قيامة السيد المسيح – بعد صَلْبه – هما الحدثان الضخمان اللذان بهما تحدَّتِ المسيحيةُ، منذ نشأتها، الدينَ والعقل. فقد اعتبرت المسيحيةُ كلها، منذ نشأتها وحتى كتابة هذه السطور أن قيامة السيد المسيح هي برهانها الضخم – إذ هو الحدث التاريخي الفريد المعجزة في تاريخ البشرية – فركزتِ الحياة المسيحية عليه وجعلتْه عيدًا أسبوعيًّا يعرف بــ"أسبوع الآلام" ،كما اعتبرت المسيحة كلَّ يوم أحد، هو شهادة وتاريخ على قيامة المسيح من في الكنائس
كما تعتبر قيامة السيد المسيح مهمة ذات قيمة كبيرة في المسيحية بل هى صلب المسيحية، لأنها تشهد عن قوة الله العظيمة. فالإيمان بالقيامة يعني الإيمان بالله. فان كان الله موجوداً، وقد خلق الكون وله السلطان عليه، إذاً يكون له السلطان على إقامة الأموات. "«أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟»" (1 كو 15: 55) وإن لم يكن له هذا السلطان، فهو غير ولا يستحق إيماننا أو عبادتنا. فالذي خلق الحياة ويستطيع إقامة الموتى، هو الوحيد القادر أن يغلب الموت، وهو الوحيد الذي يستطيع أن ينزع شوكة القبر وينتصر عليه (كورنثوس الأولى 15: 54-55). فقيامة السيد المسيح من الموت، يذكرنا الله بسلطانه المطلق على الحياة والموت.
ومن قيمة قيامة المسيح أنها تثبت مصداقية ما قاله السيد المسيح عن نفسه وبالتحديد من هو المسيح؟ المسيح هو الله الكلمة وهو إبن الله والمسيا المنتظر. وبحسب ما قاله المسيح، فإن قيامته من الموت كانت "علامة من السماء" تثبت مصداقية خدمته،وقد ذكر معلمنا متى قائلاً:" وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالصَّدُّوقِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ.فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِذَا كَانَ الْمَسَاءُ قُلْتُمْ: صَحْوٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ.وَفِي الصَّبَاحِ: الْيَوْمَ شِتَاءٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ بِعُبُوسَةٍ. يَا مُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ السَّمَاءِ، وَأَمَّا عَلاَمَاتُ الأَزْمِنَةِ فَلاَ تَسْتَطِيعُونَ!جِيلٌ شِرِّيرٌ فَاسِقٌ يَلْتَمِسُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ». ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَمَضَى. (متى 16: 1-4).
لقد شهد المئات من شهود العيان على قيامة المسيح (كورنثوس الأولى 15: 3-8)، ونتذكر هنا إيمان اللص اليمن على الصلب لقد إدرك هذا اللص أن هذا الرجل بالحق هو ابن الله،لدرجة وصلت بالكتاب والباحثين يطلقون عليه لقب "سارق الملكوت"،حتى في ساعة صلبه عبرت الطبيعة عن ذلك. وكان كل ذلك مقدمات وبركات وقيمة للقيامة. وتعطينا قيامته دليل لا يدحض على كونه هو مخلص العالم. وهو المسيا المنتظر!! فما قيمة قيامة السيد المسيح في حياتنا؟.
من قيمة القيامة إثبات على كل ما ورد في الكتاب المقدس بالعهد القديمـوإثبات على مصدقيته حيث تثبت صدق نبوات العهد القديم التي تنبأت بآلام المسيح وقيامته (أنظر أعمال الرسل 17: 2-3). كما أن قيامة المسيح تثبت ما قاله بأنه سوف يقوم في اليوم الثالث،كما دون لنا معلمنا مرقس قائلاً:" "وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ." (مر 8: 31). لو لم يكن المسيح قد قام من بين الموات، فلا رجاء لنا أن نقوم نحن أيضاً. في الواقع، بدون قيامة المسيح ليس لنا مخلص أو خلاص أو رجاء للحياة الأبدية. وكما قال بولس الرسول، يكون إيماننا "باطلاً"، والإنجيل بلا قوة، وخطايانا بلا مغفرة (كورنثوس الأولى 15: 14-19).
قال السيد المسيح عن نفسه" «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا،" (يو 11: 25) ،هنا أكد السيد المسيح على أن قيمة الإيمان به وبتعاليمه هم الطريق إلى الحياة الأبدية. المسيح يعمل أكثر من أن يمنح الحياة؛ هو نفسه الحياة، ولهذا لا يملك الموت سلطاناً عليه. ويسوع يمنح الحياة لمن يثقون به، حتى نستطيع أن نشترك معه في إنتصاره على الموت (يوحنا الأولى 5: 11-12). فنحن الذين نؤمن بالسيد المسيح سوف نختبر القيامة شخصياً لأن لنا الحياة التي يمنحها لنا المسيح وقد غلبنا الموت. من المستحيل أن يغلبنا الموت (كورنثوس الأولى 15: 53-57). قيمة قيامة السيد المسيح هى علامة بارزة في التاريخ على إنتصار الحق وكشف الخيانة والشهود الزور والقادة العميان أين هم الآن؟ .
أكثر من ذلك، إنّ السيّد المسيح يعرب عن نفسه قائلاً: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. .....وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟»(يو 11: 25)-26) هذا ممّا يزيد إيمان المؤمنين ثباتاً بأنّهم يشتركون منذ حياتهم الحاضرة في سرّ الحياة الأبديّة. والحياة الأبديّة يمكن أن يحياها المؤمن منذ اليوم، وقبل وفاته، إذا اتّخذ المسيح سيّداً على حياته وسعى إلى تطبيق تعاليمه في حياته اليوميّة. الحياة الأبديّة ليست شيئاً مستقبليّاً غائباً اليوم وسيأتي فيما بعد. بل هي واقع يحياه المؤمن من خلال التزامه الحياة في الكنيسة وممارسة الأسرار، وبخاصّة سرّ الإفخارستيّا. وهذا بناء على كلام الربّ: “مَن يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة الأبديّة وأنا أقيمه في اليوم الأخير” (يوحنّا 6: 55). لا يقول السيّد المسيح، هنا وفي أماكن أخرى من إنجيل يوحنّا، إنّ المؤمن ستكون له الحياة الأبديّة يوماً ما، بل يؤكّد بصيغة المضارع الحاضر، “فله الحياة الأبديّة”. هذا يعني أنّ المؤمن بيسوع يبدأ، من هذه الحياة الدنيا، بتذوّق الحياة الأبديّة منذ دخوله في معيّة مع الربّ يسوع. كل عام وأنتم بخير... للحديث بقية!!