بقلم :اقلاديوس ابراهيم -  لندن

خلال يومين متتاليين قام اقباط المملكة المتحدة وايرلندا بمظاهرتين، الاولى يوم السبت 15 اكتوبر في دبلن وبلفاست بايرلندا وبدأت بمسيرة انتهت بالوقوف امام مبنى البرلمان، والثانية في اليوم التالي مباشرة في لندن احتشد فيها المئات من المتظاهرين الاقباط امام مبنى مجلس اللوردات الملحق بمبنى البرلمان البريطاني.
وقد خرجت هذه المظاهرات على أثر أحداث ماسبيرو الدامية أمام مقر التلفزيون المصري في القاهرة يوم الاحد 9 اكتوبر والذي اطلق عليه يوم "الاحد الدامي"، ونددت المسيرتان بأحداث العنف التي مارسها البلطجية، وقوات الشرطة العسكرية، وجنود القوات المسلحة ضد المتظاهرين العزّل الذين لم يكونوا يحملون سلاحاً سوى الصلبان وصور القديسين، ويرددون الصلوات والترانيم طوال مسيرتهم من دوران شبرا حتى وصولهم الى ماسبيرو.
كما ندد المتظاهرون بما قام به التلفزيون المصري الرسمي من تحريض للمسلمين ضد الاقباط، ومحاولات الحكومة المصرية والمجلس العسكري اليائسة لتضليل الرأي العام المحلي والعالمي بتبرئة القوات المسلحة من عمليات اطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين الاقباط، ودهسهم بالمدرعات.
وشارك في التظاهرتين العديد من الاباء الكهنة الذين جاءوا من كل انحاء بريطانيا، يتقدمهم نيافة الانبا انتوني اسقف ايرلندا واسكتلندا وشمال شرق انجلترا، ولم يتمكن الانبا انجيلوس الاسقف العام بانجلترا من الحضور لدواعي سفره. كما شارك الاقباط ممثلون عن الطوائف المسيحية الاخرى، واعضاء في البرلمان، وناشطون في جمعيات حقوق الانسان. وقامت وسائل الاعلام المرئية والمقروءة بتغطية هذا الحدث. وشارك ايضاً بعض من الاخوة المسلمين العقلاء في تظاهرة لندن.
 
بدأت المظاهرة بصلاة الشكر ثم تلاها موكب النعش الرمزي مع الالحان الحزينة، ثم كلمة من نيافة الانبا انتوني التي اشار فيها الى ما يحدث في عصر الظلم والاضطهاد الذي يعيشه الاقباط في مصر حالياً، واوضح أن الله سيتدخل بقوة وبطريقته الخاصة، لأنه لن يرضى ابداً لشعبه ان يستمر تحت سيف هذا الاضطهاد الممنهج، طالباً من الجميع رفع قلوبهم بالصلاة من أجل ان يبدد الله مشورة هؤلاء الغوغاء كما بدد مشورة اخيتوفل.
وفي كلمة حماسية قوية من الدكتور ابراهيم حبيب رئيس منظمة اقباط متحدون ببريطانيا كشف فيها كل مخططات القتل والارهاب الذي يمارسه المتأسلمون بمساندة الحكومة ضد الاقباط. كما القى الدكتور حلمي مرقس رئيس منظمة اقباط المملكة المتحدة كلمة اشار فيها الى محاولات تنفيذ مخطط التطهير العرقي ضد اقباط مصر، وطالب من الجميع الوقوف يدا واحدة لمواجهة هذه العنصرية الدينية. 
أما الدكتور عمر اسماعيل رئيس اتحاد المصريين بانجلترا، والدكتور حسام عبدالله، وهما من الاخوة المسلمين العقلاء وغيرهم ممن شاركوا في هذه المظاهرة فقد ركزوا على ضرورة الوقوف يدا واحدة ضد هذه الاعمال الاجرامية، وأنهم يرفضون مع غيرهم من عقلاء المسلمين بل وينددون بكل ما وقع من أحداث مؤسفة في ماسبيرو، وانهم ما جاءوا الى هذه المظاهرة الا ايمانا واقتناعا منهم بأن ما وقع على الاقباط ما هو الا ظلم وافتراء، ولابد من تفعيل القانون على القتلة والمحرضين عليه. وتخلل الكلمات بعض الهتافات الحماسية التي نادت بحقوق الاقباط، وطلب العدالة، والقبض على المجرمين ومحاسبتهم، ووحدة الشعب المصري بمسلميه ومسيحييه.
 
وما استرعى انتباه المارة من الاجانب، ليس اللافتات التي رفعها المتظاهرون، ولا الهتافات التي رددوها، بقدر ما أدهشهم تواجد الاطفال والشباب بكثرة، كذلك مشاركة كبار السن رجالاً وسيدات، فقد حمل الشباب على اكتافهم نعشاً رمزياً باللون الاسود، طافوا به الميدان وسط الالحان الحزينة، يتقدمهم الاطفال حاملين الشموع، وخلف النعش الرمزي اصطف الاباء الكهنة ومعهم نيافة الانبا انتوني وخلفهم العديد من جموع المتظاهرين في منظر مؤثر استوقف المارة في الشارع ليقرأوا اليافطات ويستمعوا الى الصلوات والابتهالات، لدرجة ان أحد المارة من البريطانيين تأثر بما سمعه ورآه على شاشة الاسكرين الكبرى التي اعدت لهذا الغرض لعرض جريمة سحق الاقباط تحت عجلات المدرعات واطلاق الرصاص والتحريض عليهم، عندما علم بهذا الأمر ورآه بعينيه طلب الكلمة ووقف على المنصة وتحدث بكل قوة وتأثر عما يحدث للاقباط في مصر من ظلم واضطهاد مؤيدا ومؤازا لهم. 
ولكل دعاة الكراهية وشيوخ السلفية، الذين لعن احدهم الشهيد مينا احد شهداء ماسبيرو بقوله "ملعون مينا... من قال انه شهيد؟"، نقول لمثل هذا الشيخ وغيره الذين يلعنون المسيحيين بمناسبة وغير مناسبة، ان تعاليم ديننا المسيحي السامية تعلمنا، بل تطلب منا ان نبارك من يلعنوننا ونصلي لأجل الذين يسيئون الينا. تذكروا رحمة الله بعباده فان لم ترحموا من في الارض فلن يرحمكم من في السماء.