خالد منتصر
عندما شاهدت حدائق الإسماعيلية أمس فى شم النسيم مليئة ومزدحمة بشكل أكبر من كل سنة زاد اطمئنانى على مصر المحروسة، وزاد إيمانى بأن أهلها سينتصرون حتماً على كل مظاهر الفاشية الدينية. نواة مصر الجميلة الأصيلة كانت قد تكلست بعض الشىء وغلفتها أفكار سلفية متشددة ومتزمتة، لكن ظلت النواة المصرية محتفظة بجينات البهجة والحب والود والتسامح، لم تكن تحتاج إلا زفرة هواء لكنس تراب التجهم عنها. كان قد داهمنى الإحباط وأنا أقرأ تعليقات البعض فى وسائل التواصل على تهنئة دار الإفتاء ونقابة المهندسين للأقباط بعيد القيامة وشم النسيم، تعليقات فى منتهى الغل والسواد والسفالة والحقد والبربرية، جهة دينية تبعث تهنئة فيدخل آلاف الضباع على الفيس بوك بالشتائم والسخرية والتطاول، نقابة المهندسين التى تضم خيرة العقول العلمية التى تفكر بالخطط والتصميمات والإحصاءات، يدخل البعض عندما يقرأون التهنئة بسكاكين وخناجر الكلمات الجارحة رافضين تهنئة إخوتهم المسيحيين!!
أصابنى الاكتئاب وقلت: إذا كان هذا هو حال رواد الفيس بوك، فماذا سيكون حال البسطاء؟ جاءنى الرد من حدائق الإسماعيلية المبهجة وهى تحتضن الجميع، مسلمين ومسيحيين، بسطاء غير مهمومين بالفيس بوك وتويتر، لا تشغلهم اللايكات ولا يبحثون عن الشير، يعيشون بفطرة المصرى الذى يقول: «موسى نبى وعيسى نبى ومحمد نبى وكل من له نبى يصلى عليه»، نفض عن ملابسه، ونفضت عن ملابسها، غبار الفكر الإخوانى المتشدد الذى كان يبحث عن المكسب السياسى على جثة هوية الوطن. هذا العام حاول البعض اختلاق صراع وهمى بين رمضان كمناسبة دينية إسلامية، وشم النسيم كمناسبة دينية مسيحية، وطرحوا التحدى قائلين: «حنشوف مين اللى حتحتفلوا بيه بحماس»!! وكأننا فى مباراة أهلى وزمالك. هتف المصريون ولاد البلد: «حنحتفل بالاتنين ونفرح بالاتنين، شم النسيم عيد مصرى، ورمضان نحن مصّرناه وأكسبناه طعمنا حتى صار كل المسلمين يقولون اللى ماشافش رمضان فى مصر ولم يعشه فى الحسين لم يذق طعم رمضان الحقيقى». عرفت وقتها أننا قد حوّلنا الفيس بوك إلى مورستان وعنبر خطر، وأن مصر أكبر من قبيلة الفيسبوكيين والتويتريين والإنستجراميين، من هم خارج تلك القبيلة قالوا كلمتهم وتحدوا تلك القبيلة ذات الصوت العالى الذى اتضح أنه ليس الصوت الوحيد وليس الصوت الحقيقى والصادق على الدوام.
نقلا عن الوطن