17 مايو يبدأ عادل إمام رحلته إلى شاطئ الـ80، وهو يوم يستحق منا أن نحيله إلى احتفالية كبرى مصرية وعربية، السبب تستطيع تلخيصه فى جملة واحدة (لأنه عادل إمام)، أنتظر أن يفكر الأصدقاء فى وضع تفاصيل خاصة لهذا اليوم الاستثنائى، فهو حالة كونية وليس فقط عربية، لم يستطع نجم فى العالم كله أن يعتلى القمة بالأرقام على مدى 40 عاما.
فى الأيام الأخيرة شغلت حالته الصحية كل الدنيا (لأنه عادل إمام)، من يعلنون القلق يساهمون بحسن نية فى رواج الشائعة، أوقن أن القسط الأكبر بينهم من عشاقه، عندما نحب نقطع الخط الفاصل بين الحياة والموت، مثلما نقول (بحبك موت) أو يقول الشوام (تقبرنى) وغيرها، الشائعة رغم سخافتها تحمل فى عمقها خوفًا زائدًا على صحة عادل أمام.
ربما يُصبح السؤال المباشر هو: لماذا لا يطل عادل على محبيه فضائيا ويطمئن الجميع؟ الإجابة هى أيضا (لأنه عادل إمام)، وتلك واحدة من مفاتيحه، فهو منذ أن بدأ المشوار مطلع الستينيات، وكان لا يملك أحيانا ثمن التاكسى، إلا أنه كثيرا ما قالها تلك الكلمة العزيزة (لا)، ليس معنى الاحتياج أن يقول بالضرورة (نعم)، عادل حريص على أن يملك هو الفعل وزمام المبادرة، مهما كان مجبرًا على الاستجابة، ولهذا يرفض أن يُصبح ظهوره على الشاشة رد فعل لفعل الشائعة.
قبل بضع سنوات رن الهاتف وكان المتحدث عادل: (طمنى بقالك مدة ما بتشتمنيش، أجبته ضاحكا: تتعوض أنا كنت مسافر)، عادل يصف النقد مثل أغلب الفنانين بأنه شتائم، لا أحد خلال الثلاثين عاما الأخيرة وجّه لعادل انتقادات فنية وسياسية مثلما كتبت.
أطل على عادل بزاوية مختلفة، فهو ربما يصمت بينما كنت أنتظر منه أن يصرخ، أحيانا يسكن بينما كنت أنتظر منه أن يلهث.
عادل لديه معادلته الأخرى التى تتدخل فيها عوامل متعددة، وهى التى صنعت اسمه، الرهان الأول لعادل على الرقم الذى يحققه العمل الفنى يؤدى إلى أن تضيق أمامه دائرة الاختيارات، نظريًا ما أقوله هو الصواب، المغامرات الفنية ليست مضمونة النتائج جماهيريا بل ربما تصدم المتفرج، ولكنها مع الزمن ستصبح هى الأفضل، لديكم كنموذج فيلم (الحريف) لمحمد خان، واحد من أفضل ما قدم عادل كفن أداء ممثل، ولكنه لم يحقق الرقم فى شباك التذاكر، كان عادل يقول ساخرًا: ربما يهتم خان فى التكوين البصرى والدرامى للقطة تحتل فيها الشجرة مساحة أكبر من الممثل فى (الكادر) وتضيع تفاصيل أداء الممثل، وهو لهذا لا يعتز كثيرا بـ(الحريف)، عمليا قرأ عادل الخريطة الفنية وتأكد أنها تحترم فقط الرقم، فهو الدليل العملى الوحيد الذى من خلاله يتغير موقع النجوم بين القمة والقاع، كلما ارتفع لأعلى وجدنا ليس فقط النجم يحصل على الأجر الأكبر، ولكن يتحول العمل الفنى ليصبح برمته مشروع عادل إمام.
بينى وبين عادل تباين فى زاوية الرؤية كانت وستظل، ولكن المحصلة النهائية هى أن كل ما رأيته من سلبيات فى اختياراته شكلت له خصوصية وتواجدا لم وأضيف لن يسبقه إليها أحد.
لأول مرة بعد 7 سنوات يغيب عادل إمام عن لقاء الجمهور فى رمضان، إلا أنه حاضر دائما، يبدأ بعد 20 يوما عامه الثمانين، يستحق أن نقيم له احتفالية خاصة، فهو صانع البهجة الاستثنائية الأول فى العالم العربى، فقط (لأنه عادل إمام)!!.
نقلا عن المصري اليوم