يدار من منظور أمني فقط سوف يزداد معاناة الأقباط، يا سيادة الأمور تحتاج معالجات أخرى يجب تطبيق دولة سيادة القانون، ورفض جلسات العار العرفية للصلح الزائف الكل خاسر فيها وتكون هيبة الدولة على المحك، ويولد شعور لدى المتشددين بالقوة وأنهم فوق القانون، وشعور لدى المجني عليهم بالظلم والقهر لغلق كنائسهم وضياع حقوقهم، ويتكرر هذا السيناريو المؤسف وينتقل عدوى الأعتداء على الأقباط الذي لا ينتهي من مكان لآخر لقهرهم ومنعهم من الصلاة كأننا نسير في حلقة مفرغة ونكتفي بدور المتفرجين والشجب والإدانة وننتظر وقوع الأحداث القادمة التي تحدث بنفس الكيفية وكأننا لا نتعلم من أخطائنا السابقة.
والجدير بالذكر أن منع الأقباط من ممارسة أبسط حقوقهم المشروعة في حرية العبادة وحرية ممارسة الشعائر الدينية في كنيستهم مخالف لكافة الدساتير المصرية المتعاقبة والدستور الحالي في مادته (٦٤ )، ومخالف أيضاً لقانون بناء الكنائس رقم ٨٠ لسنة ٢٠١٦ الذي يقرر أنه لا يجوز منع أو وقف ممارسة الشعائر والأنشطة الدينية في أي من هذه المباني وملحقاتها لأي سبب كان، ولا يُوجد أي قانون في الدولة يمنع حرية العبادة وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
وقوع الأقباط بين المطرقة والسندان فمن ناحية نجد إساءة استعمال السلطة من قبل بعض الجهات المعنية والموائمات الأمنية والسياسية لإغلاق الكنائس.
ومن ناحية أخرى، التيارات الدينية المتطرفة التي ترفض قبول الآخر ويتخذوا من صلاة الأقباط في كنائسهم ذريعة للنيل منهم وتهديد السلام الاجتماعي للبلاد،
لذلك يجب على كافة السلطات المعنية بالدولة أن تتحمل مسئولياتها الدستورية والقانونية والتدخل السريع والعاجل لحل هذه الأزمات، ولعل الحل الوحيد الآن هو تطبيق دولة سيادة القانون وإحترام مبدأ المواطنة والاستجابة لمطالب الأقباط العادلة بفتح كنيسة عزبة نجيب بمركز مطاي فوراً، وفتح كافة الكنائس الآخري المغلقة بالمخالفة للدستور والقانون ومباشرة الأقباط لشعائرهم الدينية بحرية كاملة.
كما نطالب اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفيّة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم ٦٠٢ لسنة ٢٠١٨م إتخاذ كافة التدابير الاحترازية اللازمة وفقاً للقانون لمواجهة مثل هذه الأزمات لمنع حدوث أحداث طائفية تضر بمصلحة البلاد وإيجاد حلول فعالة لكافة القضايا العالقة، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه النيل من سلامة وأمن المجتمع ووحدة المصريين.